صدر عن الدكتور وجيه فانوس، رئيس “ندوة العمل الوطني”، البيان التّالي:
لطالما نادينا، في “ندوة العمل الوطني”، بضرورة المحاسبة الجدّيّة لكلّ ما يتعلّق بالمال العام، من هدر وسوء إدارة؛ وكذلك بما يرتبط بالأموال المودعة من قبل النّاس لدى المصارف؛ وها نحن نفاجأ، بذهول بالغ، كيف أنّه، وبعد مرور كلّ هذا الوقت، ومع بداية محاولة التّحضير لمساءلة مسؤول ما، كيف تقوم احتجاجات صاخبة واعتراضات هادرة متوعدة، تأنف حتى من بداية لفتح إمكانيّة باب المساءلة لبعضهم؛ فيكون ثمّة محاولات، من مسؤولين رسميين، لعقد اجتماعات مع مجلس القضاء الأعلى، على ما في هذا من تدخّل سافر في شؤون القضاء، كما يصار إلى اعلان للمصارف عن التوقّف عن القيام بأعمالها الواجبة تجاه المودعين لديها، بما في هذا من تخلّ سافر عن أمانة المسؤوليّة المصرفيّة. وانطلاقًا من هذا جميعه، فإنّنا في “ندوة العمل الوطني” نرفض هذا الوضع العام برمّته، إذ لا نرى فيه سوى ازدراءً أرعنًا بالقوانين وانتهابًا فاضحًا لحقوق المواطنين وعماءً مطلقًا عن الحق الدّيمقراطيّ في الوصول إلى المعلومات، وإجراء المحاسبة العامّة للمسؤولين، والاقتصاص من كلّ معتد على الحقّ العام، وإعادة الحقوق إلى أصحابها.
ومن جهة أخرى، والمواطنون يقتربون من موعد إجراء الانتخابات النّيابيّة العامّة، على مستوى الوطن بكليّته؛ وهي المناسبة الوطنيّة الدّيموقراطيّة الكبرى، لحقّ الشّعب في محاسبة ممثّليه في النّدوة البرلمانيّة، وتقديم ما يناسب عمل كلّ واحد منهم من ثناء ومكافأة أو لوم ومجازاة؛ كيف أنّ التّحقيقات القضائيّة في الأهوال التي جرّت من خلال التّفجير الذي حصل في مرفأ بيروت، منذ سنتين، ما برحت تائهة بين اعتراض على محقّق أو احتجاج على طريقة استدعاء لمسؤول. وإنّنا أمام هذا العجز في متابعة التّحقيق، قد نجد كثيرًا ممّا يمكن أن يقود حتّى إلى إعادة التّفكير في قدرة القضاء على حُسن الإشراف على الانتخابات النّيابيّة العتيدة.
إنّنا في “ندوة العمل الوطني” ننظر بكلّ أسى إلى هذا الدّرك المخزي، الذي وصلت إليه الأوضاع العامّة في البلد؛ وإنّنا إذ نؤكّد أنّ في استمرار الوضع على ما هو عليه، من انحدار وإفلاس وضياع، فإنّه يتأكّد من أنّ مستقبل البلد في مهبّ رياح عاتية، تتجاوز موضوع ترسيم الحدود البحرِيّة الجنوبيّة، وتقفز فوق جميع الاجتماعات والمفاوضات مع صندوق النّقد الدّولي، وتهزأ من جميع الاحتجاجات والاعتراضات الشّعبيّة والنّخبويّة؛ بما يؤكّد، للقاصي والدّاني، للإقليمي كما للدّولي، أنّ البلد في عين عواصف الخطر المُزيل لوجوده، وفي خضمِ هدير الزلازل الضّاربة في أسس كيانه.
هي ذي صرختنا للحقّ، وهو ذا نداؤنا في سبيل الوطن؛ اللّهم اشهد أنّنا بلّغنا، وأنّنا سعينا؛ وسنبقى ساعين إلى استمرار بلاغنا ومتابعة نضالنا، ذودًا عن وطننا وعن الآتي من أيّامنا على ترابه المقدّس.
بيروت في ٢٢ آذار ٢٠٢٢.