في لبنان، تسويات تُرسَم، لكن توقيتهم غير توقيتنا.

آمال البيروتي طربيه

في كل يوم يمرّ، نزداد اقتناعاً باستحالة العودة إلى الوراء، مالياً وسياسياً واجتماعياً، وكل المجالات التي يصعب تعدادها، والمحطة الثانية، حُكماً متغيرة ومختلفة عن الحالية. أمام هذا المنطق، ينحصر اهتمامنا بما نحن مقبلون عليه: إجترارٌ للطبقة السياسية التي نهبت البلد ! إجترارٌ للنظام السياسي الذي أوصلنا إلى هذه الحالة ! دورانٌ في حالة الانهيار هذه، وهو أمر مستحيل لأن المحطة التي تليها سوف تتّسم بالفقر الرهيب، والفقر يجذب الحركات المتطرفة والميليشياوية كما والفلتان الأمني.. ومن يقبل بهذا، أمام عدو إسرائيلي يحدنا جنوباً ، ويهتمّ العالم كله بأمنه، ودولة سورية عند الحدود الشرقية تخرج اليوم بقرار دولي من أزمتها.

ما دام لبنان مرتبطًا في أزمات محيطه، وما دام محيطه يخرج من أزماته، فلبنان ايضًا سوف يخرج، ولكن متأثراً بالحلول الإقليمية التي تُطرَح.

ما دام اللاعبون هم أنفسهم، فالحل في لبنان لن يكون بعيداً عن انفصال جنوب السودان، ولا عن نشوء إقليم كردستان، ولا انشقاق جنوب اليمن، ولا الدعم الدولي لأكراد سوريا لاستقلال ذاتي، ولا الحالة الدرزية التي تحرّكت في جبل الدروز في سوريا، ولا المطالبة السنيّة في العراق باستقلال سياسي وأمني، زِد على هذا كله التهجير المسيحي الذي طاول تقريباً كل البلدان العربية، وهو ما دفع بالفاتيكان إلى اهتمام استثنائي بمسيحيي لبنان وبالتالي بلبنان كلّه، بالتعاون بينه وبين الفرنسيين وبايدن نفسه…

أمام كل هذه المعطيات، قد تتبلور خارطة الحلول التي تُطرح بين التقسيم الذي لن يُكتب له النجاح في لبنان، واللامركزية الموسّعة التي تُبقي على لبنان بمكوّناته المدعوّة، وبقوّة، إلى أن تعيش رسالتها، ولكن هذه الرسالة تبقى مستحيلة من دون شروط ثلاثة :

1- لامركزيةالإدارة لوقف التناحر الوظيفي والسياسي .

2- لامركزية المالية العامة، لوقف الغبن الضرائبي وسحب الغطاء الطائفي عن كل فاسد .

3- المحافظة على مركزية السياسة الخارجية وعلى مركزيّة الجيش حفاظاً على وحدة لبنان،

لأن لبنان، إما أن يكون موحداً أو لا يكون، والحلول الإقليمية والدولية الواقعة حُكماً، سياسية هي لا عسكرية، واحتوائية لا إلغائية، ولا إبعاد لسياسيين عن السلطة إلا عبر الآليتين الديمقراطية والقضائية، وها هما تتصدران التحضيرات والمستجدات اللبنانية في كل يوم.