غادر دنيانا، الصديق العزيز الدكتور «رفيق عيدو»؛ منذ أربعة أيّام، من العاصمة الفرنسيَّة باريس، حيث أمضى فيها سنواته الأخيرة.
والدكتور «رفيق عيدو»، ابن بيروت العالِم في الرِّياضيَّات والمدير العام الأسبق للتّربية والتّعليم، في مدارس «جمعية المقاصد الخيريّة الإسلامية في بيروت»؛ خلال الثّمانينات والتِّسعينات من سنوات القرن الماضي.
كان الدكتور «رفيق عيدو»، رحمه الله، بحكم تخصّصه الأكاديميّ، أستاذًا للرّياضيّات في الجامعتين اللّبنانية واليسوعيّة في بيروت؛ كما أنّه اقترح، بداية، خلال تولّيه مهامه في مدارس «جمعيّة المقاصد»،مبدأ تعليم العلوم والرّياضيّات باللّغة الأم للمتعلّمين، وهي العربيّة في هذه المدارس. وقد سارع، رحمه الله،خلال سنة واحدة، من تقديم اقتراحه هذا إلى رئاسة «الجمعيّة»، عهد دولة الرئيس تمام سلام، وموافقة رئاسة «الجمعيّة» على الاقتراح، إلى وضع خطط تعليميّة وتدريبيّة لهذا الأمر؛ بما في ذلك إعداده لكتاب خاصّ يعالج الموضوع. وكان أن سارع، الدكتور «عيدو»، وفي السّنة عينها، إلى وضع هذا المبدأ قيد التطبيق العمليّ، مباشرة.
أصدرت «مديريّة التّربية والتّعليم»، في «الجمعيّة»، في حينه، دراسة أظهرت ارتفاع معدّلات نجاح تلاميذ مدارسها، في امتحانات «البكالوريا»، اختصاص العلوم، من ٣٠٪ الى ٨٥٪. . حصلت معارضات عديدة لهذه التّجربة، طيلة السّنوات الاثنتي عشرة التي تلت؛ وكان هذا لأسباب عديدة ومتنوِّّعة. وكان أن تراجعت «جمعيّة المقاصد» عن القرار.
رحم الله الصّديق العزيز الدكتور «رفيق عيدو»؛ الذي سعدت برفقته؛ يوم كنت، منذ مطلع ثمانينات القرن العشرين، رئيسًا متطوّعًا لـ«الاتّحاد العام لمجالس الأهل في مدارس المقاصد»، وكان هو «المدير العام» للتّعليم في المقاصد؛ وامتدّ تعاوننا المباشر ، مثمرًا معطاءً محفوفًا بأريج الصداقة وعبق المودة، لأكثر مناثنتي عشرة سنة. نشأت بيننا صداقة راقية وحضاريّة، تلاقينا فيها حول الهمّ المقاصديّ التّعليميّ والتّربويّ، في أمور عديدة،كما اختلفنا، على أمور أخرى؛ ولطالما وحَّد بيننا، وجعلنا نثابر على تلاقينا هذا، الإيمان بفاعليّة «المقاصد»، بل بأساسيّة هذه الفاعليّة في حياتنا في لبنان.
رحم الله الغالي والرّائع «رفيق عيدو»، والعزاء، إلى بيروت خاصّة ولبنان عامّةً، بابن بيروت العالِم التّربوي؛والعزاء موصول، كذلك، إلى سائر الأخوات والأخوة المقاصديين، الذين رافقوا مسيرة الدكتور «رفيق عيدو»، ومعهم القيِّمين اليوم على الجمعيّة؛ إذ الدكتور «عيدو»، تاريخ لا يمكن فصله عن وجودها.
* رئيس المركز الثقافي الإسلامي وجيه فانوس