ليس من المبالغة القول أن إنتخاب رئيس جديد للمجلس النيابي ونائبه وأميني السر، سيكون للمرة الاولى مختلفا عما كان عليه منذ عقود، بسبب التباين السياسي الذي أسفرت عنه إنتخابات 2022، ولأن المواقف المسبقة التي أعلنها أكثر من تكتل نيابي ونواب المعارضة والتغيير، حول المعايير التي يضعونها لإنتخاب رئيس المجلس والتي يبدو، بحسب رأيهم، أن الرئيس نبيه بري لا يتمتع بها. ما يعني أن فترة المشاورات التي تسبق تحديد جلسة الانتخاب، ستكون مكثفة وناشطة على أكثر من خط ليس فقط لإعداد “تسوية إنتخاب رئيس”، بل أيضا للوصول إلى مقايضة بين إنتخاب الرئيس ونائب الرئيس خصوصا أن هناك أكثر من تكتل (القوات التيار الوطني الحر والمعارضة ) يدرس ترشيح أحد نوابه لمنصب نائب الرئيس، ما يعني أن الباب يمكن أن يُفتح بين أحد هذه الاطراف، و بين الثنائي الشيعي لتبادل المصالح والاصوات، وهذا الافتراض مرهون بالأيام المقبلة بعد أن تحسم الكتل أسماء مرشحيها، لمنصب نائب الرئيس، على إعتبار أنه ليس هناك مرشح آخر لرئاسة المجلس غير الرئيس بري. من الناحية القانونية يشرح الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك ل”جنوبية” أن “إنتخاب رئيس ونائب لمجلس النواب وهيئة مكتب المجلس، يتم بناءا على دعوة من قبل رئيس السن خلال 15 يوم من بدء ولاية المجلس النيابي الجديد، وذلك بناءا على المادة 44 من الدستور”، لافتا إلى أنه “من الناحية الدستورية والقانونية ليس هناك من ضرورة لكي يتقدم رئيس المجلس أو نائبه بطلب ترشيحه، بل يمكن أن يتم من خلال التداول فيه من قبل النواب والكتل، أو مبايعة أحد النواب أسم أحد النواب من أجل أن يتبوأ منصب الرئيس بعدها يفتح باب الاقتراع السري”. مالك لـ”جنوبية”: على الرئيس ونائبه وأميني السر أن ينالوا الاغلبية المطلقة من عدد المقترعين ويشير إلى أن”على المرشح أن ينال في الدورة الاولى الاغلبية المطلقة من عدد المقترعين، فلو كان عدد النواب الحاضرين للجلسة 80 نائبا، مثلا يقتضي أن ينال الرئيس أصوات 41 نائب أقله، وفي حال لم يحز على ذلك عليه أن ينال في الدورة الثانية 41 صوتا أيضا، أما في الدورة الثالثة فيُصار إلى إنتخابه من الغالبية النسبية من المقترعين الحاضرين الجلسة، ونفس الآلية تنطبق على نائب الرئيس وأميني السر “. يتوقع مالك أن “تكون الجلسة مختلفة هذه المرة، لأن هناك معارضة شديدة من غالبية الكتل المؤثرة في المجلس، وهناك سعي من أجل إسقاط بري، وهذا الامر مرهون بأوقاته وبالمشاورات التي ستجري حول إنتخاب الرئيس ونائبه”.
على ضفة تكتل لبنان القوي، الذي أعلن رئيسه جبران باسيل أنهم لن ينتخبوا الرئيس بري، لم يتخذ القرار في ما يتعلق بترشيح نائب رئيس مجلس النواب وأعضاء مكتب المجلس، وسيعلن موقفا حول ذلك في مؤتمر صحافي يوم غد ، ويوضح عضو التيار النائب المنتخب سيزار أبي خليل ل”جنوبية” أنه “من المفروض ان تظهر الترشيحات لنائب الرئيس خلال الاسبوع المقبل، ويتم التشاور مع الاطراف السياسية حول هذا الامر”، لافتا إلى أنهم “كتكتل لهم رأيهم حول إنتخاب رئيس المجلس، ولم يحسم بعد ترشيح الزميل النائب إلياس أبو صعب، لأن التكتل يضم أكثر من نائب من الطائفة الارثوذكسية منهم جورج عطالله وأسعد ضرغام”.
عند القوات اللبنانية، التي أعلن رئيسها سمير جعجع أن نواب الجمهورية القوية لن ينتخبوا الرئيس بري لرئاسة المجلس، يشرح عضو الكتلة النائب المنتخب فادي كرم ل”جنوبية” أنه “بالنسبة لإنتخاب رئيس مجلس النواب، وضعنا المواصفات التي على أساسها ننتخب رئيس، ونحن نعرف أن لدينا مشكلة في من يكون منافس للرئيس بري، ونحن نعلم انه من المستحيل ان نجد اي مرشح شيعي يتبنى المواصفات التي أعلناها ويتنافس معه، ومن هذا المنطلق سيكون موقفنا مرتبط بقناعتنا السياسية الاستراتيجية لإدارة الدولة، والاكيد أننا لن ننتخب الرئيس بري وسنظهّر رفضنا لإنتخابه بطريقة ما”
يضيف:”بالنسبة لمنصب نائب الرئيس، لدينا مرشحا ولكن تركنا المسألة للتفاهم عليها مع المجموعات المعارضة، كي لا تكون هناك منافسة معهم ، وننتظر تظهير قرارهم في هذا الموضوع، وإن شاء الله يكون لدينا كمجموعات جديدة في المجلس مرشح واحد يمثل المواصفات التي وضعناها”. ويختم:”حتما لن نقايض بين إنتخاب الرئيس بري وبين إيصال مرشحنا إلى نيابة الرئيس، هذا الامر غير وارد وهذا الزمن إنتهى، لأننا حين كنا نسكت عن المقايضة كان الامر عكس قناعاتنا”.