«شامِي»(1) رَحَلتَ! بِقَلَم: مُورِيس وَدِيع النَجَّار

 

(لِمُناسَبَةِ رَحِيلِ الصَّدِيقِ الرِّوائِيِّ والأَدِيبِ جُورج شامِي)

«شامِي» رَحَلتَ… فَما أَمَرَّ رَحِيلا،           لَن يَبرَحَ الذِّكرَى، غَدًا، ويَزُولا
لا… لَن تُغادِرَ بالَنا، فَبِبالِنا                يَبقَى وَدادُكَ صافِيًا وجَلِيلا
بَل كَيفَ نَنسَى مِ العُهُودِ أَبَرَّها،          بَينَ الصَّحائِفِ نَصْقُلُ التَّسجِيلا
حَقًّا شَبِعْتَ مِنَ السِّنِينَ، وإِنَّما              أَنتَ المُبادِرُ في المَراقِي الأُولَى
صَعْبٌ على الإِبداعِ فَقْدُ مُجاهِدٍ              قد حازَ عَن إِبداعِهِ إِكلِيلا
يُشجِي غِيابُكَ، يا صَدِيقُ، وكُنتَ في         ساحِ العَطاءِ مُبَرِّزًا وأَصِيلا
قُلنا قَرِيبًا نَلتَقِي، فَإِذا بِهِ،                  في غَفْلَةٍ، يَمْحُو الَّذِي قد قِيْلا
هذا الوَباءُ(2)، بِشَرِّهِ، أَرْخَى على                كُلِّ الأَنامِ سِنانَهُ المَصقُولا
فَإِذا الحَياةُ على البَسِيطَةِ مَأْزِقٌ،             جَعَلَ النَّضارَةَ، في لَظاهُ، ذُبُولا
فَرَأَيتُ أَنَّكَ، أَنَّنِي، بِتْنا، على      ــــــــــ      مَضَضٍ، كِلانا في الإِسارِ نَزِيلا
اعْتَضْنا عن الحَجْرِ المُمِلِّ بِهاتِفٍ،               وَبِهِ تَراسَلْنا فَكانَ بَدِيلا
فَوَجَدتُ فِيكَ عُذُوبَةً أَقْصَت عَنِ     ــــــــــ     السَّاعاتِ ظِلًّا كالِحًا وثَقِيلا
سَأَمًا، بِرُغْمِ تَفَرُّغٍ لِكِتابَةٍ،                 غَالَى بِعِبْءِ حُلُولِهِ تَطْوِيلا!
***
يا صاحِبِي… سَبَقُوكَ في تَرحالِهِم،          صَحْبٌ تَوالَوْا غُصَّةً وأُفُولا
مِنْ «صايِغٍ» وَ «مُسَلِّمٍ» وَ «مُفَرِّجٍ»،            وَ «كُمَيْدُ» أَكْمَدَنا، وكانَ خَلِيلا
وَ «مُنِيفُ مُوْسَى»، ثُمَّ «بُو رَحْلٍ»، فقد               بَاتَا بِحَلْقاتٍ لَنا تَرتِيلا
وعَزِيزُنا «جانُ» الَّذِي ما كان في               يَومٍ، على سُؤْلٍ نَوَدُّ خَذُولا
وصَدِيقَةٌ، «إِكْرامُ»، كان حُضُورُها               فَرَحًا، وكانَت لِلوَفاءِ رَسُولا
وَ «بَدِيعُ بُو جَوْدَه» الَّذِي ما كان في             رَصْفِ الحُرُوفِ مُقَصِّرًا وَبَخِيلا
والكاهِنُ الطَّاوِي بِجُبَّتِهِ الحَيا،               وبِرَأسِهِ العِلْمَ السَّنِيَّ جَزِيلا
«قاشا» سَنَفتَقِدُ المَباحِثَ بَعدَهُ،               كم كان لِلفِقْهِ الوَقُورِ سَبِيلا
وأَخُوهُ في الإِيمانِ، ما يَومًا شَكَى،              ويَمِينُهُ، أَبَدًا حَوَتْ إِنجِيلا
هذا «الفِغالِيُّ» الَّذِي ما انفَكَّ في             أَبحاثِهِ يُغْنِي العَقُولَ مَقُولا
كان الصَّدِيقَ على المَدَى، وبَداءَةً،         في رِحلَةِ التَّعلِيمِ، كان زَمِيلا
بِغِيابِهِم طَبَعُوا المَحافِلَ بِالأَسَى،               وغَدَت، على بَرْدِ الرَّحِيلِ، خُمُولا!
***
شامِي… سَتَبقَى، ما بَقِينا، حافِزًا               لِحَنِينِ تَذكارٍ يَظَلُّ جَمِيلا
حَتَّى وَلَو أَضْفَى الكَآبَةَ والشَّجا،               نَرْجُوهُ، في خَلَواتِنا، مَوْصُولا!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1): أَلوارِدُ ذِكرُهُم، تَسَلسُلًا، والمُحاطَةُ أَسماؤُهُم بِمُزدَوِجاتٍ، هُمُ الُأُدباءُ والشُّعَراءُ والمُفَكِّرِينَ الأَصدِقاء: جُورج

شامِي، جُوزف صايِغ، أَنِيس مسَلِّم، جُوزف فارِس مفَرِّج، جان كمَيْد، مُنِيف مُوسَى، أَنطوان أَبُو رَحْل،

جان سالمه، إِكرام قدَيْح مَكِّي، بَدِيعُ أَبُو جَوْدَة، الأَبُ العِراقِيُّ سُهَيْل قاشا، الأَبُ بُولُس الفِغالِيّ.

(2): هو وَباءُ الــ «الكُورُونا» الَّذِي تَفَشَّى في الكُرَةِ الأَرضِيَّةِ في العامِ 2020