غَنَّيتُ حُبَّكَ… هل تَغَرَّبْ؟! لا يَسمَعُ النَّجوَى فَيَطرَبْ
لاهٍ؟! أَلَيسَ لَهُ بِما يَكوِي الجَوارِحَ أَيُّ مَذهَبْ؟!
هَل ذاكِرٌ رُكنَ الهَوَى، كَم كانَ لِلصَّبَواتِ مَلعَبْ؟!
أَنا لَم أَزَلْ أَسعَى إِلى ذاكَ المَزارِ ولَستُ أَتعَبْ
فِيهِ الصَّلاةُ، نَسِيجُها حُبٌّ، مِنَ الأَنَسامِ أَعذَبْ
خُنتَ العُهُودَ وصُنتُها، وخَلَصتُ ما لِهَوايَ مَأرَبْ
أَنشَدتُ، فَانتَفَضَ الأَثِيرُ، وباتَ طَيرُ الدَّوحِ يَعجَبْ
والوَعرُ مِن هَلِّ الحُرُوفِ، ورِقَّةِ الأَبياتِ، أَعشَبْ
وغَدا النَّدَى أَندَى، وباتَ الأُفْقُ بِاللَّوحاتِ أَغرَبْ
والفَجرُ طابَ على رُؤَايَ، ومِن سَنا بَدْعِي تَجَلبَبْ
وسَما الخَيالُ، وشَفَّتِ الرُّؤْيا، فَنَشْرُ هَوايَ أَطيَبْ
لَهَجَ الوُجُودُ بِما رَوَى شِعرِي إِلَيكَ، وما تَشَبَّبْ
فَإِذا رَأَوا نَسْبَ القَرِيضِ، فَلِلزُّهُورِ البِيضِ يُنسَبْ
والشِّعرُ مِن نَفَسِ الإِلهِ إِلى مَشاعِرِنا تَحَلَّبْ
فَإِلامَ تَجحَدُ، يا خَلِيَّ البالِ، أَشواقَ المُعَذَّبْ
يا ظالِمَ العَينَينِ وَيحَكَ… في مَسِيلِ الجُرحِ تَلعَبْ
زَوَّدتُ قَلبَكَ مِن نَزِيفِ القَلبِ… هل لكَ بَعْدُ مَطلَبْ؟!
أَفَما دَرَيتَ بِأَنَّ وَجهَ الدَّهرِ أَحوالٌ تَقَلَّبْ؟!
أَسَفًا… فَنَأيُكَ باتَ لِي مِن قُربِكَ المُغتَرِّ أَقرَبْ
فَلَأَنتَ بِتَّ سَحابَةً، أَمَّلتُها فَالماءُ خُلَّبْ
دَعنِي أَعِشْ وَهْمَ الخَيالِ فقد وَجَدتُ الوَهْمَ أَرحَبْ
فَالقَلبُ في النُّعْمَى خَصِيبٌ، وهو في الحِرمانِ أَخصَبْ
فَإِذا ظَنَنتَكَ غالِبًا… أَنا في مَجانِي الشَّوقِ أَغلَبْ
فَالشِّعرُ يَروِيهِ الجَوَى، ويَعافُ دُونَ رِواهُ مَشرَبْ
أَعَجِبتَ مِن وُدِّي؟! أَلا انظُرْ كَم جَحَدتَ هَوايَ تَعجَبْ
أَحرَقتَهُ، ذاك الهَناءَ، فَهَل رَأَيتَ سِواهُ أَصوَبْ؟!
كَتَبَ الوَفا بِنَجِيعِهِ. صَدِّقْ، فَما بِدِماهُ كَذَّبْ
لا زالَ ذاك العَهدُ في بالِي ولو جَسَدِي تَخَشَّبْ
وَلَسَوفَ تَأْسَى بَعدَ أَن يَذوِي الصِّبا، ويَغُورَ كَوكَبْ
فَتَعُودُ مُلتاعًا، وفَوقَ رَمادِهِ المَنثُورِ تَنحَبْ!