جعجع: المطلوب رئيس قادر على الإنقاذ

عقد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مؤتمرا صحافيا في معراب، حضره النائب ملحم رياشي، تمحور حول تطورات الملف الرئاسي.

 

وإذ استهل المؤتمر بتوجيه أحر التهاني لجميع اللبنانيين في عيد انتقال السيدة العذراء، أكد جعجع ان “انتخابات رئاسة الجمهورية ليست كما كل المرات لأنها مفصلية وباب النجاة الوحيد المتاح لنا للسنوات الست المقبلة، فإما علينا ان ننجح في استغلال هذا الباب كما يجب او سنعيش في جهنم الذي نتخبط به لسنوات إضافية وننتقل الى الأسوأ”.

 

أضاف: “أستشهد بمقولة المفكر أنطون سعادة وليس برئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي نعارض جوهر عقيدته، ما الذي جلب على أمتي هذا الويل؟ ولو ان امته غير امتنا، نسأل ما الذي جلب على أمتنا هذا الويل؟ فما وصلنا إليه في الوقت الراهن ليس سببه وجود فريقين في لبنان يتمتعان بسياسات متعارضة، الأمر الطبيعي في كل البلدان الديمقراطية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك فريقان في الولايات المتحدة الأميركية، الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، وهناك حدة بينهما، ورغم ذلك لم تشهد هذه البلاد ما نعيشه. لذا وجود فريقين في لبنان ليس سبب أزمتنا والتفتيش عن التوافق بينهما ليس الحل المنشود، وبالتالي حالتنا اليوم سببها سياسات معينة وابطالها محور الممانعة أي حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفاؤهما، وللأسف بعض الآخرين الذين تماشوا معهم. فإذا أردنا معالجة الوضع علينا مداواة المرض المتمثل بهذه السياسات، من هذا المنطلق من واجبنا الإتيان برئيس يعارض هذا النهج، بعيدا من المسايرة”.

 

واستطرد: “يطرح البعض فكرة التوافق على رئيس يلتف الجميع حوله، ولكن إذا وجد فريقان يتخذان طريقين مختلفين فكيف سيلتفان حول هذا الرئيس ولا سيما ان مقاربة الرئيس التوافقي وحكومات الوحدة الوطنية اعتمدت لأكثر من 12 سنة وهي التي اسفرت عن هذه الوضعية التي لا يصلح فيها الكلام الديبلوماسي والا نكون امام خيانة للشعب اللبناني. انطلاقا من هنا، كل دعوة ترمي إلى التفاهم مع محور الممانعة على رئيس للجمهورية ليست بمكانها ولن تؤدي الى اي نتيجة لأنها عود على بدء، وستستمر في اتباع السياسات القائمة باعتبار انه إذا كانت قوى الممانعة خلف الرئيس التوافقي يعني لنردد ما يقوله السيد حسن: تخبزوا بالأفراح”.

 

ولفت جعجع الى ان “البعض يدعو الى اتباع هذه السياسات والمقاربات لكسب الوقت، الأمر الذي ينعكس ضدنا، فكل لحظة تأخير تعد مضيعة للوقت في ظل الوضع الاقتصادي المتردي وفقدان ما تبقى من احتياطي ومدخرات”.

 

وأكد ان “نقطة الانطلاق تبدأ بانتخاب رئيس جديد فعلا جديد، يختلف عن هذه المقاربات ويعاكس كل السياسات التي كانت قائمة ويبدأ بعملية الإنقاذ المطلوبة ولا يعتمد سياسة الترقيع، فنحن نريد رئيسا يواجه ويتحدى الأزمة لا ان يتفاهم معها، باعتبار ان التفاهم مع الازمة يعني استمرارها”.

 

أضاف: “لمن يقول لا نريد رئيس تحد، نؤكد له اننا بأمس الحاجة الى هذا الرئيس، ليس بالمعنى الشخصي للكلمة، إنما إذا لم نأت برئيس يتحدى سياسات جبران باسيل وحزب الله فكيف سيتم الإنقاذ؟ الرئيس الذي ينقذ البلد هو رئيس جديد، يتمتع بمواصفات معينة، “يكون رجال”، سيادي واصلاحي بامتياز، والا سيستمر الفساد في الدولة ولن نخرج من الازمة”.

 

واعتبر ان “النقطة الأساسية تكمن بما يجب ان نفعله للخروج من الوضع وليس ما يجب القيام به للتفاهم مع من لديهم ممارستهم وعقائدهم وسياساتهم ومشروعهم وطريقتهم، ما يعني انه من المستحيل ان نتمكن من التوافق مع الفريق الآخر على رئيس للجمهورية لديه الصفات التي سبق وذكرتها”.

 

كما شدد جعجع على ان “الحل هو برئيس جديد ومن يستطيع تحقيق هذا الامر هو فريق المعارضة بأطيافها كافة، وعليها تقع مسؤولية كبيرة والا لماذا خاضت الانتخابات ووعدت الشعب بالخلاص”. من هنا جدد الدعوة لها بضرورة “التفاهم للوصول الى رئيس جديد فعلا جديد، والا سنبقى مع رئيس قديم اوصلنا الى جهنم”.

 

ونوه “رئيس القوات” بالاجتماعات التي تعقد بين بعض النواب المستقلين والتغييريين والاحزاب في مجلس النواب، متمنيا ان “تستمر وتتوسع لنصل الى تصور واضح قبل الموعد المحدد للاستحقاق الرئاسي والقوات ستسير باي اسم جديد تراه الأكثرية مناسبا”.

 

ورد جعجع على تصريحات مسؤولي “حزب الله” خصوصا لجهة الموقف الآتي: “بسبب قوة المقاومة بتنا الحلقة الأقوى في المنطقة بعد ان كنا الأضعف”، وقال: ” ما نعيشه اليوم هو الهزيمة الاكبر، كلامكم شعبوي موجه الى بيئتكم المباشرة ولكن الشعب اللبناني يسمعكم، فعن أي زمن انتصارات تتحدثون؟ وعن أي حلقة أقوى؟ لبنان أصبح الحلقة الأقوى في تهريب الكبتاغون وهزيمة الناس واذلالهم للحصول على ربطة خبز. لبنان كان الحلقة الأقوى في الخمسينات والستينات حين وصف بسويسرا الشرق وازدهرت الأوضاع حتى سمي الرئيس كميل شمعون ببي الفقير، رغم ان شريحة من اللبنانيين كانت تعارض سياسته، ولكن في زمن انتصاراتكم، بات بلدنا يوصف بأشنع النعوت”.

 

وردا على سؤال حول الأطر التي وضعها باسيل للاستحقاق الرئاسي والعودة الى الرئيس القوي والأكثر تمثيلا، استشهد جعجع بالمثل الإنجليزي “إذا كنت بجورة وقف تحفر شوي كرمال ما تغمق لحالك أكثر”، مضيفا: “لو قام باسيل بأي امر إيجابي في السنوات الست الأخيرة لكنا اليوم بغنى عن أطروحاته التي لن أرد عليها. نحن في مكان آخر والمطلوب رئيس قادر على الإنقاذ من خلال اعتماد سياسات معاكسة لتلك المعتمدة في هذه المرحلة. والقصة ليست قصة رئيس قوي او ضعيف، فاذا كان الرئيس الحالي يمثل الرئيس القوي فشفنا القوة وين صارت طلع أضعف رئيس بتاريخ لبنان”.

 

وعن التسريبات الإعلامية حول سعي البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الى اجتماع يضم جعجع وباسيل للاتفاق على اسم رئيس، أكد جعجع “ان “معراب لن تلدغ من الجحر مرتين، وحتى في المرة الأولى ما كانت لتلدغ لو لم يتم تحضير الجحر ولم يعد هناك أي مفر منه”.

تابع: “اللبنانيون جميعا يدفعون ثمن السياسيات التي شارك فيها بشكل أساسي التيار الوطني الحر، فكيف يمكننا التفاهم معه؟ هل المسيحيون عشيرة عليهم التوافق في ما بينهم والمسلمون عشيرة أخرى؟ المشكلة أعمق من هذا بكثير وهي متصلة بسياسات عامة في البلاد وتطال كل اللبنانيين. أتأسف ان هناك من يسأل عن صلاحيات الطوائف في وقت لم يترك من خلال ممارساته أيا من هذه الصلاحيات لكي يتباكى عليها”.

 

وحول لقاء رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط مع “حزب الله” والتقارب بينهما، شدد جعجع على ان “القواتيين أصدقاء مع الرفاق في الحزب الإشتراكي وهناك تلاق في سياسات كبرى كثيرة والعلاقة مستمرة بيننا، ولكن لا تلاقي في مقاربة مسألة رئاسة الجمهورية، باعتبار ان جنبلاط لديه طريقته ونحن لدينا طريقتنا التي نرى فيها ان الأخذ والرد في الملف الرئاسي مع حزب الله في أحسن أحواله عود على بدء”.

 

وردا على سؤال، علق جعجع: “وليد جنبلاط لم يصبح في حضن حزب الله وهو لم يكن يوما في حضن أحد، إنما دائما في حضن وليد جنبلاط”.

 

أما عن عدم رغبة النواب التغييرين التعاون مع “القوات اللبنانية” لانهم يعتبرونها ركنا من اركان السلطة، فرأى جعجع ان “النائب او المجموعة او الحزب الذي سيفشل جهود المعارضة بإيصال رئيس جمهورية مختلف وجديد، هو خائن لبلده وناخبيه اذ بتصرفه هذا سيسمح للمنظومة الحاكمة بإيصال مرشحها للرئاسة. ما من أحد مخول تصنيف الناس الا للشعب، وهذا الاخير من اختار منح القوات اللبنانية 19 نائبا”.

 

وردا على سؤال، أوضح جعجع ان “القوات لا تريد رئيسا صداميا إنما ترغب برئيس يمكنه اتباع عملية الإنقاذ المطلوبة، وكي ينجح بمهمته عليه التمتع بمواصفات معينة، ولكن اذا كانت عدائية بنظر حزب الله فهذه مشكلته، فاللعبة ديمقراطية في البلاد وهي فوق الطوائف”.

 

وتعليقا على ترويج المقربين من “التيار الوطني الحر” لبقاء الرئيس عون، أجاب جعجع: “لا يمكن لعون ولا لأي رئيس آخر البقاء في بعبدا بعد انتهاء ولايته، لان هذا الامر يشكل دمارا للجمهورية ولما تبقى من رئاسة الجمهورية، ولا سيما بعد حكم عون الميمون. ونحن كليا ضد ذلك”.

 

وحول إمكانية تعطيل القوات لجلسات مجلس النواب إذا فشل الاتفاق مع النواب الجدد والمستقلين، أوضح انه “من الممكن أن يكون التعطيل لجلسة واحدة، بشكل إستثنائي تقني، في حال كنا بحاجة لقليل من الوقت من أجل استكمال المساعي للتوافق على اسم واحد”، لافتا الى ان “عدم التوصل الى اتفاق يعني ان الفشل موجود ضمن المعارضة، الا ان الأهم بالنسبة لنا يبقى قيامنا بدور إيجابي في إنتخابات رئاسة الجمهورية”.

 

وردا على سؤال عن إمكانية القبول بمرشح يطرحه “حزب الله”، اعتبر ان “هذا امرا مستحيلا ليس نكايات سياسية، ولكن لأن الحزب لن يطرح مرشحا يخالف مصالحه كتنظيم عسكري سياسي التي تتعارض مع مصالح الشعب اللبناني”. وتمنى “أن يتحول حزب الله يوما ما الى حزب سياسي في لبنان ويتوقف عن مصادرة الدولة وقراراتها وسياساتها الخارجية والتحالف مع الفاسدين لتغطية وضعيته”.

 

وأشار الى ان “حزب الله وحلفاءه اشبه بمغارة علي بابا”، متسائلا “هل سيترك الحزب حلفاءه حركة أمل والتيار؟ وهل من الممكن ان يتخلى عنهم للحوار معه؟ بالطبع لا. اذا، فلنخبز بالأفراح”.

 

وردا على سؤال، رأى انه “بين الرئيس التوافقي والفراغ، الامر مماثل، لان هذا الرئيس يعني الفراغ، وهذه هي التجربة التي خضناها في انتخابات الرئاسة منذ العام 2009، فهل نعيد الكرة؟”.

 

وعن دور “حزب الله” في ملف ترسيم الحدود البحرية، رأى جعجع ان “من يفرض معادلة الغاز والنفط هو حاجة أوروبا والعالم اليه بعد الازمة الأوكرانية، وبالتالي كل الدول تضغط باتجاه الوصول الى تفاهم، حتى انه من الممكن ان تكون تصرفات حزب الله قد أبعدت التفاهم”.