القضاة في إضراب مفتوح.. سابقة “تشل العدالة” في لبنان

يستمر معظم قضاة لبنان في الإضراب الشامل المفتوح عن العمل، الذي أعلنوه قبل أيام في كل قصور العدل والمحاكم على الأراضي اللبنانية، احتجاجا على ما اعتبروه “تجاهل المسؤولين لمطالبهم المحقة”.

 

 

ويشكو القضاة، كغيرهم من اللبنانيين، تردي الوضع المادي بعد انهيار قيمة الليرة في مواجهة الدولار، وتراجع قيمة البدلات، فضلا عن “الحال المزرية التي وصلت إليها مباني قصور العدل والمحاكم، وانقطاع التيار الكهربائي والمياه والخدمات عنها بشكل بات يعيق عمل القضاء وتحقيق العدالة”.

 

ووفق معلومات من مصادر قضائية، يعمل في لبنان حاليا قرابة 560 قاضيا، بينما في الواقع هناك حاجة لألف قاض من أجل النهوض بكل أعمال القضاء في البلاد.

 

وخلال اليومين الماضيين، أعلن 400 من أصل 560 قاضيا، انقطاعهم عن العمل تنفيذا للإضراب المفتوح، بعدما “وصلوا إلى مرحلة لم يعد مقبولا السكوت عنها، نتيجة سوء ظروف العمل وتدني قيمة الرواتب من جراء الانهيار الدراماتيكي للعملة الوطنية مقابل الدولار”، وفق تعبيرهم.

 

وقالت قاضية تعمل في محافظة البقاع شرقي لبنان لموقع “سكاي نيوز عربية”: “لم يعد يكفيني الراتب للوصول من بيروت إلى مركز عملي في البقاع، بسبب غلاء أسعار البنزين”.

 

وفيما انضم قضاة كبار إلى الإضراب، ومن بينهم أعضاء في مجلس القضاء الأعلى وآخرون في ديوان المحاسبة ومجلس شورى الدولة، جزم رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود بأن “القضاء لن يستقيل من مسؤولياته، وسيبقى الركيزة الأساس لبناء الدولة

وسيبقى الركيزة الأساس لبناء الدولة”.

 

 

لبنان.. إضراب بسبب تأكل الرواتب

لبنان.. إضراب بسبب تأكل الرواتب

 

وفي السياق ذاته، رأى قاضي الشرف رئيس محكمة جنايات زحلة سابقا فوزي أدهم، في هذه الخطوة، سابقة يعيشها القضاء في لبنان.

 

وقال أدهم في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “ما يحصل هو أكثر بكثير من إضراب، ويشكل سابقة لم يعرفها لبنان ولا العالم، وتحصل للمرة الأولى. لا يمكن للقاضي أن يعلن إضرابه، ولو كنت مستمرا في سلك القضاء لم أكن لأشارك بالإضراب”.

 

وتابع: “الإضراب لا يجدي نفعا طالما أنه موجه لحكومة مستقيلة تصرف الأعمال ورئيس جمهورية بقيت له مدة شهرين من ولايته في السلطة. إنه إضراب بلا فعالية. المطلوب من القيادات الفعالة في هذا السلك اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة، ومن وزير العدل أن يساهم بحل المشاكل المادية التي نشأت عن الانهيار الاقتصادي مع وزير المالية”.

 

واستطرد أدهم: “القضاة مظلومون ورواتبهم فيها إجحاف بحقهم، والتنقل بين قصور عدل المحافظات بات صعبا عليهم، إنما لا يمكن للقضاء أن يتوقف”، داعيا مجلس القضاء الأعلى في لبنان إلى “اتخاذ موقف حاسم، لأن بقاء الوضع على ما هو عليه تهديد لدور القضاء وباقي مؤسسات الدولة”.

 

وكان القضاة المشاركون في الإضراب قد أصدروا بيانا، الأربعاء، جاء فيه أنه “منذ الاستقلال، لم ينجح المشرع في سن قانون يكرس استقلالية السلطة القضائية فعلا وواقعا، ويحقق مبدأ الفصل بين السلطات والتوازن فيما بينها”.

ودق القضاة ناقوس الخطر، محذرين من أن “ظروف العمل قد لامست خط التعذر من دون أن نلقى آذانا مصغية”.

 

وأوضح البيان أن “راتب القاضي الأصيل الذي أمضى في الخدمة ما يقارب 40 عاما لا يتجاوز 8 ملايين ليرة لبنانية (نحو 240 دولار)، خلافا لما يشاع من أخبار ملفقة تمس السلطة القضائية في الصميم”.

 

كما أشار القضاة في بيانهم إلى “رفض العمل بالسُّخرة لأي كان”، وخاطبوا من سموهم “أصحاب القرار”، قائلين: “لا تحملوا الفشل للأكثرية الساحقة من القضاة الشرفاء ولا تراهنوا على موجب التحفظ والتزام الصمت بعد الآن، إنها فرصتكم الأخيرة للإصلاح وإنقاذ الوطن من الهلاك”.

 

وختم البيان: “ليس من واجبنا أن نرشدكم إلى كيفية إنقاذ السلطة القضائية، بل من واجبكم أنتم، وعسى أن تجدوا السبيل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، وإلا على الوطن السلام