من يسمع كلام رئيس الجمهورية عن «زهرة العمر التي أمضاها في النضال»، لا يُخيّل إليه أنه هو نفسه الذي بدأ مسيرته النضالية في قصر بعبدا عام 1989 بإضرام النار في هشيم الدولة بعدما حرق الأخضر واليابس في معارك «تحرير وإلغاء» عبثية أنهكت اللبنانيين وشرّدت المسيحيين…
في 31 تشرين الأول ستنتهي ولاية رئيس الجمهورية وطي صفحة عهده المشؤوم، الذي أصبح كابوساً قضّ مضاجع عموم اللبنانيين بعد سنوات العهد الستّ العجاف، وهم يعدّون أيامه الأخيرة للخروج من قعر جهنم الذي أوصلهم إليها…
في عهدكم تداعى كل شيء وانهارت الدولة بكل مؤسساتها، ومظلومية «ما خلّونا» التي تتخذونها شمّاعةً لتبرير فشلكم المميت، لم تعد تجدي واستهلكت بما فيه الكفاية…
بالرغم كل المرونة التي أبداها الرئيس المكلّف من أجل تشكيل الحكومة، فالعهد يريد فرض ما لم يحققه في ستّ سنوات…!! وبنظره الشراكة الوطنية والميثاقية لا تتحقق في تأليف الحكومة إلا من خلال تسمية «طفله المدلل» للوزراء المسيحيين، كي يحصل على الثلث المعطّل ويتحكم بمواعيد عقد جلسات المجلس وقراراته، إضافة إلى تسميته حاكم مصرف لبنان ورئيس المجلس الأعلى للقضاء وقائد الجيش وكل المواقع الإدارية والقضائية العليا في الدولة، أي التحكم المطلق بكل مفاصل ومؤسسات الدولة، دون حسيب أو رقيب، مع تمسّكه بوزارة «العتمة والفساد والنهب» التي لم تنتهِ فصولاً لتاريخه… وفي حال عدم قبول الرئيس المكلّف بهذه الشروط التعجيزية، فالبديل لهذا المغامر المعاق، هو الفراغ الحكومي والرئاسي تحت شعار «ما خلّونا»…!! وهو ما لن يقبل به الرئيس المكلّف، حرصاً على موقع وصلاحيات رئاسة مجلس الوزراء، وعلى المصلحة الوطنية العليا «المؤتمن عليهما»…
عهر سياسي لهذا العهد، بكل ما للكلمة من معنى…
وما أعلنته المسؤولة الإعلامية في التيار «العنصرية الموتورة» عن ملء الشوارع بالمؤيدين من بعبدا حتى الرابية يوم خروج رئيس الجمهورية من القصر الجمهوري، يذكّرنا بيوم احتفال «الطفل الصغير» بمناسبة ذكرى 13تشرين، التي لم تحمل في طيّاتها سوى العار والذل والجبن والهروب الكبير بالبيجامة من قصر الشعب… وكل احتفال وأنتم في الحضيض…!!
رئيس الجمهورية أما أنه يعيش في كوكب آخر، أو أنه نائم وغارق في سبات عميق، وتصدر بيانات القصر الرئاسي من خلال حاشية طفله في القصر، الذي يعطيها التعليمات والأوامر وهو «سائح» على يخته بين الجزر اليونانية…
لقد أصبحت يا فخامة الرئيس في خريف العمر، فاتقِ الله، فكفاك وصهرك «المعجزة»، كذباً ونفاقاً ودجلاً وذر الرماد في العيون، وتدميراً لما تبقّى من هذا الوطن الذي أوصلتموه وأهله، خاصة المسيحيين منهم إلى عمق قعر جهنم، دون أي رادع أو حس وطني أو ضميري أو أخلاقي…!
فكل معاناة اللبنانيين في عهدكم الأسود المزري، ستبقى وصمة عار على جبينكم، وسترافقكم إلى جحوركم وقبوركم المظلمة العفنة…
والتاريخ لن يغفر ولن يرحم.. .!!