ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الأحد في الصرح البطريركي الصيفي في الديمان، عاونه القيم البطريركي في الديمان الاب طوني الآغا والأب نادر نادر، في حضور جمع من المؤمنين.
بعد تلاوة الإنجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان: “ويكرز بإنجيل الملكوت في المسكونة كلها … وحينئذ تأتي النهاية” (متى 24: 14). وقال: “عندما كلم يسوع تلاميذه عن خراب هيكل أورشليم، فهموا أن بذلك تكون نهاية العالم ومجيء المسيح الثاني بالمجد. فسألوه متى يكون خراب الهيكل وما هي علامة مجيئك ونهاية العالم؟ (راجع متى 24: 3). لم يجبهم يسوع على هذه الأسئلة الثلاثة، بل نبههم عن المخاطر والضيقات والحروب والمجاعات والخيانات والبغض والإنقسامات وجفاف المحبة في القلوب، وتعليم المضللين الذين سماهم المسحاء الكذبة. ودعاهم إلى الصمود بالصبر من أجل الخلاص. وأنهى بالجواب الأساس وهو: وجوب الكرازة بإنجيل الملكوت في المسكونة كلها، شهادة لجميع الأمم، وحينئذ تكون النهاية( متى 24: 14). ما يعني أن العالم بحاجة إلى إنجيل المسيح لكي تنتشر ثقافة المحبة والأخوة والسلام بين جميع الشعوب. فإن الله لا يريد هلاك البشر بل خلاصهم ومعرفة الحقيقة (راجع 1 تيموتاوس 2: 4). يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية، فأرحب بكم جميعا، وبخاصة بمؤسسة المقدم المغوار الشهيد صبحي العاقوري التي أنشأتها زوجته السيدة ليا لذكراه وذكرى شهداء الجيش اللبناني، تحت شعار: “لله رجال، إن هم أرادوا، أراد”. نحييها مع أولادها الأربعة ومعاونيها. تعنى المؤسسة كما تعلمون بأطفال شهداء الجيش وعائلاتهم، فتقوم بنشاطات لصالحهم من مثل السفر إلى الخارج وتنظيم رحلات ومخيمات ترفيهية، ودورات تثقيفية وجوقة تراتيل وأغانيهذه الجوقة تحيي هذا القداس اليوم، بالإضافة إلى إنشاء حدائق عامة، وتجهيز قاعات في ثكنات عسكرية. وأنشأت لها فرعا في إيطاليا للتبادل الثقافي والحضاري. بارك الله هذه المؤسسة وحمى جيشنا اللبناني وسائر الاجهزة العسكرية، ورحم الله شهداءه، وآسى عائلاتهم، وشملهم بنعمة عنايته الإلهية. يدعونا الرب يسوع في إنجيل اليوم لندرك أن المصاعب والمحن في هذه الحياة عابرة، وتقتضي منا الصمود بوجهها بالصبر. فيؤكد لنا صريحا: من يصبر إلى المنتهى يخلص (متى 24: 13). لكننا نعلم أنه يعضدنا بنعمته. ويدعونا لنميز صوته وصوت الكنيسة من أصوات المسحاء الكذبة الذين يضلون الناس بتعليمهم المضاد للإنجيل ولتعليم الكنيسة التي هي المؤتمنة وحدهاعلى التعليم الصحيح”
وتابع: “تمت نبوءة يسوع عن خراب هيكل أورشليم على يد الرومان سنة 70. ولم يبق منه سوى حائط المبكى. ولم يعد بإمكان اليهود بناؤه من جديد حتى يومنا. ذلك أنه فقد مبرر وجوده بعدما قتل يسوع هذا الشعب رب الهيكل. وبالتالي انتزعت من اليهود الخدم الثلاث: النبوءة والكهنوت والملوكية وأعطيت للكنيسة. أما الهيكل الحقيقي الذي يريده الله فهو الإنسان، على ما قال القديس إيلاريون أسقف بواتييه “إن الرب يسوع يؤكد بجوابه وجوب هدم كل شيء في الهيكل وتدمير حجارة الأساسات وبعثرتها، لأن هيكلا أبديا سيكرس للروح القدس، وهذا الهيكل الأبدي هو الإنسان الذي يستحق أن يكون سكنى الله”.
مجتمعنا اللبناني يحتاج إلى ثقافة الإنجيل، إنجيل المحبة والأخوة والعدالة والسلام، إنجيل قدسية الحياة البشرية وكرامتها، إنجيل النور لهداية ضمائر المسؤولين عندنا. فنتساءل: بأي راحة ضمير، ونحن في نهاية الشهرالأول من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، والمجلس النيابي لم يدع بعد إلى إي جلسة لانتخاب رئيس جديد، فيما العالم يشهد تطورات هامة وطلائع موازين قوى جديدة من شأنها أن تؤثر على المنطقة ولبنان؟ صحيح أن التوافق الداخلي على رئيس فكرة حميدة، لكن الأولوية تبقى للآلية الديمقراطية واحترام المواعيد، إذ إن انتظار التوافق سيف ذو حدين، خصوصا أن معالم هذا التوافق لم تلح بعد. إن انتخاب الرئيس شرط حيوي لتبقى الجمهورية ولا تنزلق في واقع التفتت الذي ألم بدول محيطة. لا يوجد ألف طريق للخلاص الوطني والمحافظة على وحدة لبنان بل طريق واحد، هو انتخاب رئيس للجمهورية بالاقتراع لا بالاجتهاد، وبدون التفاف على هذا الاستحقاق المصيري. إن الدساتير وضعت لانتخاب رئيس للجمهورية، لا لإحداث شغور رئاسي. فهل الشغور صار عندنا استحقاقا دستوريا، لا الانتخاب؟”.