بقلم الأديب جوزف مهنَّا
وجه الكلام يا غصن!
نَعْمَ عَيْنَكَ(1) يا غصنُ تفجّرتِ الينابيعُ قمحًا وخبزًا في معاجني، وأدرَكَتْ نَعْماءُ(2) المرافئِ في براءة الغاباتِ، حروفي، تُناعِمُ(3) مدني البعيدةَ المشرّعةَ الأبوابِ للأصباحِ وللعصافير.
ويومَ نُعْمٍ(4) تَلَمَّ على خيرٍ كثيرٍ، ما أَبهاهُ، أَفترِصُ فيه السّوانحَ في نشوةِ السُّكْرِ، تَزَيُّدًا لِوَهْجِ ظِلالِكَ على أَوراقي.
وجهُ الكلامِ يا غصنُ، يا واسعَ النِّعمةِ والحَلى، أّنّني أَصيرُ إلى النَّعيمِ كلما أنعَمْتُ(5) البالَ في أمرِكَ، فقربُكَ منزِلٌ يُنْعِمُ(6)، ألا أَنْعَمَ اللهُ عليكَ بُرْدَكَ الأخضر.
ونِعمَ الوِرْدُ وِرْدَكَ يا غصن!
أتقطَّرُ دمعةً حرّاء!
يا بحرُ!
مذ نَصَّبَتْ خيلُكَ آذانَها في ملاعبي، وأشْرَعتَ عليّ رمحًا، انتَصَبَ لك في صدري نُصْبٌ من الشّقاءِ لا يهدأُ له هادئٌ، ولا يفتأُ نُصْبَ عيني يزخَرُ بذخائرَ تُناصِبُني العداوةَ في توقُّدِ الجمر.
وإنّ رأيًا تَقاذَفَني عمري نصَبْتَهُ(7) لي، فَنَصَبَتْني(8) في فِلْذَتيَّ حُمّاهُ، وناصَبَني(9) وسادتي، لَشَدّ ما تحامَيْتُهُ(10) ذَهابًا منّي إلى راحةِ البالِ، فاطّرَحَني مَكدودًا في وِصابي، وأَوْقعني بَليلَ الأردانِ، أتقطَّرُ دمعةً حرّاءَ في هاجرةِ مَفاوِزِه.
لكَ اللهُ في أمري يا بحرًا يُنعَى عليه(11) قِسْوَةً يَستاغُها. أَلا عَصَمَ اللهُ القَطا منك في فِراخِها!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): كرمى
(2): اليد البيضاء الصّالحة
(3): ترفُّهِها
(4): يوم رغدٍ وطرب
(5): أعمَلْتُ
(6): كثير الخير
(7): نَصَبَ الشيءَ. رفعه وأقامه
(8): أتعبَه. أوجعهُ
(9): قاسَمَني
(10): إجتَنَبْتُه وحِرِزْتُ منه
(11): يُبان عليه