وجه نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار، كتابا مفتوحا إلى “المسؤولين القيمين على تقرير معاشات القضاة”. قال فيها: “في كل دولة تحترم نفسها ومؤسساتها وشعبها ومواطنيها، عليها ان تحافظ على قضاتها، وعلى كرامة قضاتها، ومسيرة ومعيشة قضاتها. إذ طالما أن القضاء بخير، البلد بخير. وما أكده الرئيس تشرشل قديما لا يزال ساري المفعول في جميع الأزمنة والأمكنة”.
أضاف: “قضاة لبنان ايها السادة، ورغم كل ما يقال ويشاع حول تصرفات عدد قليل منهم، لا يزالون من ألمع القضاة علما وثقافة واتزانا وحكمة وشجاعة. ولا يمكنكم ان تعاملوهم بهذه الطريقة. نعم، وبمحبة، ومن دون مقدمات أو كلام شعر. معظم قضاة لبنان يتكلون على معاشاتهم. معظمهم لم يرث عن أهله الأملاك والأموال، ويتكل على معاشه لإعالة عائلته ويجعلها تعيش عيشة كريمة. فلماذا هذه المعاملة وكأن الهدف منها إجبارهم على إتخاذ خطوات غير مألوفة كالاعتكاف. هذا الإعتكاف الذي سماه السادة القضاة إعتكافا قسريا، لا نؤيده ولا نرى أي منفعة لا بل هو مضر بهم وبنا وبالمواطنين. ولكن ماذا فعلتم من أجل حل هذه القضية؟ عدد القضاة لا يتجاوز الستماية وخمسين قاضيا. فكم هي كمية الأموال، التي ستدفع لهم كمعاشات ولماذا تزاد معاشات الجميع ولا تزاد معاشاتهم؟”
وتابع: “وقعتم للقطاع العام، فماذا لا توقعون للقضاة ولماذا جعلتم معاشاتهم غير مشمولة بالزيادة وهل من المألوف ان يوقع ستماية وثلاثين قاضيا عريضة لزيادة معاشاتهم الزهيدة، ولا أحد يلتفت إليهم؟ ما هو المطلوب منهم؟ هل النزول إلى الشارع أم ماذا؟ وبدلا من أن تتخذوا المبادرة من تلقاء أنفسكم وتزيدوا معاشاتهم، نراكم تهملون مطالبهم من دون أي مبرر. فكيف يعيش القاضي، وخصوصا الجدد منهم ومعاشهم لا يتجاوز الأربعة ملايين ليرة أي ماية دولار؟ من يدفع فواتير الكهرباء والماء والأدوية والتعليم والطبابة؟ نحن نعلم أنها أزمة عامة، وتصيب كل الشعب اللبناني، ولكن للقضاة وضع يجب أخذه بعين الإعتبار. إذ هو يتنقل بين منطقة وأخرى في المحاكم. والقاضي هو الحاكم. فمن يستطيع ان يحقق ويسجن ويخلي السبيل ويقرر الإعدام، ويقرر الإخلاء من المنزل أو تسجيله أو بت ملفات الأملاك العامة والبحرية وأموال المودعين والمرفأ و.. و .. إنه القاضي فقط ولا أحد غيره. فكيف يعامل مثل هذه المعاملة؟ ورب قائل: ولماذا يتكلم نقيب المحامين في هذا الموضوع ويطالب بما يطالب به؟ الجواب بسيط. نقابة المحامين هي أم النقابات، وهي حامية الحريات العامة وحقوق الإنسان. هذا صحيح. ولكن أيضا معظم المحامين جائعون. أعمالهم متوقفة منذ سنوات وسنوات وعليهم أن يدفعوا أجور العاملين في مكتبهم، وبدلات الإيجار والصيانة والورق والحبر وبدلات التنقل والبنزين و … و… فإذا توقفت المحاكم عن العمل، كيف يعملون؟ وكيف يعيشون؟ وهل المطلوب إعلام الجميع بأن الوضع مأساوي في المجتمع اللبناني ككل ولدى القضاة والمحامين والموظفين بشكل خاص؟ كيف سنقف غدا أمام قاضٍ نقول عنه اليوم أنه لا يستطيع تأمين ثمن دواء أو قسط مدرسة أو فاتورة كهرباء، وهو الحاكم الذي يبت في قضايا الناس والمؤتمن على أموالهم وأرواحهم؟ لماذا أيها المسؤولون تعاملون مواطنيكم بهذه الطريقة؟ هل المطلوب قيام ثورة فعلية لأن جميع الأبواب أقفلت في وجهنا؟”