لم تكن أشجار الخروب منتشرة في الجنوب اللبناني الاّ ما ندر منها من الأشجار المعمرة الموجودة في الأحراج والبساتين القديمة. ولم يكن المزارعون يهتمون بزراعة هذا النوع من الأشجار “كون انتاجها لا يحقق أرباحاً، نسبة الى الأشجار المثمرة، حتى ان صناعة الدبس كانت تحتاج الى جهد وعناء كبيرين، في الوقت الذي لا توجد الأسواق لتسويقه”، يقول المزارع المخضرم أحمد حيدر، ابن بلدة عيترون الحدودية، ويبين حيدر أن “دبس الخروب كان يحضره التجار من سوريا بأسعار رخيصة نسبياً، وهذا ساهم في عدم تشجيع المزارعين على زراعة الخروب”.
في بداية التسعينيات من القرن الماضي اهتمت البلديات بزراعة أشجار الخروب على الطرقات، وفي بعض الأماكن العامة، وكان الهدف تجميليًّا، اضافة الى كون شجرة الخروب من الأشجار الحرجية، التي تنمو بسرعة نسبة الى باقي الأشجار الحرجية الأخرى، وكان الهدف المركزي هو اتساع الغطاء الأخضر لأكثر من سبب منها ما هو تجميلي ومنها ما هو تجاري، ومآرب أخرى.
بعد العام 2000 بدأت أشجار الخروب تنتج ثمارها، وعملت البلديات ومعها أصحاب الأراضي المزروعة بالخروب على استغلال ثمار الخروب، وتوزيع دبسه بالمجان، أو بأسعار زهيدة على الأهالي. ونتيجة لانتشار أشجار الخروب في معظم القرى والبلدات الجنوبية، أنشأ عدد من المستثمرين معاصر لدبس الخروب، وكان أصحاب المعاصر يشترون كيلو الخروب بألفي ليرة تقريباً. لكن في السنوات الأخيرة، تنبه المزارعون الى أن للخروب فوائد أخرى، غير انتاج الدبس، منها أنه يستخدم لصناعة أدوات التجميل وبعض الأدوية العلاجية الأخرى. يقول المزارع فادي ترمس: ” لقد تبين أن شركات أجنبية تشتري الخروب بأسعار مرتفعة، ولا سيما بذار الخروب التي تستخدم لصناعة الأدوية، حتى قيل إن ثمنها يدفع بالعملة الصعبة، ومن المعلوم أن شجرة خروب واحدة متوسطة العمر قد تنتج 100 كلغ على أقل تقدير”.
أحراج الخروب: أشجار تنتج ذهباً
مراد: أهمية اقتصادية كبرى لشجرة الخروب
وفي هذا الاطار يشير مسؤول جهاد البناء في منطقة جبل عامل الأولى المهندس الزراعي سليم مراد الى أنه “برزت في الآونة الأخيرة أهمية اقتصادية كبرى لشجرة الخروب، كونها متنوعة الفوائد، ويمكن نموها في بيئات مختلفة، ساحلاً وجبلاً، وعلى ارتفاع يزيد عن 800 متر، كما تزرع في مناطق بعلية ومحدودة الأمطار وفي الأراضي الفقيرة والقابلة للانجراف”.
ويلفت مراد الى أن “أشجار الخروب معمّرة، وتؤمن الغطاء النباتي الجميل، وتحقق فوائد اقتصادية جيدة حتى وصل ثمن كيلو الخروب مؤخراً الى أكثر من دولارين، ويمكن الاستفادة من بقايا العصر في صناعة الأسمدة العضوية والأعلاف”.
ومن المعروف أنه بعد نضوج ثمار الخروب في شهر آب/ أغسطس، يتم تجفيفه جيداً تحت أشعة الشمس، ثم يتم فرمه وفرزه عن بذاره، وتخميره لمدة تزيد عن 60 يوماً قبل أن يغسل وينقع في الماء ويعصر ليتم غليه على نار هادئة لفترة طويلة.
ويطالب مراد باعتماد زراعة أشجار الخروب لتجميل المناطق والاستفادة منها مادياً في نفس الوقت، من خلال ثمارها الكثيفة والمفيدة.
دياب: مدخول مجدٍ لصالح البلديات
يذهب رئيس بلدية الطيبة الحاج عباس دياب الى أن ” البلدية زرعت منذ عدة سنوات مئات الأشجار من الخروب، وباتت ثمارها اليوم تحقق دخلاً سنوياً مهماً للبلدية يساعدها في هذه الأوضاع الصعبة على تخطي الأزمة المالية وخدمة الأهالي”.
وكان لافتاً انتشار معامل تصنيع دبس الخروب سواء في بنت جبيل وقراها، ومنطقة صور، وبلدة طيرفلسيه، اضافة الى بلدات النبطية، لا سيما في عربصاليم.
زراعة الخروب بكميات كبيرة لن تكلف صاحبها الا عناية عام واحد أو عامين، لكنها مع مرور الوقت ستصبح غطاء حرجياً للمتنزهين وذهباً للمزارعين.