لبنان بلد موبوء بالكوليرا

وقت يواصل وباء الكوليرا انتشاره، حاصداً 13 وفاة، ونحو 500 إصابة مثبتة، حتى مساء يوم أمس، تتخبط منظمة الصحة العالمية في كيفية إجراء الفحوص لمحاولة تتبع العدوى. فالمنظمة الدولية تتعاون مع وزارة الصحة في تأمين الفحوص ووضع مخطط لكيفية إجرائها. وبات الواقع الحالي شبيه بالتخبط الذي حصل في الفترة الأولى لانتشار كورونا، عندما كانت الفحوص غير منتظمة لترصد العدوى وعزل الحالات.

 

نقص بالفحوص

 

ففي التفاصيل، ما زالت الفحوص تقتصر على مختبرات الجامعة الأميركية في بيروت، وذلك في انتظار تأمين منظمة الصحة العالمية المزيد من الفحوص. وحيال هذا النقص، ما زالت الأمور تسير ببطء، في وقت تتسارع وتيرة الانتشار.

 

في الوقت الحالي، تجرى الفحوص لحالات محددة وفي مناطق جديدة. وتعتبر وزارة الصحة أن كل شخص يعاني من اضطراب معوي مصاب بالكوليرا في حال كان هناك حالة كوليرا بالمنطقة المعنية. ولا يصار إلى إجراء الفحص للتثبت من الإصابة بل تعزله وتعالجه، تقول مصادر مطلعة.

 

المنظمة الدولية صنفت لبنان بلداً موبوءاً، وذلك بعد إعلان عزمها إرسال عشرة آلاف لقاح. وعادة لا تمنح المنظمة الدولية اللقاحات إلا للدول المصنفة موبوءة. ووفق المصادر، سيحصل لبنان بعد نحو أسبوع على أول دفعات اللقاحات عبارة عن عشرة آلاف لقاح، يليها دفعة ثانية بنحو 600 ألف لقاح، تصل في غضون ثلاثة أسابيع. وبالتالي، تعكف الوزارة على وضع استراتيجية للتلقيح، التي ستبدأ بالقطاع الصحي.

 

تفكك البنى التحتية وتلوث

 

وتعليقاً على هذه التفاصيل التقنية في استراتيجية إجراء الفحوص، اعتبر رئيس قسم الأمراض الجرثومية والمعدية في مستشفى القديس جاورجيوس عيد عازار، أن منظمة الصحة العالمية تتعامل مع لبنان كأنه قرية في دولة متخلّفة لا يوجد فيها أي تطور مُدني. فأسهل طريقة هي أن تصنّف كل شخص لديه أعراض إسهال أو اضطراب معوي أنه مصاب بالكوليرا. وهذا لا يفيد لبنان في وضع مخطط علمي لمكافحة الوباء.

 

وذكّر أن المشكلة الحالية مع المنظمة الدولية هي في طريقة مقاربتها للكوليرا وكيفية إجراء الفحوص، وهي مقاربة شبيهة بتلك التي كانت في المرحلة الأولى لتفشي كورونا. لكن وباء الكوليرا أكثر تعقيداً، خصوصاً أن لبنان يعاني من تفكك بناه التحتية ويعاني من تلوث مصادر المياه، كما ظهر في طرابلس. الأمر الذي يستدعي فحص كل مصادر المياه هناك.

 

 

 

ووفق عازار، تخفيف سرعة الانتشار تقتضي إجراء المزيد من الفحوص والتتبع الوبائي، فضلاً عن عزل الحالات ومعالجتها، بخلاف رؤية المنظمة الدولية التي تعتمدها وزارة الصحة. وهذا يحتاج إلى خطة وطنية ووضع معايير لإجراء الفحوص لتتبع الوباء. وعلى سبيل المثال، عند اكتشاف حالة في مدرسة ما يجب إجراء الفحوص السريعة للذين يعانون من أعراض مرضية لا تصنيفهم مباشرة كحالات مثبتة.

 

وأضاف أن الوضع الحالي يتطلب استخدام الفحوص السريعة، الشبيهة بفحوص كورونا السريعة. وهي أسرع طريقة لإجراء مسح في المناطق المصنفة في دائرة الخطر.

 

اليونيسيف

 

“المدن” تواصلت مع ممثلة منظمة الصحة العالمية في خلية الأزمة في وزارة الصحة، أليسار راضي، للوقوف عند رؤية المنظمة وكيفية متابعة الوضع في لبنان. لكن الأخيرة لم تجب على الاتصالات.

 

إلى ذلك صدر بيان عن نائب المدير الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بيرتراند باينفيل، عبر فيه عن قلقه من وتيرة تفشي الكوليرا في سوريا ولبنان وخطر انتشارها إلى بلدان أخرى في المنطقة تتطلب اتخاذ إجراءات فورية.

 

ولفت إلى أن الوباء “خلّف في سوريا أكثر من 20 ألف حالة مشتبه بها، تعاني الإسهال المائي الحاد، و75 حالة وفاة مرتبطة بالكوليرا. وفي لبنان، وصلت حالات الكوليرا المؤكدة إلى 448 حالة في أسبوعين فقط، و10 وفيات مرتبطة بها”. وأضاف “أن بعض البلدان المجاورة الأخرى تعاني فعلاً من مستوى عالٍ من حالات الإسهال المائي الحاد وقد تكون معرضة لخطر دخول الكوليرا”.

 

وأكد أن “اليونيسف تحتاج بشكل عاجل إلى 40.5 مليون دولار أميركي لتوسيع استجابتها الطارئة للكوليرا في سوريا ولبنان وحدهما في الأشهر الثلاثة المقبلة، بينما هناك حاجة إلى مزيد من التمويل لجهود الاستجابة والتأهب في البلدان المجاورة.”