أسقطت شماعة “سلاح المقاومة”.. “اتفاقية الغاز” تسوية غير معلنة بين حزب الله وإسرائيل
أورينت نت – خاص | 2022-06-22 14:58:08
تنازلت الدولة اللبنانية عن حدودها البحرية لإسرائيل مقابل اتفاقية “الغاز” الموقعة مع مصر وميليشيا أسد في سوريا بضوء أخضر أمريكي، بعد نزاع استمر لسنوات، وتفاقم مع دخول السفينة اليونانية (الإسرائيلية) المنطقة البحرية المتنازع عليها بين البلدين، ما يكشف عن تسوية “غير معلنة” بين حلف إيران (حزب الله) وبين إسرائيل.
الاتفاق الذي جرى توقيعه في العاصمة اللبنانية بيروت يوم أمس، بين حكومات لبنان ومصر وحكومة ميليشيا أسد، ينص على نقل 650 مليون متر مكعب من الغاز سنوياً من مصر إلى لبنان عبر الأراضي السورية، حيث سيتم ضخ الغاز عبر خط أنابيب إلى محطة كهرباء دير عمار في شمال لبنان، لتحسين واقع الكهرباء في لبنان معدل 4 ساعات إضافية يومياً.
وجاء الاتفاق بضوء أخضر أمريكي كونه يتخطى العقوبات الأمريكية المفروضة على ميليشيا الأسد في إطار قانون “قيصر” الذي أقره الكونغرس الأمريكي في منتصف 2019، وبدأ تطبيقه رسمياً في حزيران 2020، وفي هذا الصدد: قال وزير الطاقة اللبناني وليد فياض، يوم أمس، إن “واشنطن وعدت الحكومة اللبنانية بتأمين ضمانات مكتوبة، بإعفاء الجانب المصري من قانون قيصر الأمريكي الذي يفرض عقوبات على أية جهة تتعاون مع سوريا”.
لكن توقيع الاتفاقية جاء بالتزامن مع تنازل لبنان عن حدوده البحرية (الخط 29) لمصلحة إسرائيل بعد سلسلة مفاوضات غير مباشرة أجراها الوسيط الأمريكي آموس هوكستين، الإثنين الماضي، مع الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون ومدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم ونائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب.
صفقة غير معلنة
وأكدت مصادر لبنانية عديدة أن اللقاءات انتهت بتنازل المسؤولين اللبنانيين عن الخط البحري (29) الذي أصرّ حزب الله في الفترة السابقة على عدم التنازل عنه باعتباره داخل حدود لبنان البحرية، وبذلك اعتبر “حقل كاريش” الذي دخلته سفينة التنقيب الإسرائيلية مؤخراً ضمن المنطقة المتنازع عليها مع إسرائيل.
وقال المحلل اللبناني طوني بولس إن بلاده تنازلت عن (الخط 29) مقابل توقيع اتفاقية الغاز وبموافقة “غير معلنة” من (حزب الله) الذي لا يجرؤ على كشف إجراء تسوية علنية مع إسرائيل، وأوضح بولس: “هذا الموضوع تم بموافقة حزب الله، والحزب ما بيقدر يتحمل تسوية مباشرة مع إسرائيل عبر الاعلام، ولهيك ألبسها لحليفه التيار الوطني الحر وفريق السلطة، وحزب الله يختبئ وراء الدولة، وساعة اللي بدو بيعترف انو في دولة بتفاوض وساعة لا.. وهالشي كلو بيدل عن عجز حزب الله عن مواجهة إسرائيل”.
ولفت بولس إلى أن ما جرى خلال الاتفاقية والتنازلات الأخيرة يؤكد اعتراف حزب الله وحلفائه من (محور المقاومة) بشكل ضمني بوجود إسرائيل، وهو ما يسقط شماعة “سلاح المقاومة” التي دائماً يلوّح بها ويعدّها أداته لأجنداته الإيرانية في لبنان، وقال المحلل اللبناني: “بالتالي سلاح حزب الله مالو أي دور، والدليل إنو سفن التنقيب وحدة منهن موجودة بحقل (كاريش) جنوب الخط 29 والثانية دخلت إلى شمال (الخط 29) بتسعة كيلومترات، وبدأت بعمليات المسح والتنقيب واستخراج الغاز بوقت سريع، والإسرائيليين ماشيين بهالموضوع، ويعني ذلك إنو في تسوية غير معلنة حتى الساعة وترتيبات عم تظهر وبشكل متتالي، وهالشي عم يتم بتنسيق كامل مع حزب الله، ومازال الدولة راحت بهذا الاتجاه فمعناها حزب الله عاطي الضوء الأخضر وهو اللي عامل التسوية مع إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر”.
لقاءات تمهيدية
وكانت السفيرة الفرنسية في لبنان (آن غريو) التقت مسؤولي حزب الله في الضاحية الجنوبية خلال الأيام الماضية، ولاسيما المكلف من قبل حزب الله بملف ترسيم الحدود البحرية، النائب السابق نواف الموسوي، حيث كان هدف تلك اللقاءات الحصول على موافقة حزب الله ونقلها إلى الوسيط الأمريكي آموس هوكستين.
وما يؤكد دور ميليشيا حزب الله في المفاوضات الأخيرة وخيار التنازل عن الحدود البحرية لمصلحة إسرائيل مقابل صفقة “غير معلنة” هو زيارة السفيرة الفرنسية (آن غريو) للضاحية الجنوبية ولقاءها مع مسؤولي حزب الله، وعلى رأسهم مسؤول ملف ترسيم الحدود نواف الموسوي في الضاحية الجنوبية، وذلك قبيل زيارة المفاوض الأمريكي إلى لبنان، بدعوة من الرئيسين ميشال هون ونجيب ميقاتي لتسوية قضية الحدود البحرية مع إسرائيل بعد تصاعد النزاع حول وجود السفينة اليونانية في حقل (كاريش) المتنازع عليه بين البلدين.
كما أن زعيم الميليشيا حسن نصر الله، كان قد أمهل الدولة اللبنانية مهلة شهرين لإنهاء المفاوضات مع إسرائيل دون التخلي عن الحقوق اللبنانية، ولاسيما الحدود البحرية، حيث هدد نصر الله بضرب الباخرة اليونانية لعدم السماح للإسرائيليين باستخراج الغاز من المنطقة البحرية المتنازع عليها، إلى جانب ارتفاع أصوات “المزاودة” من قبل مسؤوليه وأنصاره بعدم التخلي عن الخط (29) لمصلحة “العدو الإسرائيلي”.
غاز إسرائيلي إلى حزب الله
وكانت القناة 12 الإسرائيلية أكدت في وقت سابق العام الماضي، أن الغاز الذي سينير لبنان والذي سيمر بمناطق سيطرة ميليشيا أسد، ما هو بغازٍ مصري كما أشاعت ميليشيا حزب الله ونظام أسد، إنما هو غازٌ إسرائيلي، والهدف من ذلك تنفيذ خطة للرئيس الأمريكي لإنقاذ لبنان من الظلام الناجم عن النقص الحاد في الكهرباء، وستعفي إدارة بايدن هذه الخطة من العقوبات القاسية التي فرضتها على نظام أسد، وستُطبع الدول العربية العلاقات معه تدريجياً دون فيتو أمريكي، بحسب ما ذكرت القناة.
وجرى العمل باتفاقية خط الغاز المصري (الخط العربي) منذ عام 2000، وتوقف عن العمل مع بدايات الربيع العربي، ويبدأ الخط من مصر ويمرّ بالعريش وبمحاذاة الحدود الإسرائيلية (خليج العقبة).. ويدخل الأردن ومن ثم سوريا ويتفرع في مدينة حمص إلى فرعي بانياس السورية وطرابلس اللبنانية، وكان من المفترض إكمال مدِّه نحو كلّس التركية ليلتقي بعدها بخط أنابيب نابكو ويتوجه إلى أوروبا بإدارة عربية إسرائيلية تركية أوروبية مشتركة.