الجمهورية: عون يغطّي مغادرته بقصف سياسي .. ولبنان إلى مرحلة غموض غير بنّاء
كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول:
تنتهي منتصف ليل اليوم ولاية الرئيس ميشال عون، وتدخل البلاد في فراغ رئاسي في مشهد متكرّر للمرة الثالثة بعد العام 2005، وبمعزل عن الصخب الشعبي والإعلامي الذي رافق خروجه من القصر الجمهوري، والسخونة السياسية على خلفية الحكومة، والضوضاء الذي سيحظى به مع انتقاله إلى منزله الجديد في الرابية، إلّا انّ البلد سيدخل ابتداء من الغد في «ستاتيكو» جديد عنوانه الفراغ الرئاسي وحركة سياسية تحت هذا السقف، في غياب أي مؤشرات إلى إمكانية انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وضمن سياق متصل، قالت مصادر سياسية مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ لبنان «دخل في مرحلة الغموض غير البنّاء مع انتهاء ولاية عون والعجز عن تشكيل حكومة جديدة، وسط خلاف داخلي حاد حول صوابية تسلّم حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئيس الجمهورية.
ولفتت إلى أنّه «بعد إنجاز الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية تراجع الاهتمام الدولي بالملف اللبناني كثيراً، ناقلة عن بعض السفراء قولهم «انّ هذا الملف لم يعد موجوداً، بعد الترسيم، على كثير من الرادارات الخارجية، الأمر الذي قد يؤخّر الحل ما لم تتحمّل القوى الداخلية مسؤولياتها».
لم يعد الفراغ يخيف الشعب اللبناني بعدما انهارت أوضاعه في ظلّ رئاسات وحكومات لم تحل دون الانهيار، بل سياساتها وخصوماتها ومواجهاتها أوصلت البلد إلى ما وصل إليه من كوارث ومآسٍ، ولم يعد ملحّاً، بالنسبة إلى الناس، ملء الفراغ بأي وسيلة وطريقة، إنما المطلوب تغيير النهج والممارسة وطريقة إدارة الدولة، وبالتالي النظرة إلى الفراغ لا يفترض ان تنحصر بالنصف الفارغ من الكوب، بل التركيز على النصف الملآن الذي يشكّل فرصة لإعادة إنتاج سلطة، رئيس جمهورية ورئيس حكومة وحكومة، تضع نصب أعينها مصلحة البلد والشعب.
ولكن مصادر في المعارضة قالت لـ«الجمهورية»: «إنّ الأمل كبير في ما هو آتٍ، خصوصاً انّ معظم القوى تستشعر خطورة المرحلة وحريصة على استمرار الاستقرار، كما انّ المجتمع الدولي الذي وضع ثقله لإنجاز الترسيم حريص بدوره على هذا الاستقرار، وأظهر انّه عندما يتدخّل ويمارس ضغوطه قادر على تحقيق النتائج المرجوة، وكل المؤشرات تقول انّه ينتظر الفراغ ليرفع من منسوب تدخّله مع القوى السياسية لتقصير هذه الفترة. فلا داعي للهلع وتخويف الناس من سيناريوهات وهمية، كون الأمور تحت السيطرة وبعض النهايات تتحول إلى مطلب تمهيداً لبدايات تعيد وضع البلد على السكة الصحيحة بعدما انحرف مساره في السنوات الأخيرة، كما لا داعي للأسف على مرحلة انزلق فيها لبنان إلى القعر، ولكن الخوف من طول أمد الفراغ الذي يصعب إبّانه إخراج البلد من أزمته».
واضافت هذه المصادر: «على الرغم من انّ الفضاء الإعلامي سيمتلئ بالحديث عن تقييم عهد الرئيس ميشال عون، إلّا انّ سقف هذه المسألة لن يتجاوز نهاية هذا الأسبوع، في بلد ينام على حدث ويصحو على تطور، وهو قادر على هضم كل الأحداث بعدما اعتاد على كثير من الأهوال والمصائب، فيما همّ الناس في مكان آخر، وهو استعادتها لحياتها الطبيعية وإعادة خفض سعر الدولار وتحسُّن ظروفها المعيشية والحياتية، ولا تكترث لمن ذهب ولا لمن سيأتي سوى بمقدار تحسُّسه بأوضاعها». واعتبرت انّ «التاريخ كفيل بلا شك على الحكم على هذه التجربة التي شهدت انطلاقة واعدة ومُنحت فرصة نادرة، ولكن سرعان ما تبدّدت الآمال وضاعت الفرصة بسبب خصومات ومواجهات وفراغات استنزفت العهد والبلد، فيما على كل فريق ان يتعظ من تجاربه، وعلى الرئيس العتيد أيضاً ان يتعظ من تجارب أسلافه تجنّباً لسقطات تقود إلى مهالك، لأنّه ثبت بالتجربة انّ البلد لا يُحكم سوى بالتوافق والحكمة والكتاب».
ورأت المصادر نفسها، انّ «كل المؤشرات تدل إلى انّ الفراغ لن يكون طويلاً في ظلّ سعي فرنسي- سعودي حثيث للوصول إلى اسم تتقاطع حوله معظم الكتل البرلمانية، كما انّ القوى الأساسية تريد انتخابات رئاسية تعيد الانتظام إلى البلد وتواكب مرحلة الترسيم واستخراج الغاز، والدليل انّ المعارضة السيادية التي تبنّت ترشيح النائب ميشال معوض منفتحة على التشاور، كما انّ «حزب الله» لم يُلزم نفسه بمرشح على غرار المرحلة السابقة، من أجل ترك كل الخيارات مفتوحة».
مرحلة جديدة
وقد غادر عون، ظهر امس القصر الجمهوري الى منزله في الرابية، وسط مراسم وداع رسمية أُقيمت له. وقد غطّى مغادرته بقصف سياسي في كل الاتجاهات، مركّزاً على المنظومة التي حمّلها مسؤولية عهده. وقال في كلمة امام الحشود الشعبية التي توافدت لتحيته ودعمه، إنّه ينتقل إلى «مرحلة جديدة تبدأ بنضال قوي وعمل وجهد لاقتلاع الفساد من جذوره». وأكّد انّ «لبنان في حاجة إلى اصلاح لكي يعود الى الحياة بعد إنهاء نفوذ الذين شلّوا القضاء وأوقفوا التحقيق في انفجار المرفأ»، وقال: «إنّ البلد مسروق بخزينته وبمصرفه المركزي، ومن جيوب المواطنين. وأصبح لدينا دولة مهترئة بمؤسساتها ومن دون قيمة، لأنّ المنظومة الحاكمة استعملتها، والقضاء معطّل لا يحصّل حقوق الناس».
وتساءل: «ماذا نقول إذا كانت كل الجرائم المالية قد ارتكبها حاكم المصرف المركزي ولم نتمكن من إيصاله الى المحكمة؟ فمن يحميه؟ ومن هو شريكه؟ جميعهم في المنظومة الحاكمة منذ 32 عاماً اوصلونا إلى هذا الحال».
وكشف عون انّ «القضاء لا يحاكم من في حقهم دعاوى جرمية»، مشيراً الى انّه «مضى سنتان او ثلاث على رفع 22 دعوى قضائية، من دون معرفة مصير أي منها حتى الآن». وقال: «قد يكون المتهمون بالفساد هم من جماعتهم، والّا فلماذا يبحثون عن حماية لهم»، مشدّداً على انّ «حكمنا اليوم اصبح حكماً ثأرياً وليس حكماً عادلاً، والثأر ليس بعدالة، فالثأر هو جريمة في الحكم». واعلن الانتقال إلى «المرحلة الثانية لإخراج الوطن من الحفرة العميقة التي وضعوه فيها»، معتبراً انّ «الثروة الوطنية المتمثلة بالنفط والغاز ستعطينا وحدها الرأسمال الكافي لإنقاذ لبنان»، وانّ «الصندوق السيادي هو الذي يحافظ على أموال الشعب».
مرسوم الاستقالة
وقبيل مغادرته وقّع عون صباحاً المرسوم الرقم 10942، وقضى باعتبار حكومة ميقاتي، مستقيلة. وجاء فيه: «إنّ رئيس الجمهورية، بناءً على الدستور، لا سيما البند /5/ من المادة /53/ منه، والفقرة (ه) من البند /1/ من المادة 69 منه، يرسم ما يأتي:
المادة الأولى: اعتُبرت الحكومة التي يرأسها السيد محمد نجيب ميقاتي مستقيلة.
المادة الثانية: يُنشر هذا المرسوم ويُبلّغ حيث تدعو الحاجة ويُعمل به فور صدوره».
وكان عون استبق هذا المرسوم برسالة وجّهها إلى مجلس النواب عبر رئيسه نبيه بري، دعاه فيها قبل يومين على انتهاء ولاية رئيس الجمهورية إلى ان يبادر إلى نزع التكليف عن ميقاتي «لأنّ الرئيس المكلّف يحبس التأليف ويؤبّد التصريف مراهناً على الفراغ القاتل لميثاقنا وهويتنا ودستورنا وكياننا والمهدّد لاستقرارنا الأمني». وقال: «انّ رئيس الحكومة المكلّف لم يعتذر، والّا كنا بادرنا إلى استشارتكم والتشاور مع رئيس المجلس وكلّفنا وألفنا وتجاوزنا الأخطار والفوضى الدستورية التي تستولد كل الحالات الشاذة. وعليه يتوجب على دولة الرئيس المكلّف ان يعتذر، لكي يصار فوراً إلى تكليف سواه وإصدار مراسيم التشكيل فور ذلك تجنّباً للفراغ، هذا إذا لم يبادر مجلسكم الكريم إلى نزع التكليف، فيما هو من اعطاه ايّاه».
ميقاتي يردّ
وردّ ميقاتي على مرسوم عون باعتبار حكومته مستقيلة، موجّهاً إلى رئيس مجلس النواب أعلمه فيها «انّ الحكومة ستتابع القيام بواجباتها الدستورية كافة ومن بينها تصريف الاعمال وفق نصوص الدستور والأنظمة التي ترعى عملها وكيفية اتخاذ قراراتها والمنصوص عنها في الدستور وفي المرسوم رقم ٢٥٥٢ تاريخ ١/٨/١٩٩٢ وتعديلاته (تنظيم اعمال مجلس الوزراء) ما لم يكن لمجلس النواب رأي مخالف».
واعتبر «انّ المرسوم الذي قبل استقالة الحكومة، المستقيلة اصلاً بمقتضى أحكام الدستور، يفتقر الى أي قيمة دستورية». واعتبر انّ «هذا المرسوم (مرسوم قبول استقالة حكومة مستقيلة) يرتدي، دون ريب، الطابع الإعلاني وليس الإنشائي، مع ما يترتّب على ذلك من نتائج أهمّها أنّ تصريف الأعمال يُمسي من واجبات الحكومة المُستقيلة او التي تُعتبر بحكم المُستقيلة دونما حاجة إلى قرار يصدر عن رئيس الجمهورية في هذا الخصوص».
بري يتسلّم الرسالتين
ولاحقاً تسلّم بري رسالتي عون وميقاتي. وأكّدت اوساط عين التينة لـ»الجمهورية»، انّه سيدعو إلى جلسة نيابية لمناقشة رسالة عون منتصف الاسبوع المقبل، تقيّداً بالآلية الدستورية.
واستغربت هذه الاوساط «القصف السياسي المفاجئ الذي تعرّض له بري بالمباشر وبالاسم من قِبل عون والنائب جبران باسيل خلال الأيام القليلة الماضية، من دون أن يكون هناك سبب واضح يفسّر هذا الهجوم، خصوصاً انّ الوضع كان هادئاً بينه وبين رئيسي الجمهورية و»التيار الوطني الحر» وسبق له ان استقبل اخيراً باسيل مع وفد نيابي».
ونقلت الاوساط عن بري استهجانه للسلبية التي تعاطى بها البعض مع المبادرة الحوارية التي أطلقها، متسائلاً: «كيف يمكن أن يكون مبدأ الحوار مرفوض؟».
ولفت بري في حديث صحافي إلى أنّ «الحكومة مستقيلة بموجب المادة 69 من الدستور التي تُعدّد الحالات التي تعتبر فيها الحكومة مستقيلة، ومنها انتخاب اعضاء مجلس النواب»، مشيراً إلى أنّ «هذا الأمر لا يحتاجُ إلى قرار».
ميقاتي
وغداة الإجراءات الرئاسية قالت مصادر ميقاتي لـ«الجمهورية»، انّ الخطوات التي اتخذها رئيس الجمهورية جاءت خارج ما يقول به العرف والدستور. ولفتت إلى انّ أياً منها «لن يرى النور ولن يتحقق في الساعات القليلة الفاصلة عن نهاية ولاية عون ودخول البلاد مرحلة خلو سدّة الرئاسة من شاغلها».
وفي أول مهمة له خارج لبنان، تبدأ قبل ساعات قليلة من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية وتمتد الى بدء مرحلة خلو سدّة الرئاسة من شاغلها، يتوجّه ميقاتي ظهر اليوم إلى الجزائر، ليرأس وفد لبنان إلى القمة العربية الدورية السنوية عشية انطلاق اعمالها في العاصمة الجزائرية يرافقه وزير الخارجية عبد الله بو حبيب ووزير الطاقة وليد فياض وفريق من الاداريين والمستشارين المعنيين بالملفات التي ستتناولها القمة وما سيجري على هامشها.
وعلمت «الجمهورية»، انّ الاتصالات التي سبقت الزيارة انتهت الى تحديد سلسلة من المواعيد الرسمية مع رؤساء الوفود العربية المشاركة في القمة وعدد من رؤساء الوفود على مستوى رؤساء الجمهورية والملوك والأمراء ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية العرب. كما سيلتقي عدداً من المسؤولين الأوروبيين والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي المشاركين في القمة كضيوف مدعوين اليها.
وقال ميقاتي في حوار متلفز: «إنّ عنوان المرحلة هو عدم التصادم مع أحد، وانّ المستقبل هو من يرسم لنا خطواتنا، وإذا كان هناك من مصلحة لاجتماع وزاري سيُعقد». وقال عن الوزراء الخمسة المقاطعين: «يستطيعون أن يطلبوا إعفاءهم من مهماتهم، فإما نعيّن مكانهم وإما يتولّى الوزراء بالوكالة وزاراتهم». لكن ميقاتي استبعد أن يقاطع هؤلاء، وقال: «لن يفعلوا، حيث لا مقاطعة ولا تعيين بديل، خصوصاً أنّ اجتماعهم برئيس «التيار الوطني الحر» جاء قبل أيام من نهاية العهد».
وقال ميقاتي: «لست في وارد التصادم مع أحد وعرض العضلات. وهدفنا خدمة الناس وتسيير المرفق العام، وفخامة الرئيس من البداية كان لا يرغب في أن أشكل الحكومة».
وأضاف: «لا أسعى لأخذ مكان أي أحد، وأسعى للخير في البلاد وتسيير الأوضاع بطريقة صحيحة حتى الوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع ما يُمكن».
ولفت إلى أنّ، «رئيس الجمهورية هو لكل لبنان وليس لفريق. وأريد الخير للبلاد بإذن الله. وأتمنى أن ينتهي الفراغ في أسرع وقت ما يمكن». وقال: «لن أدعو إلى مجلس وزراء إلّا في الحالات القصوى، وسأصرّف الأعمال كما يجري الآن، ولا أرغب بالمشاكل «يلي فينا بكفينا»، وحريص جداً على بقاء جميع الوزراء ولن تجمعنا إلّا المصلحة الوطنية».
لباسيل مرشحه
وأكّد باسيل، أنّ «بكرا منشوف مين فشّل البلد»، ومن غير الممكن أن ندعم ترشّح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية». وقال من دارة عون في الرابية، انّ «الفراغ يُتعب الفارغين، وهم يُراهنون عليه، والفراغ سيُكلّف البلد ولن يُثنينا عن موقفنا».
وعن ترشيحه لانتخابات رئاسة الجمهورية، سأل باسيل: «فيكن تنسوني أنا؟ إذا بتنسوني بترتاحوا»، ولدينا مرشحّنا المنطقي، لكنّنا لم نرشّحه لتسهيل التّوافق»، مشيرًا إلى أنّ «هناك عجزًا لدى الجميع في الاتّفاق على مرشّح يمكنه الوصول إلى سدّة الرّئاسة».
مواقف
وفي سياق متصل، رأى رئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، أنّ «ما صدر هو مرسوم سياسي وليس دستوريًا. والرئيس عون هدّدنا بفوضى دستورية». وأضاف في حديثٍ متلفز: «عون يفسّر الدستور على مزاجه وهذا يؤدي إلى مزيد من الإرباك وردّ ميقاتي كان في محله».
وأوضح رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، أنّ «الحكومة تُعتبر مُستقيلة عند إنتخاب مجلس نيابي جديد»، معتبرًا أنّ المرسوم الذي وقّعه عون» هو لزوم ما لا يلزم».
وقال: «عون كان يُفترض به أن يكون فوق الجميع ولكنه تصرّف كأنّه رئيس فريق أو حزب، وفي خطابه اليوم كان يتصرف كأنّه رئيس لمجموعة التيار الوطني الحر».
واضاف: «الذي يحلّ المشكلة هو انتخاب رئيس للجمهورية وليس الضياع في دهاليز المشكلات التي لا ينبثق عنها انتخاب صحيح لرئيس الجمهورية».
«حزب الله»
واعتبر نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، أنّ «حزب الله جهد وعمل للتوفيق بين الرئيس عون ورئيس الحكومة من أجل تشكيل حكومة، وتقدّمنا في بعض المحطات للتوفيق بينهما، لكن سرعان ما كان الأمر يصل إلى نتائج سلبية، كما عملنا على انتخاب رئيس لتلافي الوقوع في نزاعات دستورية تعطّل وتعوق لبنان أكثر مما هو معطّل، لكن وصلنا إلى انتهاء الاستحقاق الرسمي ولم ينتخب رئيساً».
وأضاف: «نؤيّد دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري من أجل الحوار لتقريب وجهات النظر، علّنا نسرع في الوقت لأنّ انتخاب رئيس للجمهورية هو ضروري وطبيعي لأي حل يمكن أن يحصل على المستوى الاقتصادي والمالي والاجتماعي».
الشغور مؤامرة
وفي المواقف ايضاً، ناشد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي خلال عظة الاحد النواب «القيام سريعاً بواجبهم وانتخاب رئيس جديد، لأنّ الشغور الرئاسي ليس وكأنّه قدر في لبنان، بل هو مؤامرة عليه بما يشكّل في هذا الشرق من خصوصية حضارية يسعى البعض إلى نقضها. والدولة بلا رئيس كجسم بلا رأس. والجسم لا يحتمل أكثر من رأس». وقال: «ليس اليوم، وقد انتهت المهلة الدستورية، وقت الحوار بل وقت انتخاب الرئيس الجديد. ويتمّ الإنتخاب لا بالاتفاق المسبق على الإسم، لأنّه غير ممكن، بل بجلسات الإقتراع المتتالية والمصحوبة بالتشاور وبالمحافظة الدائمة على النصاب».
وسأل: «لماذا هذا التشكيك في الشخصيات القادرة على تبوؤ هذا المنصب وتصوير الواقع كأن ليس بين كل موارنة لبنان شخصية صالحة لتسلّم الرئاسة وإنقاذ البلاد. فكلما طُرح اسم ينهال الطعن بقدراته أكان مدنياً أو عسكرياً، ديبلوماسياً أو مفكراً إستراتيجياً، تقنياً أو سياسياً، من الجيل الجديد أو من الجيل المخضرم». وقال: «هذا أمر مدبّر ومخطّط له، إما لإطالة الشغور الرئاسي، وإما لفرض رئيس من خارج الثوابت الوطنية يكون خاضعاً للمشاريع المتجولة في المنطقة».
واعتبر انّ «الطريق إلى قصر بعبدا يمرّ باحترام الدستور والشرعية وعدم تجييرهما لهذا المحور أو ذاك، وباختيار رئيس يتمتع بتجربة إدارة الشأن العام ومعرفة الإدارة اللبنانية والمؤسسات، وبالقدرة على جمع المواطنين حول مبادئ لبنانية والولاء للبنان فقط، وباستعادة علاقات لبنان مع أصدقائه وتوسيعها».
عوده
واعتبر المطران الياس عوده خلال ترؤّسه خدمة القدّاس في كاتدرائيّة القديس جاورجيوس، أنّ «وجود رئيس على رأس الدولة أمر ضروري، تماماً كما هي ضرورية حكومة متجانسة، تعمل وفق رؤية واضحة، وخطة إنقاذية إصلاحية، الجسد من دون رأس يكون معطّلاً، والرأس بلا أعضاء حية كقائد بلا عناصر، لذا من مصلحة الجميع العمل على انتخاب رئيس، ثم تسهيل تشكيل حكومة ليتناسق العمل ويبدأ البنيان».
لابيد في كاريش
وعلى صعيد ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، زار رئيس وزراء إسرائيل يائير لابيد حقل غاز كاريش امس، مؤكّداً أنّ «حقل كاريش يمثل مستقبل الطاقة والاقتصاد لإسرائيل». وأضاف: «اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان سيضمن لنا الاستقرار الاقتصادي لسنوات عديدة».
وإلى ذلك، كشفت قناة «24» العبرية، أنّه «تمّ الاتفاق على خطاب الضمانات الأميركية إلى إسرائيل، والموجّه إلى رئيس الوزراء يائير لابيد والموقّع من قِبل رئيس الولايات المتحدة جو بايدن، ومن المتوقع أن يتمّ توقيعه في وقت مبكر من هذا الأسبوع».
ولفتت الى أنّ «الرسالة تحدّد، بحسب ما صرّح به مسؤول سياسي إسرائيلي كبير لصحافيين، دور لابيد في تحقيق الاتفاق «الشجاع»، كما جاء في الرسالة، والتي تعبّر عن دعم أميركي واضح لا لبس فيه لمواقف إسرائيل في القضايا المتعلقة باتفاق الحدود البحرية، بما في ذلك الالتزام الذي يتجاوز في بعض الحالات بيانات السياسة، ويعرّف بايدن الاتفاقية بأنّها «إنجاز تاريخي»، وخطوة أولى لتعزيز الاستقرار بين إسرائيل ولبنان».
وفي هذا السياق، أشارت الى أنّ الرئيس الأميركي كتب في خطاب الضمانات، أنّ «الولايات المتحدة ملتزمة بالتنفيذ الكامل لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية، وبحقوق إسرائيل الأمنية والاقتصادية المتفق عليها فيها. بالإضافة إلى ذلك، تكرّر الولايات المتحدة في الرسالة التزامها بمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وردع أعدائها بما في ذلك الساحة البحرية، ويشمل التهديدات ضدّ أصول الطاقة الإسرائيلية في البحر أو ضدّ السفن الإسرائيلية».
وذكرت أنّ «الرئيس جو بايدن، ملتزم بمواصلة تعزيز العلاقات كما هو محدّد في «إعلان القدس»، الذي وقّعه بايدن ولابيد أثناء زيارة بايدن لإسرائيل، وتمّ الاتفاق على النص النهائي للرسالة أمس، ومن المتوقع أن يتمّ توقيع الخطاب مطلع الأسبوع المقبل، بالإضافة إلى أنّ محتوى الخطاب، مثل خطابات الضمان السابقة، ليس علنيًا».
اللواء : «العهد المأزوم»: عون دخل علی انقسام.. وخرج بـ«رسائل انتقام
برّي يدرس الدعوة لجلسة الرسالة الأخيرة.. وميقاتي يعتبر قبول الاستقالة كأنه لم يكن
كتبت صحيفة ” للواء” تقول:
في 31 (ت1) 2016 دخل العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا بانقسام نيابي حول انتخابه رئيساً، بعد تسوية رئاسية سرعان ما تهاوت، مع خروج أو إخراج الشريك الرئيسي للحكم فيها الرئيس سعد الحريري، وعودة الاشتباك إلى سابق عهده مع «القوات اللبنانية» بعد «تفاهم معراب».
في 30 (ت1) 2022، غادر الرئيس عون قصر بعبدا، قبل يوم واحد إلى «فيللا» جديدة جهزت خصيصاً لسكنه في الرابية، بتجربة غير مسبوقة، لجهة المغادرة، وتوزيع خسائر الاشتباك السياسي والدستوري العام بكل الاتجاهات، لا سيما باتجاه رئاستين في الجمهورية: الأولى رئاسة مجلس الوزراء ممثلة بالرئيس المكلف نجيب ميقاتي ورئيس حكومة تصريف الأعمال في الوقت نفسه، الذي أعلن بمرسوم قبول استقالته، في محاولة منه لنزع شرعية حكومته بتصريف الأعمال، وأشفعها برسالة إلى الرئيس نبيه بري طالباً نزع تكليف تشكيل الحكومة، عن الرئيس ميقاتي.
والثانية: رئاسة مجلس النواب، ممثلة بالرئيس بري، المتهم بتغطية «الفساد» والجنوح إلى استلام صلاحيات الرئاسة الأولى مع الرئيس ميقاتي، الأمر الذي تسبب باندلاع مواجهة من الإعلام إلى المواقف المعلنة، على الرغم من الحاجة إلى المجلس النيابي في خطوات إعادة ترميم الوضع الدستوري، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
الرئيس بري سيدعو حكماً إلى جلسة لمناقشة رسالة عون، المختلفة في المضمون عن سائر الرسائل، وهي رسالة تتصل باشتباك وتحد داخلي، يفاقم من الوضع المأزوم، وعلى الأرجح ستوجه الدعوة اليوم، والجلسة يمكن أن تعقد الاربعاء أو الخميس المقبل، ما لم يستمر التيار العوني بالكلام الاستفزازي، مستنداً في دعوته إلى النظام الداخلي.
وما حدث من بعبدا الى الرابية، في نهاية عهد مأزوم، بدا أنه أكبر من وداع.. انها رسالة. باختصار هكذا بدا عليه مشهد اليوم ما قبل الأخير من ولاية الرئيس عون في قصر بعبدا قبل انتقاله إلى سكنه في الرابية . ترجمت الرسالة في الشكل من حيث حشد مناصري التيار الوطني الحر في محيط قصر بعبدا ، وفي المضمون كان توقيعه مرسوم استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وارساله رسالة إلى مجلس النواب يشتكي فيها من أداء الرئيس ميقاتي ويتحدث عن عدم قدرة حكومة تصريف الأعمال على القيام بمهامها كاملة، داعيا إلى تأليف الحكومة الجديدة أو انتخاب رئيس جديد للبلاد. اما كلمته الارتجالية أمام وزراء ونواب التيار ومناصريه، فشن فيها هجوما على المنظومة الحاكمة مستعيرا عبارة استخدمت في ساحات الثورة وها هو يستخدمها للمرة الأولى، وهذه بدورها رسالة تكميلية لما قام به أمس.
في محيط القصر الجمهوري، رفع شعار « مكملين» وصور الرئيس والجنرال عون، واستعاد التيار مشاهد «شد العصب» في أعقاب انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية، مع فارق كبير يتصل بمسار العهد وما سجل فيه من أحداث.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لصحيفة اللواء أن ما اقدم عليه رئيس الجمهورية لجهة توقيع مرسوم استقالة الحكومة لم تكن مفاجئة، أما مفاعيلها فمحور قراءات دستورية متعددة في الأيام المقبلة ، وسألت ما إذا كان ذلك سيعمد إلى تأليف حكومة كاملة الأوصاف ام لا؟
ولفتت إلى أنه بالنسبة الى جمهور التيار، فإن التوجه قضى بإظهار انتصار رئيس الجمهورية وما التحركات الشعبية التي حصلت الا لتعزز هذا التأكيد.
وفي المنصة التي جهزت في محيط القصر، قالها الرئيس عون: «علي وعلى أعدائي»، مفتتحا مرحلة ما بعد الرئاسة مع التيار الوطني الحر. فهل تتبلور خطة المواجهة قريبا أو أنها بدأت فعليا مع الكلمة التي قالها؟
وفي كلمته الأخيرة من القصر، حمّل عون مسؤولية الفساد والانهيار «للقضاء على تقاعسه عن المحاسبة، وهاجم حاكم مصرف لبنان محمّلاً إيّاه مسؤولية الانهيار المالي، وأطلق مواقف عديدة، أبرزها إعلان توقيع مرسوم قبول استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي».
وتوجّه عون إلى الحشود المتجمهرة أمام قصر بعبدا بالقول: اليوم يوم لقاء كبير وعُدنا من الحجر إلى البشر، واليوم نهاية مرحلة والمرحلة الثانية للنضال.
واضاف: البلد مسروق بخزانته ومصرفه المركزي ومن جيوبكم، وهذا العمل يتطلّب جهوداً لاقتلاع الفساد من جذوره. والقضاء لم يعد يحصّل حقوق الناس والجميع خائف من العصا. ولم نستطع إيصال حاكم المصرف المركزي إلى المحكمة، فمن يحميه، ومن شريكه؟
واتهم عون رئيس مجلس القضاء الأعلى بعرقلة التحقيقات بقضية انفجار مرفأ بيروت، وقال: «لقد أوقفوا التحقيق الجنائي في ما خص الانفجار، والابرياء بقوا في ملفّ المرفأ بالسجون، وهذه مسألة خطيرة، فأيّ دولة تقوم على عمودَي الأمن والقضاء»، وقال: لن نهدأ قبل انتشال الوطن من الحفرة العميقة التي وضعوه فيها.
كما اتهم «حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بارتكاب جرائم مالية»، معتبراً أن «البلد مسروق ويجب أن يتم القيام بعمل كبير لاقتلاع الفساد من جذوره»، وقال: المرحلة الجديدة ستبدأ بنضال قوي وتركت خلفي وضعاً يحتاج الى النضال والعمل وجميعكم يعلم حال البلد المسروق.
وتابع قائلاً: نعلم أنّه لا يمكن للبنان أن يقوم من أزمته إلّا من خلال استخراج النفط والغاز، ويحاربوننا لأنّ هناك تحقيقاً يوصلهم إلى المحاكم.
وختم: سنرى إذا كان سيتم تعيين رئيس للصندوق السيادي لأنّه سيحفظ أموال النفط والغاز، وهذا التدبير الوحيد الذي سيحافظ على أموال الشعب.
وعند انتهاء خطابه، سلّم عون شعلة «التيار الوطني الحرّ» إلى قطاع الشباب في «التيار»، وغادر بعدها قصر بعبدا بمرافقة الحرس الجمهوري وعناصر البروتوكول ونواب من تكتل التيار الحر، متّجهاً إلى مقرّه في الرابية، حيث قوبل باستقبال شعبي ايضاً من مناصريه بالورد و»الزفّة والدبكة».
ورمى كلٌّ من عون وميقاتي ازمة الحكومة على المجلس النيابي من خلال رسالتين وجهاهما الى المجلس النيابي عبر رئيسه نبيه بري، وطلب عون في رسالته «اعتذار ميقاتي عن تشكيل الحكومة واما نزع المجلس للتكليف عنه».
وأعلن الرئيس ميقاتي أن عنوان المرحلة هوعدم التصادم مع أحد، مؤكداً ان لا فراغ بعد الحصول على شغور، والدستور واضح لهذه الجهة، مشيراً الى ان الحكومة ستقوم بما عليها.
واعتبر ان كل الوزراء يتسمون بالحس الوطني.
ورد على الرئيس عون: «يا ريت كان رئيس الجمهورية مقتنعاً أنه رئيس كل لبنان، وهو يضع نفسه مع فريق ضد فريق، ولا أريد أن آخذ مكان أحد»، آملاً أن يتمكن ان يسلم الوضع اكثر مما مضى. ونفى ان يكون عون طلب اليه العودة لإصدار مراسيم الحكومة.
وأكد أنه لن يدعو الى جلسة الى مجلس الوزراء، وسامضي في تصريف الأعمال. وشدد على ان الوزراء الخمسة الذين قرروا المقاطعة هو حريص أن يبقوا في الحكومة، وهو قد يدعو الى مجلس وزراء لتسيير امور الدولة، لا سيما بأمور مالية.
وكشف انه سيغادر إلى الجزائر اليوم، مصطحباً الوزير وليد فياض معه إلى الجزائر ضمن الوفد الذي يشارك في القمة العربية إلى جانب وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال. «لا أرغب بالمشاكل ويللي فينا بيكفينا».
وقال ميقاتي: «وجدت أن لا مصلحة في تأليف حكومة جديدة في الأيام المتبقية لتصريف الأعمال، والأفضل أن أكمل في الحكومة الحالية كتصريف أعمال لأن لا شيء سيتغير».
وتسلم الرئيس بري من الرئيس kجيب ميقاتي، بعد تبلغه مرسوم الاستقالة من رئيس الجمهورية رسالة يبلغه فيها متابعة الحكومة لتصريف الأعمال والقيام بواجباتها، والأنظمة التي ترعى عملها.
واعتبر ان المرسوم الذي قبل استقالة الحكومة المستقيلة أصلاً بمقتضى الدستور يفتقر إلى اي قيمة دستورية.
بعد ذلك، تسلم رئيس المجلس رسالة من الرئيس عون موجهة للمجلس النيابي بواسطة رئيسه يدعو فيها إلى عقد جلسة للمجلس لاتخاذ التدبير المناسب.
ماذا بعد الرئاسة؟
وعلمت «اللواء» ان الرئيس عون سيستقبل في اليوم الاخير لولايته اليوم الأمينة العامة لمنظمة الدول الفرانكوفونية لويز ميشيكيوادو التي تزور بيروت لإفتتاح المقر الاقليمي للمنظمة في وسط بيروت. ثم ياخذ فترة راحة اياماً عديدة قبل ان يستأنف نشاطه السياسي.واستقبلها امس في المطار وزير الثقافة محمد وسام مرتضى.الذي يفتتح بصفته الوزارية وبصفته ممثلا لرئيس مجلس الوزراء مع الامينة العامة، المركز الاقليمي للفرنكوفونية عند الساعة 12.30 ظهر اليوم في شارع المصارف – وسط بيروت.
اما وإن البلاد امام ازمة سياسية – دستورية جديدة، نتيجة الخلاف على صلاحية حكومة تصريف الاعمال، فإن توجه «العماد» عون ورئيس التيار الوطني الحر غداً هو «إكمال المسيرة» كما اعلنا في كلمات لهما خلال اليومين الماضيين، متكلين على الحشد الشعبي الذي قال خلال التجمع الوداعي في قصر بعبدا «اننا تحررنا من قيود الرئاسة وعدنا الى النضال من اجل مكافحة الفساد وتحقيق الاصلاحات وبناء الدولة».
وكان عون قد تفقد في العاشرة والربع من ليل السبت المواطنين المتجمعين على طريق قصر بعبدا للمشاركة في وداعه الاحد، ورافقه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وخاطبهم بالقول: لن يكون يوم وداع ، بل لقاء كبير نكمل فيه النضال لإنقاذ لبنان من المشاكل التي يعاني منها.
وحسبما نقل زوار عون لـ«اللواء» خلال اليومين الماضيين، فقد قال عن احتمال أن يؤدي توقيعه مرسوم قبول استقالة الحكومة إلى أزمة وصدام في البلد: أن الهدف من التوقيع اجبار المجلس النيابي على انتخاب رئيس للجمهورية. مستدركاً: معقول هذا الوضع؟! لا انتخاب للرئيس؟… رئيس الجمهورية يمكنه تشكيل حكومة، لكن الحكومة لا يمكنها انتخاب رئيس. لا يمكن ترك حكومة تصريف الأعمال تدير البلاد في الفراغ، ولا يمكن ترك الحكم للبرلمان في ظل التركيبة الحالية.
وكان موضوع مقاطعة عدد من الوزراء لجلسات الحكومة واجتماعاتها قد اثير في غداء عمل اقامه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لعدد من الوزراء قبل ايام قليلة ،بهدف بحث الوضع العام والحكومي بشكل خاص، والخطوات المقبلة في ضوء ما يمكن ان يحصل من تطورات، لكن لم يُتخذ به اي قرار نهائي. مع ان بعض المعلومات افادت ان اربعة وزراء ابلغوا الرئيس ميقاتي مقاطعتهم للجلسات.
وأوضح وزير شارك في الاجتماع لـ «اللواء»: ان عدد الوزراء الذين اجتمعوا كان ٦ وزراء وليس تسعة، ثم إن غداء العمل كان في منزل النائب باسيل في البياضة وليس في مركز التيار الوطني الحر في «ميرنا الشالوحي» كما تردد. وقال: الوزراء الذين حضروا هم: وزير الدفاع موريس سليم، وزير العدل هنري خوري، وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور
حجار، وزير الاقتصاد امين سلام، وزير السياحة وليد نصّار، ووزير الطاقة والمياه وليد فياض. اما وزير الخارجية عبد الله بو حبيب فكان قد غادر إلى الجزائر لحضور اجتماعات وزراء الخارجية العرب قبل القمة العربية. وكان لوزير الصناعة جورج بوشكيان ارتباط مسبق فلم يحضرا.
واضاف الوزير المعني: كان إجماعٌ بين الوزراء على أهمية وضرورة تشكيل حكومة ونيلها الثقة، وأن هناك من لا يريد تشكيل حكومة (أكثر من طرف متكافلين متضامنين) بذريعة «أن عدم تشكيلها يسرّع بانتخاب رئيس للجمهورية بينما وجود حكومة فاعلة يطيل فترة الفراغ»، وهذا طبعاّ لا يعكس واقع الأمور بل يرتّب المزيد من الأزمات.
وأوضح أن «الوزراء المعنيين بمثل هذه الاخبار يعلمون واجباتهم وانه لا جلسات للحكومة في حال الفراغين الرئاسي والحكومي. علماً أن مجلس الوزراء لم ينعقد من شهر حزيران الماضي بسبب وضع الحكومة في حالة تصريف الاعمال بوجود رئيس الجمهورية. فكيف تنعقد بعدم وجود رئيس؟.
الراعي
وفي المواقف، إعتبر البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أن «الرئاسة بصلاحيتها ودورها أساس الاعتراف بوحدة لبنان كياناً ودولة. فالرئيس فوق كلّ رئاسة وإنّ العودة إلى نغمة الترويكا في الحكم قد ولّت».
وتمنى الراعي في عظة الأحد لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون التوفيق بعد مغادرته الرئاسة. وقال: نودع عون ونتمنى له الخير والتوفيق بعد حياة طويلة في مختلف المواقع العسكرية والوطنية، ولم يكن عهده سهلا بل محفوفا بالاخطار والظروف الصعبة فكان لبنان وسط محاور المنطقة وعرف اسوأ ازمة مرحلة وجودية في تاريخه الحديث.
وناشد النواب «انتخاب رئيس جديد للبلاد لأن الشغور الرئاسي هو مؤامرة على لبنان وليس قدراً والدولة بلا رئيس جسم بلا رأس».وقال: أن «الاتفاق المسبق على اسم الرئيس غير ممكن، بل الانتخاب يتم بجلسات الانتخاب المتتالية بالحفاظ على التشاور والنصاب».
وسأل: أتدركون أنّكم تفاقمون الأزمات بالشغورَين الرئاسي والحكومي؟ وقال: أن الطريق إلى قصر بعبدا يمرّ باحترام الدستور والشرعية وعدم تجييرها لهذا المحور أو ذاك.
سياسياً، اكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، تعليقاً على قرار الرئيس عون بتوقيع مرسوم استقالة الحكومة ان «ما صدر مرسوم سياسي وليس دستورياً»، معتبراً ان «عون هددنا بفوضى دستورية». ملاحظاً ان «عون يفسر الدستور على مزاجه وهذا يؤدي الى مزيد من الإرباك» مشدداً على ان «رد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كان في محله».
استعار الحملات
ولليوم الثاني على التوالي، تستعر الحملات بين حركة امل والتيار الوطني الحر، على خلفية الهجوم الذي شنه عون وباسيل على الرئيس بري.
واتهمت محطة الـNBN الناطقة بلسان «امل» ان عون حوّل الجمهورية إلى مزرعة، ويسعى إلى «توريثها على خرابها».
وقالت: الرئيس الذي سيصبح سابقاً بعد ساعات ختم عهده ببدعة همايونية فيها الكثير من سوء النية، فوقّع مرسوم استقالة الحكومة الحالية وعززه برسالة إلى مجلس النواب عبر الرئيس نبيه بري الذي تبلغ من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي استمرار حكومته في اداء واجباتها الدستورية وتصريف الأعمال من ضمنها.
واشارت المحطة إلى ان المفارقة اليوم ان هناك إجماعاً وطنياً على الفرح بانتهاء عهد الذل، هناك من أضاء شمعة، من صلى ركعتي شكر، من كسر جرة، من وزع الحلوى، فيما العهد والحاشية يحتفلان، في محاولة لاستعادة شعبية مفقودة ولو على حساب استنزاف موقع الرئاسة حتى «الريق الأخير يلي نشف».
الكوليرا: 7 إصابات
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة في تقرير مساء امس عن حالات الكوليرا في لبنان، تسجيل 7 اصابات جديدة في الساعات الـ24 الماضية، حيث رفع العدد التراكمي للحالات المثبتة إلى 388، فيما لم يتم تسجيل اي حالة وفاة جديدة، أما العدد التراكمي للوفيات فسجل 17.
الأنباء : عون الخارج من بعبدا “يخرج عن الدستور”.. مراسم شعبية لتغطية الإخفاقات
كتبت صحيفة ” الأنباء” الالكترونبية تقول:
بعد سنواتٍ ست، كانت نموذجاً من أقسى نماذج الحكم السياسي الذي أرهق اللبنانيين، خرج ميشال عون من قصر بعبدا عائدًا الى منزله في الرابية، ومنتصف ليل اليوم يخرج من الرئاسة التي اتاها على متن الدستور الذي لطالما انتقده ورفضه، ويعود مجدداً للانقلاب عليه.
أراد عون قبل ساعات من تحوله إلى رئيس سابق إدخال البلاد بفوضى دستورية من خلال الرسالة التي وجهها الى المجلس النيابي بعيد توقيع مرسوم قبول استقالة الحكومة المستقيلة حكمًا مع انتخاب مجلس نيابي جديد، وهي خطوة وصفها رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط بالمرسوم السياسي لا الدستوري.
يغادر ميشال عون في نهاية ولاية حفلت بمخالفات دستورية، الى موقع أحب على قلبه كما يبدو، موقع تدمير كل ما بناه دستور الطائف الذي أخرجه مهزوما من قصر بعبدا عام 1989.
وفي طريق العودة الى الرابية حاول أمام محازبيه تبرئة ذمته من وصول البلد إلى ما وصل اليه جراء الاخفاقات والأخطاء المميتة التي أوقع عهده فيها وهي تحمل في معظمها بصمات الحاشية والصهر. ولعل الاحتفالية الباهتة التي أقامها له التيار العوني لدى خروجه من القصر أريد من خلالها التعمية على فشل عهده وترك البلد متخبطا بالفوضى.
في هذا السياق رأى النائب بلال الحشيمي في حديث الى جريدة “الانباء” الالكترونية أن “عون تعمد مغادرة القصر الجمهوري قبل يوم من انتهاء ولايته للقول انه غير مستقتل على السلطة”، مؤكداً أن “مرحلة عون انتهت مع ما حملته من مآس ومعاناة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية”، وتمنى أن “يكون ما جرى كابوساً وتخلصنا منه كي نذهب الى انتخاب رئيس جمهورية ينتشل البلاد من جهنم التي أوقعنا بها”.
ووصف الحشيمي توقيع عون على استقالة الحكومة بأنه “لزوم ما لا يلزم، لأنه سبق له واجرى استشارات نيابية وبنتيجتها تم تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة، ولم يسهل له مهمته كما يقتضي الواجب”، ورأى أن “توقيعه على استقالة الحكومة هو ورقة خاسرة لإرضاء الرأي العام العوني”، وأشار الحشيمي إلى أن عون “لم يفعل شيئا طوال الست سنوات الماضية سوى توظيف ازلامه ما أدى إلى فشله في ادارة الحكم، لأنه لم يكن لديه معيار موحد لإدارة البلد، فهذا البلد للجميع ولا يمكن أن نؤسس دولة بهذه الذهنية”.
وسأل الحشيمي: “هل يعقل أن يشترط لتشكيل حكومة تعيين وزراء موالين لجبران باسيل لأنه منزعج من تعاون الوزراء الحاليين مع الرئيس ميقاتي؟ هذه هي السياسة التي أبقت البلد دون حكومة طيلة ثلاث سنوات وأوصلتنا الى حالة البؤس والى جهنم”، داعيا في مواجهة ذلك الى “انتخاب رئيس جمهورية سيادي يحافظ على الدستور والطائف، ويكون رئيسا فعليا للدولة ويشكل حكومة ويتعاون معها لرفع المعاناة عن الشعب اللبناني”، رغم أنه توقع “إطالة أمد الشغور الرئاسي بعد الكلام غير المطمئن لعون وباسيل”.
بدوره رأى الكاتب والباحث السياسي الياس الزغبي أن “إخلاء عون قصر بعبدا تم بمشهدين مشهد طبيعي هو مراسم الوداع الرسمية، ومشهد غير طبيعي هو المشهد الشعبوي الذي لم يحدث أبداً مع جميع الرؤساء السابقين للجمهورية”.
الزعبي، وفي حديث مع “الأنباء” الإلكترونية، رأى أن “هذا الإخلاء الشعبي كان بمثابة حاجة ملحة وضرورية للتعويض السياسي والشعبي عن الاخفاقات والفشل، وعما أدت اليه السنوات الست لعهده، ويمكن القول مجازا أنه كان بمثابة عزاء شعبي وسياسي ليس من شأنه أن يغير شيئا في المرحلة المقبلة”.
ورأى الزعبي أن “اللافت في بداية خطاب عون كان قوله انه يترك الحجر ويعود إلى البشر. فبهذه الجملة أدان عهده وصوره كحالة صنمية حجرية لم تعان معاناة الناس. فتحولت الرئاسة الاولى الى حالة ساكنة جامدة. وحين كانت تتحرك كانت النتائج كارثية على جميع الاصعدة، وخصوصا على الدستور والقوانين والمؤسسات. واللافت ايضا انه حمّل الفساد لمن رفع شعار الدفاع عن حقوقهم أي المسيحيين حين لم يذكر إلا موقعين رفيعين، رئيس مجلس القضاء الأعلى وحاكم مصرف لبنان. أما النقص الفاضح بخطابه كان سكوته المطبق على ما أقسم عليه اليمين الدستورية أي المحافظة على سيادة الوطن. فلم يذكر ولو بإشارة عابرة مأزق السيادة التي يصادرها السلاح غير الشرعي والحدود السائبة امام كل أنواع التهريب ومصادرة أموال الدولة”.
ولفت الزغبي إلى أنه “في المحصلة يمكن القول أن عون مع تياره، هو بأفضل مرحلة بائسة، ويتجه إلى مرحلة أشد بؤسا لناحية عجزه السياسي والشعبي المتفاقم. وهو سيكون عاجزا مع تياره عن تنفيذ وعده بالنضال سبع عشرة سنة، منها ست سنوات في سدة الرئاسة لم يستطع خلالها ان يحقق اي انجاز. وليس الانجاز الاخير اي الترسيم الذي يتغنى به سوى نتاج صفقة دولية اميركية – ايرانية – اسرائيلية بمشاركة فرنسا، ولم يكن هو وكذلك حزب الله سوى شاهدين على هذا الترسيم. لذلك فإن مصير تيار عون هو الاضمحلال على المدى المتوسط لأنه لا يرتكز على ثوابت وطنية بل على مصالح واجماع في ثنائية السلطة والمال”.
وفي مطلق الأحوال، فإن خروج عون من بعبدا شكل فوق كل الاعتبارات، إشارة البداية لانتهاء مرحلة لم يعش فيها لبنان سور المآسي، وأيا كانت المسؤوليات والصعوبات المقبلة، فإن اللبنانيين لن يذكروا عهد ميشال عون سوى بالسلبية.
الأخبار : عون من بعبدا إلى الرابية: المعارك الدستورية فُتحت
كتبت صحيفة “الأخبار” تقول:
غداً، يدخل لبنان عهد الفراغ الرئاسي الثالث معطوفاً على فراغ حكومي للمرة الأولى منذ إقرار اتفاق الطائف نهاية تسعينيات القرن الماضي. يومُ الرئيس ميشال عون لم يكُن كيوم سلفيه الرئيسيْن إميل لحود (الذي غادر القصر في 24 تشرين الثاني 2007) وميشال سليمان (25 أيار 2014). التسلم والتسليم «غير الهادئ» سياسياً يؤشر إلى أن المفاعيل السياسية لهذا الفراغ ستكون كبيرة على المشهد السياسي بشكل عام في ضوء ترقب حرب قاسية سيشنها عون ورئيس تكتل «لبنان القوي» جبران باسيل على كامل «المنظومة» من «القوات» و«المردة» و«الاشتراكي» و«أمل»، بعد فشل كل «المبادرات الإنقاذية» التي رعاها حزب الله أخيراً للاتفاق على تأليف الحكومة. ويؤكد مطلعون أن ثلاثة معارك ستشغل الجنرال في الأيام المقبلة:
أولها، معركة الاستحقاق الرئاسي وهو ألمح إلى خطوط عريضة ستبلورها الأيام المقبلة أكثر.
ثانيها، معركة «كسر عظم» ضد الرئيس نبيه بري. وفي هذا السياق، سألت مصادر في التيار الوطني الحر «كيف يمكن لمن يدعو إلى حوار بين اللبنانيين أن يفتح النار على قسم منهم شتماً وهجوماً كما فعل رئيس المجلس في اليومين الماضيين؟».
ثالثها، معركة النظام التي بدأها في قصر بعبدا ويتطلع إلى استكمالها لتيقنه بأن انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين الحكومات وتغيير الوزراء لن تؤدي الغاية منها ما لم تعالج الثغر الكثيرة في النظام والتي لم يعد ممكناً التعايش معها.
فريق رئيس الجمهورية كان حريصاً، في اليوم الأخير لعون في بعبدا، على التأكيد أن الفرصة لا تزال متوافرة حتى الدقيقة الأخيرة من عمر الولاية لتأليف حكومة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مع تقديم شرح تفصيلي لأداء الرئيس المكلف، والتنبيه إلى خطورة الفراغ والتحذير من الفوضى، مقروناً بمشهدية شعبية تشير إلى أن «المعركة مستمرة»، و«مع تحررنا من قيود الموقع لا شيء سيردعنا».
الحشد الضخم الذي رافق خروج الرئيس من بعبدا إلى الرابية، أمس، «يُفترض أن يُفهم منه ما نعنيه عندما نقول إننا لن نسمح لحكومة فاقدة الميثاقية والشرعية أن ترث صلاحيات رئيس الجمهورية»، على ما قالت مصادر التيار لـ«الأخبار»، محذّرة من أن البلد «ذاهب إلى كارثة في بلد منهار يعاني فراغاً رئاسياً وحكومياً»، ومشيرة إلى أن «الفرصة لا تزال متاحة لتشكيل حكومة حتى اللحظة الأخيرة». فيما تحدثت معلومات عن محاولات حثيثة، في ما تبقّى من ساعات قبل نهاية العهد، للدفع نحو تشكيل حكومة يوقّع عون مراسيم تشكيلها، مع تشديد على وجوب ألا يترك الفراغ أي تداعيات على الأرض وأن يبقى التباين والخلاف في إطار المواقف السياسية. وفي هذا السياق، قالت مصادر متابعة إن حزب الله «لا يريد مقاطعة حكومة تصريف الأعمال، لكنه في الوقت نفسه يشدّد على ضرورة ألا تتخذ الحكومة أو رئيسها قرارات استفزازية منفردة متجاهلة فريقاً أساسياً كالتيار الوطني الحر». فيما كشفت مصادر لـ«الأخبار» أن الحزب اتفق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري على ألا يدعو رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى أي جلسة لحكومة تصريف الأعمال «إلا في الحالات الاستثنائية والطارئة، وبعد نيل موافقة كل الأطراف الممثلة في الحكومة». فيما رفع الرئيس المكلف السقف بالإعلان أن الوزراء الخمسة المقاطعين، «يمكن أن يطلبوا إعفاءهم من مهامهم، فإما نعين مكانهم وإما يتصرف في وزاراتهم الوزراء بالوكالة»، مشدداً على أنه «إذا كانت هناك من مصلحة لاجتماع وزاري فسوف يعقد». وأبلغ قناة «الجديد» أنّه سيصطحب معه وزير الطاقة وليد فياض ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب إلى القمة العربية»، فيما قالت مصادر متابعة إن باسيل «لن يطلب من الوزراء المحسوبين عليه إلى طلب إعفائهم لأنه حتماً لن يعطي لميقاتي ورقة تعيين بديل عنهم أو نقل مهماتهم إلى وزراء بالوكالة، خصوصاً في وزارة الطاقة. وأكد ميقاتي أنه لن يدعو إلى جلسة مجلس وزراء «إلا إذا كان هناك ما يدعو إلى ذلك، أي في حالات خاصة، والوزراء يستكملون عملهم في وزاراتهم».
عون قبل مغادرته بعبدا كان حريصاً، بعد إعلانه توقيع مرسوم اعتبار حكومة ميقاتي مستقيلة، على القول إنه فعل كل ما في وسعه لعدم ترك البلد في فراغ حكومي، وهو فصّل مساعيه في رسالة إلى مجلس النواب، ناسباً إلى ميقاتي أنه «قد أعرب لنا، كما لسوانا، عن عدم حماسته للتأليف لأسباب مختلفة، منها أن الأولوية هي لانتخاب رئيس (…) وقوله إن لا مصلحة في تأليف حكومة جديدة وتحمّل كامل المسؤولية بصفته رئيساً لها في حال خلو سدة الرئاسة في حين أن لا مسؤولية كاملة عليه عندما تكون الحكومة في حال تصريف أعمال». وأضاف أن «لقاءاتنا كانت تدور في حلقة من العراقيل المتنقلة التي تدل على عدم رغبته بتأليف حكومة (…) حتى أن أتى مودعاً قبل أيام من انتهاء الولاية الرئاسية أبدينا إصراراً على التأليف داعين إياه إلى الاجتماع مساء في القصر للاتفاق على إصدار مراسيم تشكيل الحكومة الجديدة، إلا أنه لم يأبه ولم يعر أذناً صاغية حتى للوسطاء لبذل أي جهد على صعيد التأليف». ووصف الحكومة الحالية بأنها «فاقدة الشرعية الشعبية والدستورية والميثاقية (…) وعليه يتوجب على دولة الرئيس المكلف أن يعتذر، لكي يصار فوراً إلى تكليف سواه تجنباً للفراغ، هذا إذا لم يبادر مجلسكم الكريم إلى نزع التكليف، فيما هو من أعطاه إياه»، داعياً إلى أن «يتخذ مجلسكم الموقف أو الإجراء أو القرار اللازم».
ورداً على رسالة عون أعلن ميقاتي في رسالة إلى مجلس النواب أن حكومته «ستتابع القيام بواجباتها الدستورية ومن بينها تصريف الأعمال ما لم يكن لمجلس النواب رأي مخالف»، معتبراً أن «المرسوم الذي قبل استقالة الحكومة، المستقيلة أصلاً بمقتضى أحكام الدستور، يفتقر إلى أي قيمة دستورية». إلا أن رئيس الحكومة المكلف لن يرد على الاتهامات التي وجّهها إليه عون في رسالته وما نقله عن لسانه بعدم رغبته بالتأليف.
رئيس المجلس، من جهته، اكتفى بالإعلان أنه تسلم من ميقاتي «بعد تبلغه مرسوم الاستقالة من رئيس الجمهورية رسالة يبلغه فيها متابعة الحكومة لتصريف الأعمال والقيام بواجباتها الدستورية»، كما تسلم من رئيس الجمهورية «رسالة موجهة إلى المجلس النيابي بواسطة رئيسه يدعو فيها إلى عقد جلسة للمجلس لاتخاذ التدبير المناسب». ولم يعلن بري عن نيته دعوة المجلس إلى الانعقاد، علماً أن المادة 145 من النظام الداخلي لمجلس النواب تنص على أنه في حال وجه رئيس الجمهورية رسالة خطية إلى المجلس، على رئيس المجلس دعوة المجلس إلى الانعقاد خلال ثلاثة أيام من تاريخ إبلاغه الرسالة واتخاذ الموقف المناسب منها.
النهار: الانهيار يسلّم الفراغ… انتهت ولاية عون
كتبت صحيفة “النهار” تقول:
بعد ست سنوات مثقلة بكم هائل من الازمات التي توجّها انهيار غير مسبوق في تاريخ لبنان سلما وحربا، انتهت ولاية الرئيس الثالث عشر للجمهورية ميشال عون واقعيا منذ البارحة على ان تتثبت هذه النهاية دستوريا ورسميا منتصف ليل هذا اليوم. وإذ انتقل عون بعد ظهر امس الى دارته الجديدة في الرابية إيذانا بنهاية الولاية وبداية مرحلة قيادته المتجددة لتياره، ولو من موقع المؤسس والرمز “والمرشد”، فانه ابى الاعتراف بالتقاعد السياسي عبر طريقته التقليدية ولو اقترب من سن التسعين فاطلق من بعبدا، لحظة مخاطبته الجمهور العوني المحتشد لوداعه في باحات القصر وابلاً من المواقف التصعيدية خلط فيها صفة ما يعتبره دستوريا بالصفة السياسية ماضيا في تصعيد بلا افق لتصفية الحسابات مع شركائه في السلطة تحت الشعار المعروف “ما خلونا” وهم السارقون الفاسدون ونحن الاخيار المصلحون.
لم يكن مضمون خطاب عون امام حشد مناصريه جديدا، اذ كرر كل ما ساقه في المقابلات الإعلامية الكثيفة التي اجراها في اخر أيامه في القصر الجمهوري. لكن المفاجأة انه خطب كرئيس لـ”التيار الوطني الحر” وليس كرئيس مغادر تحت وطأة تبعة هائلة يتحملها عهده تاريخيا، ولو لم يكن مسؤولا عنها وحده هي تبعة الانهيار. بدا واضحا بذلك ان “الوداع الشعبي” في “بيت الشعب” اريد من خلاله حجب الاثقال التي يخرج بها العهد من سنوات الانهيار بعدما وصم عهده بانه عهد الانهيار. ومع ان للانهيار أسبابه الكثيرة التي لا يمكن القاء مجمل تبعاتها على العهد فان سياسات الانكار التي مضى فيها عون وفريقه السياسي عبر رمي كل التبعات في مرمى بعض الشركاء والخصوم السياسيين والتنصل من كل تبعة ارخت عليه مزيدا من المسؤولية. لذا اتسمت الساعات الأخيرة من ولاية عون بانزلاقه مجددا الى محاولات احداث اضطراب سياسي واسع على خلفية اشعال خلاف دستوري لنزع الشرعية والميثاقية عن حكومة تصريف الاعمال ودفع مجلس النواب الى سحب تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة او تاليف حكومة جديدة في ساعات قليلة ! وفي الوقت الذي لم يشكل اصدار عون مرسوم قبول استقالة الحكومة مفاجأة لاحد، فان الجديد الذي وفره للحظة الخروج “المتوهج” تمثل في بعثه بالرسالة الأخيرة لمجلس النواب قبل ساعات قليلة من مغادرته قصر بعبدا في محاولة واضحة لتوريطه في لحظات النزاع الأخير مع ميقاتي وحشره في زاوية اتخاذ موقف اما بتبني مطلب عون نزع التكليف من ميقاتي، واما اجتراح معجزة تشكيل حكومة في الساعات الفاصلة عن منتصف الليل المقبل. وزاد المشهد تازما وتعقيدا ان ميقاتي سارع الى الرد برسالة مضادة الى رئيس مجلس النواب مشددا فيها على عدم دستورية مرسوم قبول الاستقالة، ومؤكدا استمرار الحكومة في تصريف الاعمال. بات بذلك مجلس النواب امام واقع شديد التعقيد في تشابك وتزامن الأولويات التي تمنع احدها بت الأخرى. فالمجلس هو راهنا هيئة ناخبة لرئيس الجمهورية منذ بداية الأيام العشرة الأخيرة من المهلة الدستورية بما قد يحول دون درسه وتفرغه لاي امر اخر قبل انتخاب الرئيس الجديد. واذا كان المجلس هو المؤسسة المعنية بتفسير القوانين وجرى احتكام رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال اليه في حالة عاجلة ملحة، فانه سيتعين على رئاسة المجلس ان تبت الامر بسرعة. وقد علم ان بري قرر ليلا دعوة المجلس الى جلسة الخميس المقبل لتلاوة رسالة عون وتقرير الموقف منها. ويشار في هذا السياق الى ان الغالبية الكبيرة من الأوساط النيابية والحقوقية المختصة تجزم بان مرسوم قبول الاستقالة هو اجراء سياسي وليس دستوريا وان الساعات المقبلة سترسم السيناريو الواضح لبقاء حالة تصريف الاعمال بعدما تتخذ كل القوى المشاركة في الحكومة مواقفها من هذا النزاع .
باريس: تصريف اعمال
أولى الأصداء الخارجية لمغادرة عون جاءت من باريس حيث نقلت مراسلة “النهار” رندة تقي الدين عن مسؤول فرنسي رفيع ومتابع للأزمة اللبنانية تعليقه لـ”النهار” بقوله ان الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي هي حكومة تصريف اعمال، وانه “يتعين عليها بإلحاح ان تجري الاصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي والتي وحدها تخرج لبنان من ازمته الكارثية. كما ان على لبنان والمجلس النيابي الاسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فالانتخاب الرئاسي ضروري كما ان الاصلاحات ضرورية، وهو ما تركز عليه الرئاسة الفرنسية بالنسبة الى لبنان”.
وكان عون خاطب أنصاره المحتشدين في قصر بعبدا قبيل انتقاله الى الرابية قائلا “وجّهت اليوم صباحاً رسالة الى مجلس النواب بحسب صلاحياتي الدستورية ووقّعت مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة. إن اليوم نهايةُ مهمّة، وليس نهاية عمل ووداع. اليوم اللقاء الكبير، وقد عدنا من الحجر الى البشر”. واعتبر “إن البلد مسروق بخزينته وبمصرفه المركزي، ومن جيوب المواطنين. واصبح لدينا دولة مهترئة بمؤسساتها ومن دون قيمة، لأن المنظومة الحاكمة استعملتها، والقضاء معطّل لا يحصّل حقوق الناس”. وتساءل: “ماذا نقول إذا كانت كل الجرائم المالية قد ارتكبها حاكم المصرف المركزي ولم نتمكن من ايصاله الى المحكمة؟ فمن يحميه؟ ومن هو شريكه؟ جميعهم في المنظومة الحاكمة منذ 32 عاما اوصلونا الى هذا الحال”.
ودعا عون في الرسالة التي بعث بها الى مجلس النواب الى ان “يبادر المجلس الى نزع التكليف عن الحكومة، في ما هو من أعطاه اياه، كي يصار فورا الى تكليف سواه واصدار مراسيم التشكيل فور ذلك تجنبا للفراغ”. وجاء الرد من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي برسالة لرئيس المجلس اكد فيها أن “الحكومة ستتابع القيام بواجباتها الدستورية كافة ومن بينها تصريف الاعمال وفق نصوص الدستور والانظمة التي ترعى عملها وكيفية اتخاذ قراراتها والمنصوص عنها في الدستور وفي المرسوم رقم 2552 تاريخ 1/8/1992 وتعديلاته ( تنظيم اعمال مجلس الوزراء)ما لم يكن لمجلس النواب رأي مخالف” واعتبر “ان المرسوم الذي قبل استقالة الحكومة، المستقيلة اصلا بمقتضى احكام الدستور، يفتقر الى اي قيمة دستورية” .
ميقاتي والوزراء
وفي هذا السياق اكد الرئيس ميقاتي لـ”النهار” أن “المرحلة المقبلة ستكون قائمة على تصريف الأعمال للاهتمام بتسيير أمور الدولة وشؤون المواطنين”، لافتاً إلى أن “الحلّ الأول والأخير يتمثل في الوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية سريعاً”. وردّاً على سؤال حول مقاطعة بعض الوزراء للأعمال الحكومية، قال ميقاتي “إنني واثق بأنّ أيّاً من الوزراء لن يتقاعس عن القيام بواجباته الوطنية أو الحضور إذا استلزم الأمر. وأنا أعرف كلّ الوزراء وكنت اختبرتهم حكومياً وعلى ثقة بحسّهم الوطني”. وعن المسائل الطارئة والملحّة التي ستتولى حكومة تصريف الأعمال التركيز على معالجتها في المرحلة المقبلة، قال ان “هناك مواضيع عدّة آنية بدءاً من الكهرباء والمساهمة في تحسين التغذية، وصولاً إلى ضرورة إقرار مشاريع القوانين الإصلاحية في مجلس النواب التي يؤكد عليها صندوق النقد الدولي، مع الإضاءة على أهمية التشريع وحضور جلسات المجلس النيابي”.
ووصف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط المرسوم الذي أصدره عون بانه سياسي وليس دستوريا وقال “الرئيس عون هددنا بفوضى دستورية وعون يفسر الدستور على مزاجه وهذا يؤدي الى مزيد من الارباك واكد ان رد ميقاتي كان في محله .
وفي جانب اخر متوهج من المشهد تواصلت فصول الانفجار السياسي الإعلامي العنيف بين عون والنائب جبران باسيل من جهة وحركة “امل” من جهة أخرى . وقد واصلت محطة “ان بي ان” امس هجماتها الحادة على عون وجاء في مقدمة نشرتها الاخبارية بمناسبة مغادرة عون للقصر الجمهوري: “اليوم تجزى كل نفس بما كسبت، ويجزى كل عهد بما أنجز، عهد مفلس يأفل، ولا يملك في رصيده سوى الكذب على الناس، وزجلية “ما خلونا” تشهد معطوفة على نغمة جديدة إسمها النضال لإصلاح ما خربه العهد نفسه، عهد مازال ولّاد أزمات حتى آخر دقيقة في بعبدا ووهم مرسوم استقالة الحكومة الفاقد للقيمة الدستورية يؤكِّد، عهد لا يريد للناس حتى بعد إنتهاء صلاحيته أن تتنفس، أن ترى ضوء الشمس أو بصيص أمل الا من خلال خُرمِ إبرة تنفيذ الأجندات الخاصة لصغير الورثة في العائلة وكبير الكسبة في الصفقات”. وأضافت “المفارقة اليوم أن هناك إجماعاً وطنياً على الفرح بإنتهاء عهد الذل، هناك من أضاء شمعة، من صلى ركعتي شكر، من كسر جرة، من وزع الحلوى، فيما العهد والحاشية يحتفلان، في محاولة لإستعادة شعبية مفقودة ولو على حساب إستنزاف موقع الرئاسة حتى الريق الأخير “يلي نشف” … وللتاريخ نقول لفخامة الرئيس، للأسف معك حق: ليتك ورثت بستان جدك وما عملت رئيس جمهورية لأنك حولت الجمهورية الى مزرعة والأنكى أنك تريد توريثها على خرابها”.
الراعي
ووسط هذه الأجواء المحتدمة اتخذ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي موقفا مرنا من تقويم عهد عون اذ اعتبر انه “لم يكن سهلا، بل محفوفا بالأخطار والظروف الصعبة. فكان لبنان وسط محاور المنطقة وصراعاتها، وعرف أسوأ أزمة وجودية في تاريخه الحديث، انعكست عليه وعلى الشعب اللبناني اقتصاديا وماليا واجتماعيا؛ وما زال في دائرة الخطر على كيانه ونظامه الدستوري”. وناشد الراعي النواب “القيام سريعا بواجبهم وانتخاب رئيس جديد، لأن الشغور الرئاسي ليس وكأنه قدر في لبنان، بل هو مؤامرة عليه بما يشكل في هذا الشرق من خصوصية حضارية يسعى البعض إلى نقضها. والدولة بلا رئيس كجسم بلا رأس. والجسم لا يحتمل أكثر من رأس”. وشدد على اجراء الإنتخاب “لا بالإتفاق المسبق على الإسم، لأنه غير ممكن، بل بجلسات الإقتراع المتتالية والمصحوبة بالتشاور وبالمحافظة الدائمة على النصاب”.
نداء الوطن : تشييع” العهد إلى مثواه الأخير: “رقص عوني فوق القبور”!
عون وميقاتي “يحتكمان” لبرّي… وباسيل يحشر “حزب الله”: أنا مرشحُك الرئاسي
كتبت صحيفة نداء الوطن تقول :
بعد أكثر من ثلاثة عقود على اقتحامه الساحة السياسية بسلاح التمرّد الذي دمّر الحجر والبشر أواخر الثمانينات وانتهى في 13 تشرين الأول من العام 1990 إلى خروج مذلّ من قصر بعبدا على متن ملالة عسكرية إلى السفارة الفرنسية بعد تهشيمه المنطقة المحرّرة وتسليمها باليدّ إلى الوصاية السورية، أتى الخروج الثاني للجنرال ميشال عون من قصر بعبدا في 30 تشرين الأول من العام 2022 مختلفاً بالشكل على “سجادة حمراء” وفي “ليموزين رئاسية”، لكنه في الجوهر لم يختلف كثيراً عن خروجه الأول بعدما خلّف وراءه انهياراً شاملاً على أرضية الوطن وسيخلّد التاريخ ذكراه بوصفه رئيس الجمهورية الذي سلّم لبنان تسليم اليد إلى وصاية “حزب الله” ومحور الممانعة.
وعلى قاعدة “اللي استحوا ماتوا”، بدت مسيرة “تشييع” العهد من بعبدا إلى مثواه الأخير في الرابية بمثابة “الرقص العوني فوق القبور” في ظل ما شهدته من احتفاليات استفزازية لمشاعر اللبنانيين المنكوبين والآباء المقهورين العاجزين عن تأمين القوت اليومي لأسرهم والأمهات الثكلى اللواتي طمرن أولادهن تحت أنقاض انفجار 4 آب… هذا الانفجار الذي لم يأت عون على ذكره في خطبته الوداعية إلا من باب ترهيب القضاء لإطلاق سراح المحسوبين على العهد وتياره الموقوفين على ذمة التحقيق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت، مقابل تحييده الفاضح لمسؤولية حلفائه في 8 آذار الذين كبلوا المحقق العدلي وشلّوا تحقيقاته وعطلوا الوصول إلى كشف الحقيقة في الجريمة، ولعل أبلغ صورة عن غضب أهالي الضحايا تجاه العهد وحلفائه تجسدت بتمزيق والدة مفجوعة أمس صورة رئيس الجمهورية في “ساحة ساسين” في الأشرفية، وهي تصرخ أمام الكاميرات: “بس صور شهدائنا بيستحقوا ينرفعوا بالعالي”.
أما في البعد السياسي لمشهدية الأمس، فحرص رئيس الجمهورية على الخروج من قصر بعبدا “على صهوة” حملة دعائية تحاكي تحقيق المزيد من “الإنجازات” في مرمى الخصوم السياسيين، فاستهل خطابه بدغدغة مناصريه بعبارة: وجّهت اليوم صباحاً رسالة الى مجلس النواب بحسب صلاحياتي الدستورية ووقّعت مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة”، مؤكداً بذلك خرقه العرف الدستوري الذي يقضي بتوقيع مرسوم استقالة الحكومة بالتزامن مع مرسوم تأليف الحكومة الجديدة، وذلك بالتوازي مع تحريضه مجلس النواب على نزع التكليف عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي باعتباره ينوي أن “يؤبّد حالة التصريف ويفاقم الفراغ فراغاً ويسطو على رئاسة الجمهورية”.
أما على ضفة الرئيس المكلف، فاستبق ميقاتي الرسالة العونية برسالة مضادة إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري يعلمه فيها العزم على “متابعة الحكومة لتصريف الأعمال والقيام بواجباتها الدستورية كافة”، مقابل استخفافه بصدور مرسوم قبول استقالة حكومته “المستقيلة أصلاً”، واضعاً هذا المرسوم في إطار الخطوة التي ترتدي “الطابع الإعلاني” مع التشديد على أنه “يفتقر إلى أي قيمة دستورية تنعكس سلباً على وجوب تصريف الأعمال”.
ولاحقاً، شنّ ميقاتي حملة إعلامية عبر شاشات التلفزة أكد فيها عدم رغبته في “التصادم مع أحد” في مرحلة الشغور الرئاسي، مجدداً الإشارة إلى أنه لا يرى مصلحة في تأليف حكومة جديدة في الأيام المتبقية انطلاقاً من قناعته بأنه أصبح “من الأفضل أن أكمل في حكومة تصريف الأعمال لأن لا شيء سيتغيّر” ربطاً بكون الأولوية يجب أن تكون لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وبعدما احتكم كل من عون وميقاتي إلى بري في مسألتي التكليف والتصريف، يتجه رئيس المجلس النيابي خلال الساعات المقبلة إلى دعوة الهيئة العامة للاجتماع بغية مناقشة رسالة رئيس الجمهورية، وذلك بموجب ما تفرضه الآلية المتبعة حيال الرسائل الرئاسية إلى المجلس، لكن على أن تكون مناقشة رسالة عون ابتداءً من الغد بصفتها موجّهة من رئيس سابق للجمهورية بحكم انتهاء ولايته الرئاسية عند منتصف هذه الليلة. الأمر الذي علّق عليه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بتغريدة مسائية عبر “تويتر” اعتبر فيها أنّ عدم إسراع رئيس المجلس النيابي اليوم إلى دعوة النواب إلى عقد جلسة “لاتخاذ قرار أو إجراء” إزاء مضمون كتاب رئيس الجمهورية “يؤكد نية عدم التشكيل ووضع اليد على صلاحيات الرئيس وفرض سلطة غير ميثاقية ولا دستورية”.
وكان باسيل قد سارع مع لحظة مغادرة عون قصر بعبدا باتجاه الرابية إلى تدشين حملته الرئاسية من خلال تصريحات صحافية جاهر فيها بأنه “متحمّس للرئاسة والشباب متحمسون والرئيس عون كان متحمساً من زمان لكن كل شيء بوقته”، جازماً بشكل قاطع بأنه لن يرضى بدعم ترشيح “حزب الله” لسليمان فرنجية، ليعقبه القيادي في “التيار الوطني الحر” ناجي حايك مساء أمس بالإعلان عن أنّ “باسيل سيترشح للرئاسة الثلاثاء ويعلن العصيان ضد ميقاتي والقطيعة مع حوار بري”.
وفي هذا السياق، رأت مصادر مواكبة لحركة باسيل أنه بصدد الإقدام في مرحلة الشغور على اتخاذ خطوات ضاغطة على “حزب الله” تهدف إلى وضع قيادة “الحزب” أمام أمر واقع يحشره من خلاله بمسألة ترشحه للرئاسة على قاعدة: “إما أنا مرشحك الرئاسي أو لا أحد”، خصوصاً وأنّ رئيس الجمهورية كان واضحاً في حديثه أمس الأول لوكالة “رويترز” بالتشديد على أنّ العقوبات الأميركية لا تمنع جبران باسيل من الترشح للرئاسة، قائلاً: “نحن نمحوها بمجرد انتخابه رئيسًا”، وهي رسالة رأت المصادر أنها “موجهة أولاً وأخيراً إلى “حزب الله” لدفعه إلى تبني ترشيح باسيل كثمن يجب أن يدفعه “الحزب” مقابل خضوع باسيل لعقوبات أميركية نتيجة تحالفه معه”.