اتفاق الحبوب بين روسيا وأوكرانيا تجدّد كيف سيؤثر على دول الشرق الأوسط؟

قال مسؤولون إن روسيا وأوكرانيا اتفقتا، الخميس، على تمديد اتفاق يسمح لكييف بتصدير الحبوب عبر البحر الأسود. وبحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، “يهدف الاتفاق، الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا في تموز، إلى تخفيف حدة الجوع وارتفاع أسعار الغذاء العالمية التي تفاقمت بسبب الغزو. وتعد روسيا وأوكرانيا من بين أكبر منتجي القمح في العالم، فضلاً عن السلع الأساسية مثل زيت الطهي والأسمدة”.

وتابعت الصحيفة، “انتقدت روسيا، التي علقت لفترة وجيزة مشاركتها الشهر الماضي، الاتفاق واتهمت كييف باستخدام الممر البحري لشن هجمات عسكرية. لكن في الأشهر التي تلت إبرام الاتفاق واستئناف الصادرات، تراجعت أسعار المواد الغذائية في كافة أنحاء العالم، وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو).

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر حسابه على “تويتر” إن الجانبين اتفقا على تمديد الاتفاق لمدة 120 يوما ابتداء من يوم السبت. واضاف: “لقد تبين بوضوح مدى أهمية وفائدة هذه الاتفاقية لإمدادات الغذاء والأمن في العالم”. وأكدت وزارة الخارجية الروسية أنها سمحت بالتجديد التلقائي للصفقة، لكنها أضافت أن “أي محاولات لاستخدام الممر الإنساني في البحر الأسود لأغراض عسكرية استفزازية سيتم قمعها بحزم”.”

ما الهدف من هذا الاتفاق؟

وبحسب الصحيفة، “أغلقت القوات الروسية موانئ أوكرانيا على البحر الأسود بعد وقت قصير من بدء الغزو في شباط، مما أدى إلى توقف الصادرات الزراعية الأوكرانية، حيث تم الحجز على مخزونات ضخمة من الحبوب في صوامع في الريف.

وفي الوقت عينه، ساعدت العقوبات الغربية التي استهدفت روسيا على ارتفاع أسعار الغذاء والوقود على مستوى العالم. وذكرت مذكرة بحثية في 10 آذار من بنك الاستثمار جيه بي مورجان أن “الغاز الطبيعي والألمنيوم والقمح سجلت كلها مستويات قياسية جديدة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات اللاحقة التي تم فرضها على روسيا“. كان تأثير الحرب والعقوبات فوريًا وواسع النطاق. وسرعان ما دق عمال الإغاثة والدبلوماسيون ناقوس الخطر بشأن المجاعة المحتملة، لا سيما في بلدان مثل نيجيريا ولبنان التي تعتمد على القمح الروسي والأوكراني”.

وتابعت الصحيفة، “قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في حزيران: “إن الصراع في أوكرانيا يفاقم ما هو بالفعل عاما من الجوع الكارثي، ويطلق العنان لموجة من الجوع المباشر”. وحذرت الوكالة من أن برامجها الخاصة كانت في خطر: حيث توفر روسيا وأوكرانيا عادةً أكثر من نصف إمدادات الحبوب من برنامج الأغذية العالمي، والتي يتم توزيعها على بعض الفئات السكانية الأكثر ضعفاً في العالم، بما في ذلك في الصومال واليمن. ومع تفاقم الأزمة، تدخلت تركيا، وهي أيضًا لاعب رئيسي في البحر الأسود، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للتفاوض على حل. وكانت النتيجة مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب، وهي اتفاقية من صفحتين “لتسهيل الملاحة الآمنة لتصدير الحبوب والمواد الغذائية ذات الصلة” من ثلاثة موانئ أوكرانية على البحر الأسود. تمت الإشادة بالاتفاق باعتباره انتصارًا دبلوماسيًا.

وساهم بإنشاء مركز تنسيق مشترك في اسطنبول، حيث يقوم ممثلو كل طرف، تحت رعاية الأمم المتحدة، بمهمة الإشراف والتنسيق. كما منعت السفن أو الطائرات العسكرية من الاقتراب من الطريق، مع خضوع السفن لعمليات تفتيش من قبل فرق تعمل من الموانئ التركية”.

ما هو تأثير الاتفاق؟
وبحسب الصحيفة، “قبل الحرب، كانت أوكرانيا تشحن حوالي 75 في المائة من صادراتها الزراعية عبر موانئ البحر الأسود، وفقًا للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية (IFPRI)، وهو مركز للبحوث الزراعية مقره واشنطن. ومن بين هذه الصادرات، مر نصفها عبر الموانئ الثلاثة المحددة في الصفقة (أوديسا، تشيرنومورسك، ويوجني). لم تُعِد صفقة الحبوب صادرات أوكرانيا إلى مستويات ما قبل الحرب، لكنها ساعدت كييف في شحن أكثر من ضعف الطعام الذي كانت تصدره قبل الاتفاقية، وفقًا لقاعدة بيانات تابعة للأمم المتحدة. وتقول الأمم المتحدة إن الصفقة سهلت شحن أكثر من 11 مليون طن من الذرة والقمح وزيت دوار الشمس ومنتجات ذات صلة إلى 38 دولة.

وذهبت معظم الصادرات إلى إسبانيا وتركيا والصين وإيطاليا. وقد تلقت البلدان الأكثر ضعفاً مثل إثيوبيا وكينيا ولبنان والصومال واليمن كميات أقل. وأشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى اختلال التوازن في خطوة منه لانتقاد الاتفاق باعتباره يخدم مصالح خصومه في أوروبا. لكن هذا التوصيف يشوه التأثير الأوسع”.
وتابعت الصحيفة، “وفقًا لمركز التنسيق المشترك، تم تصدير ما يقرب من 370 ألف طن من القمح إلى الدول الأفقر في القرن الأفريقي، وكذلك أفغانستان، والتي تتلقى جميعها مساعدات غذائية من خلال برنامج الأغذية العالمي. وقال مارتن غريفيث منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة الشهر الماضي عن صادرات الحبوب في تصريحات لمجلس الأمن الدولي: “كميات كبيرة لم تذهب إلى الدول الأشد احتياجًا”. واضاف: “لكن كل ذلك له تأثير إنساني: خفض الأسعار، وتهدئة تقلبات السوق”.

وقال: “صادرات الحبوب الأوكرانية ليست عملية مساعدات غذائية، لكنها تعمل كرافعة ضخمة للأسعار، مع تأثيرات إيجابية مضاعفة في كافة أنحاء العالم”.”

ما الهدف من التمديد؟
وبحسب الصحيفة، “في الشهر الماضي، جمدت روسيا فجأة مشاركتها في الاتفاق، مستشهدة بهجوم بمسيّرة على أسطولها في شبه جزيرة القرم، والذي ألقت باللوم فيه على أوكرانيا. وفي مؤتمر صحفي متلفز، قال بوتين إن المسيّرات قد عبرت ممر البحر الأسود عينه الذي تستخدمه سفن الحبوب الأوكرانية. وعادت موسكو للانضمام إلى الاتفاق بعد أيام فقط، على الرغم من انتقاداتها، مع تحذير بوتين من أن روسيا لها الحق في الانسحاب في أي وقت.

ad

لكن الخطوة المفاجئة كانت كافية لإحداث قفزة عالمية في أسعار القمح”.

وتابعت الصحيفة، “إن تمديد الاتفاقية، حتى لأربعة أشهر فقط، يمكن أن يخفف بعض تقلبات السوق، ويخفف الضغط على البلدان الضعيفة. وقالت منظمة الفاو إن التضخم العالمي حد من القوة الشرائية للمستوردين “في وقت بلغت فيه أسعار المواد الغذائية أعلى مستوياتها على الإطلاق”.كما أنه سيمنع أي انقطاع فوري لإمدادات الحبوب لبلدان مثل مصر والسودان وتركيا واليمن، والتي استفادت جميعها من الصفقة، وفقًا للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية.

وكتب ديفيد لابورد وجوزيف جلوبر، زميلان بارزان في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، في تشرين الأول، تعتمد بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على “أوكرانيا كمورد للقمح والحبوب الأخرى، لكنها تميل إلى شراء المزيد خلال فصل الشتاء لتكملة محاصيلها”. وأضافا أن “الانقطاع المتجدد للواردات قد يزيد من انعدام الأمن الغذائي في هذه البلدان وربما يؤدي إلى تفاقم التوترات السياسية”.”

وختمت الصحيفة، “إلى جانب التأثير على أسعار الغذاء، يصون تجديد الاتفاق أيضًا ميداناً نادراً للتعاون بين روسيا وأوكرانيا – وهي بداية رئيسية حيث يدفع الحلفاء لإجراء مفاوضات أوسع، حتى مع اشتداد الصراع”.