مظاهرات إيران: نزيلة سابقة في سجن إيفين تتحدث عن تجربتها

ارتفع عدد القتلى في الحريق الذي شب في سجن إيفين الإيراني ليلة السبت إلى ثمانية، في حين أصيب عشرات آخرون بجراح. ولم يتضح بعد كيف بدأ الحريق، وما إذا كان مرتبطا بالاضطرابات التي تشهدها البلاد.

“سمعنا أكثر من 200 طلقة نارية”، هكذا صرح للقسم الفارسي بـ بي بي سي شاهد من داخل السجن الذي يشتهر بأنه يضم معتقلين سياسيين.

ونُشر مقطع فيديو دراماتيكي على وسائل التواصل الاجتماعي خلال عطلة نهاية الأسبوع، يظهر ألسنة اللهب والدخان، بينما يمكن سماع طلقات نارية وانفجارات بشكل مستمر في الخلفية.

تقول آنا داياموند السجينة السابقة التي قضت أكثر من 200 يوم في الحبس الانفرادي في سجن إيفين سيء السمعة في عام 2016: “أشعر بالقلق لأن مصدر الحريق لا يزال يشكل علامة استفهام كبرى”.

لم تكن آنا، وهي بريطانية من أصل إيراني، قد تجاوزت سن الـ 21 عاما عندما ألقى بها ضباط مسلحون من الحرس الثوري في مؤخرة شاحنة صغيرة ثم وضعت في الحبس في يناير/كانون الثاني عام 2016. اتهمت بالتجسس، وهو ما تنفي صحته.

لكن كيف كانت الأوضاع داخل السجن؟

تقول آنا إن “سجن إيفين عبارة عن متاهة”.

Ana Diamond after she was released from Evin in 2016

صدر الصورة،ANA DIAMOND

التعليق على الصورة،اعتقلت آنا داياموند عام 2016 بتهمة التجسس، وهو ما تنفيه

بعد إطلاق سراحها بكفالة في أغسطس/آب عام 2016، رافقها أحد الحراس إلى خارج السجن عبر ممراته الضيقة.

“ثم، فجأة، فُتح باب ووجدت نفسي في طهران. تطلب الأمر بابا واحدا لأصبح في وسط المدينة” – هكذا تتذكر آنا داياموند.

كان السجن قد شيد في بادئ الأمر في ضواحي العاصمة الإيرانية، لكن مع نمو المدينة وتمددها، صار جزءا من منطقة شمال طهران المزدحمة.

إيفين

“انتهاكات لحقوق الإنسان”

أُنشأ سجن إيفين في عام 1972، في عهد الشاه محمد رضا بهلوي. وكان في البداية يفترض أن يتسع لأكثر من 300 سجين، ولكن تقارير تشير إلى أن عدد النزلاء تضخم ليصل إلى 15 ألف سجين في ظل الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

خلال ثمانينيات القرن الماضي، أصبح سجن إيفين يشتهر بسوء سمعته. ووفق تقارير لمنظمة العفو الدولية وشهادات جمعتها منظمة هيومان رايتس ووتش، فإن عمليات التعذيب والقتل والإعدام والشنق والاختفاء القسري للمحتجزين السياسيين والأعمال الوحشية، جميعها ممارسات شائعة هناك.

وأطلق على السجن لقب “جامعة إيفين” نظرا للعدد الكبير من المفكرين والناشطين الطلبة والصحفيين الذين يحتجزون هناك.

وقد انتقدت جماعات الدفاع عن حقوق الإنسان الممارسات التي تتم في السجن، كما وضعته الحكومة الأمريكية على القائمة السوداء عام 2018 بسبب ما وصفته بـ “انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان” ترتكب داخله.

وقالت منظمة العفو الدولية العام الماضي إن لقطات مراقبة مسربة من السجن أظهرت تعرض السجناء للإساءة والضرب والتحرش.

تقول آنا داياموند إن جسدها لن ينسى مطلقا البرودة التي تعرض لها أثناء احتجازها هناك.

“كلما تواجدت في مكان بارد، تتسارع دقات قلبي وأضطر إلى مغادرته. ورغم أنني أشعر بالهدوء الذهني، فإن جسدي لا يحب ذلك الشعور [بالبرد]”.

ولكن البرد ليس أسوأ ما تعرضت له في إيفين.

تقول آنا: “لقد كانوا يعكفون على إهانتي بطرق تتعلق بوجه خاص بكوني امرأة”.

“اختبار عذرية”

تقول آنا داياموند إنها أجبرت على الخضوع لما يطلق عليه اختبار العذرية.

هذا الاختبار عبارة عن فحص يقوم به الطبيب، حيث يضع إصبعين داخل مهبل المرأة ليرى ما إذا كان غشاء البكارة سليما. يشار إلى أن هذا الاختبار لا يستند إلى أي أساس علمي.

Ana at a mountain pick after she was released from Evin prison in 2016

صدر الصورة،ANA DIAMONDS

التعليق على الصورة،ألفت آنا داياموند كتابا عن تجربتها بسجن إيفين، وأصبحت ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان بعد تعافيها من التجربة

تضيف آنا: “الحكم الذي صدر ضدي في البداية، عندما أدنت بالتجسس وقالوا إنني كنت أنفذ أعمال التجسس هذه من خلال إمكانية إقامة علاقات حميمة أو ممارسة الإغواء، كان عقوبة الإعدام”.

وتعتقد الآن أن ذلك كان “جزءا من لعبة التعذيب النفسي الطويلة والمفصلة” التي تمارسها السلطات، وتضيف أنها “كانت وسيلة لإهانتي بطرق تتعلق بكوني امرأة”.

“كانت آلية لاختصار هويتي وتجاربي فيما يعرفونه على أنه أمر مهين ومشين، بل وإجرامي، ولبث الخوف في نفسي مما قد يكونون قادرين على فعله لاحقا”.

بعد قضائها شهورا في الحبس الانفرادي، نُقلت آنا داياموند إلى الزنزانة العامة حيث يختلط السجناء ببعضهم بعضا، وهناك التقت بمعتقلات سياسيات أخريات.

تتذكر كيف كانت تلك الزنزانة مكتظة.

“بما أن هناك المئات من المتظاهرين الذين اعتقلوا مؤخرا، وقد زج ببعضهم في إيفين، أظن أن الكثير منهم سينامون على الأرض”.

“لا أستطيع أن أتخيل ما تمر به السجينات الإناث حاليا”.

Ervin prison 2022

صدر الصورة،GETTY IMAGES

ما الذي حدث ليلة السبت؟

حدث حريق ليلة السبت بعد أسابيع من المظاهرات المناهضة للحكومة التي تفجرت في شتى أنحاء إيران بعد وفاة الشابة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاما بينما كانت تحتجزها الشرطة.

وقد أُرسل مئات من الأشخاص الذين شاركوا في تلك الاحتجاجات إلى سجن إيفين.

وصرح مصدر مقرب من أسرة أحد السجناء للقسم الفارسي بـ بي بي سي بأن “السجن كان أشبه بساحة الحرب”، واصفا ما كان يجري داخل جدرانه.

لكن كانت هناك تقارير متضاربة حول ما حدث.

فقد ذكرت السلطة القضائية أن الحريق بدأ في ورشة داخل السجن بعد أن نشب شجار بين النزلاء، ووفقا لوسائل الإعلام الحكومية، كانت هناك خطة هروب “مدبرة” قال رئيس سجون طهران إن قوات الأمن أفشلتها.

من الصعب التأكد مما حدث في تلك الليلة.

Burnt-out wing at Evin prison (16/10/22)

صدر الصورة،GETTY IMAGES

ولكن سجينا تحدث للقسم الفارسي بـ بي بي سي ونفى صحة الرواية الرسمية، قائلا إن حالة التوتر بدأت عندما احتج بعض السجناء على نقل رفقاء زنزانتهم إلى سجن آخر.

وعندما سمع السجناء في الزنزانات الأخرى الشجار والصياح، فروا إلى الفناء الرئيسي حيث رد الحراس بإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع، حسبما قال المصدر ذاته.

وسرعان ما تصاعدت حدة التوتر وانتقل إلى باقي الزنزانات.

يضيف المصدر: “هرع السجناء نحو الأبواب وحطموها. هاجمنا حراس مكافحة الشغب، واستخدموا الغاز المسيل للدموع ضدنا من كل اتجاه. وقد شعر العديد منا بالإعياء”.

شاركت في إعداد التقرير فرنوش أميرشاني من القسم الفارسي بـ بي بي سي