6 أشهر مضت على اعتكاف القضاة، ولم يحرّك مجلس القضاء الأعلى ساكناً لعلاج الأسباب التي ادت لهذا الاعتكاف، والتي باتت معروفة ببعدها الاقتصادي والمعيشي، فيبادر الى اجتراح حلول على غرار ما فعل قائد الجيش الذي لجأ الى الدول المانحة بعد ان استشعر الخطر المحدق بمؤسسته العسكرية.
لا بل أن البعض ممن لديهم اجندات سياسية سوّلت لهم نفسهم بالتهويل على القضاة عبر رسائل إعلامية الهدف منها “تخويف” بعض من تمون عليهم الجهات السياسية، لا سيما أنه لم يصدر أي موقف عن مجلس القضاء الأعلى أو عن وزير العدل بخصوص ما ذكرته المعلومات عن إحالة القضاة الى التفتيش ابتداءً من اول الشهر المقبل في حال استمرارهم بالإعتكاف، مما يوحي بأن من يقف وراء هذه الرسائل هم بعض القضاة.
وبما أن هذا التحذير للقضاة، كما تؤكد مصادر معنية بالملف، لم يصدر عن جهة رسمية من وزير العدل الى مجلس القضاء ولم يتبناه أحد فإنه لا يمكن اعتباره الا رسالة مبطنة يراد من خلالها تخويف قضاة قد يعاودون العمل سريعاً، والا فكيف يمكن التفكير بأنه من اصل 630 قاضياً في قصور العدل عاد 90 قاضياً الى العمل فهل سيحيلون 540 قاضياً على التفتيش.
أما بالنسبة الى ما يجري ترويجه عن أن القضاة قبضوا 1500 دولار فلماذا لا يعودون الى العمل؟ توضح المصادر حقيقة هذه الأموال وشرح لـ”ليبانون ديبايت” التفاصيل، حيث كان القضاة يتقاضون كل 4 اشهر منح تعليمية لأولادهم في المدارس والجامعات ولم يتقاضوها منذ 8 أشهر، وقام صندوق تعاضد القضاة في تشرين الأول الماضي بدفع مبلغ مقطوع تراوح بين 500 و1300 دولار اميركي للقضاة وفق الدرجات، فهذه الأموال من حق القضاة الذين كانوا يتقاضون اضعافها أما اليوم فجرى تقسيمها بين القضاة كمبلغ مقطوع بعد حرمانهم من المنح ، ولمرة واحدة، وجلّ ما فعلوه أنهم حوّلوها على سعر صيرفة الى الدولار الأميركي.
حتى ان القضاة حُرموا من امتيازات في الطبابة وبدل دخولهم المستشفيات درجة اولى كما جرت العادة بتغطية مئة بالمئة، أصبحوا يدخلون درجة ثانية وبتغطية 80% حتى أن الصندوق لم يعد يغطي المصاريف الإضافية التي تتطلبها العمليات والأدوية التي يحتاجها بعد الخروج من المستشفى.
إذا في الشق المتعلق بما قبِضه القضاة فهو جرى اقتطاعه من التقديمات والمنح اللتي كانت تحول في السابق الى المؤسسات التعليمية بموجب شك مصرفي.
وتشير المصادر الى ان سلسلة رواتب القضاة تختلف عن سلسلة الاداريين فلم تلحقهم الزيادة التي طالت الموظفين والمعلمين، كما ان الدولة لم تعطِ القضاة رواتب اضافية كما فعلت مع الموظفين بل أن صندوق التعاضد هو من يغطي هذه رواتب مما يعني انها لا تدخل في صلب الراتب الأساسي.
وتلفت المصادر الى أنه منذ شهرين بدأت الحملة على اعتكاف القضاة، غامزة من قناة قضاة عادوا الى العمل ومحسوبين على جهات سياسية لا سيما في النيابات العامة، فلماذا لم تأتيهم النخوة منذ 6 أشهر عندما بدأ الاعتكاف ألم يكن هناك مظلومين في السجون يحتاجون الى إخلاءات سبيل.
وتشدد المصادر على أن قضاة لديهم اجندات يتولون مهمة التهويل على زملائهم لتلبية خدمات قضائية الى الجهات السياسية في بعض الدعاوى المتوقفة بفعل الإعتكاف.
ولا تستغرب المصادر في هذا الإطار الشائعات التي يجري تداولها في قصور العدل عن دفع بإتجاه استقالة 200 قاضٍ ليجري تعيين محامين بديلاً لهم يستطيعون التحكم بهم.
وتسأل المصادر لماذا لم يتحرك مجلس القضاء الاعلى لإنقاذ القطاع القضائي كما فعل قائد الجيش وأنقذ المؤسسة العسكرية، فهل هناك سيناريو لضرب الجسم القضائي كما ضُرب القطاع المصرفي؟ لذلك فمجلس القضاء الأعلى مطالب اليوم بالخروج في مؤتمر صحافي يشرح الموقف من الاعتكاف وما يجري الترويج له وما هي الحلول المالية خارج موازنة صندوق التعاضد!