يستطيع سلاح حزب الله الكثير، بينها الاستمرار بتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، ومنع وصول رئيس قادر على استعادة ثقة اللبنانيين والأشقاء العرب. لكنه سقط، وسيسقط مدوياً، مع الدولة والأمن أمام ارتفاع سعر صرف الدولار، الذي لا سقف له. فلا سلاح الحزب،
ولا الدولة بأكملها يمكنها ضبطه في هذه الظروف وفي هذا الأداء. والخطير أن ذلك يهدد جدياً الأمن الوطني، ويهدد آخر فلس في جيوب المودعين، ويهدد بالسقوط الحر بانهيار كامل لليرة، مع وصول احتياطي مصرف لبنان الى الصفر خلال سنة على الأكثر،
بغياب مداخيل جدية، كما يهدد بطبع العملة لدفع أجور القطاع العام والمتقاعدين، مما يهدد بتضخم مرعب جداً.
إن تحديد هذه المخاطر هو نتيجة عملية حسابية بسيطة بين مداخيل الدولة ومصاريفها. في ظل عدم قدرة مالية الدولة على لجم ارتفاع سعر صرف الدولار الضرائب “ستجر” الضرائب الى أين تلهث الحكومة راكضة لزيادة الضرائب والرسوم؟
إن زيادة الضرائب لن تزيد من مداخيل الخزينة بل ستفقرها. وستزيد من المطالبة بزيادة الأجور… في محاولة مستحيلة للّحاق بارتفاع سعر صرف الدولار، فهل تعتقد الحكومة فعلاً أن أسلوبها ينتج حلولاً في مواجهة ارتفاع سعر صرف الدولار “اليومي” بزيادة الضرائب والرسوم، وشد الحبال حول أعناق اللبنانيين لتخنقهم أكثر وأكثر، من دون جهود في استعادة الثقة الداخلية والخارجية، وبخاصة العربية منها.
ومن دون العمل على تكبير الاقتصاد، ومن دون إعادة أموال المودعين… في ظل عدم قدرة مالية الدولة على لجم ارتفاع سعر صرف الدولار، الضرائب “ستجر” الضرائب.. الى ما لا نهاية! المشكلة في لبنان ليست اقتصادية ولكنها سياسية بنتائج اقتصادية لا مردود الغاز بعد سنوات، في ظل الوضع الحالي، وفي ظل أداء طبقة سياسية على الطريقة “الفنزويلية” و”العراقية”، ولا احتياطي الذهب ولا ما تبقى من موجودات الدولة..
كلها غير قادرة على وقف النزيف المالي الاجتماعي، فالمشكلة في لبنان ليست اقتصادية، ولكنها سياسية بنتائج اقتصادية. إن الحل في لبنان يحتاج الى ثلاث خطوات فقط؛ الأولى هي أن يدخل حزب الله في مشروع “بناء الدولة” وأن يتخلى عن مشاريعه الإقليمية للمساهمة بإنقاذ الوطن، وإلا سيكون مع سلاحه “شاهد ما شفش حاجة” أمام السقوط الحر للوطن ولأهله ولجمهوره، وأمام التهديد الأمني الذي قد يتعرض له اللبنانيون
. والثانية هي أن يقوم اللبنانيون بقطع جذور الفساد والهدر وتحرير المحميات المالية وإعادة الثقة بالنظام المصرفي، مع حاكم نزيه ومع هيكلة المصارف بعد تطهيرها، وبإطلاق عملية المساءلة والمحاسبة مع قضاء نزيه ومستقل، والثالثة هي اعتماد المواطنة في بناء دولة القانون وترميم الإدارة، وقطع جذور المذهبية والطائفية والمحاصصة، وإلا فلا خلاص ممكن، وماذا ينفع عندها إذا ربح حزب الله سلاحه وخسر أهله؟!
كيف يمكن الخلاص اليوم مع سلطة تعتبر أن ما يُعرف بخطة التعافي يهدف الى تحميل المودعين 60 مليار دولار من الخسائر؟! هذا بتر للأوصال وليس خطة تعافٍ..إن طريق الخروج من جهنم واضحة، وما على اللبنانيين إلا أن يختاروا!