لبنان: حقوق الإنسان في تراجع حاد ينبغي معالجة الأزمتين الاقتصادية والسياسية فورا

قالت هيومن رايتس في التقرير العالمي 2021 إن فساد السلطات اللبنانية وعدم معالجتها الأزمات السياسية والاقتصادية الخانقة في البلاد، تسببا بأكبر تدهور حقوقي يشهده لبنان منذ عقود. أدت الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة والتي تفاقمت بسبب تفشي فيروس “كورونا”، إلى تضاعف نسبة الفقر في العام الماضي.

 

الانفجار الهائل الذي حدث في مرفأ بيروت بسبب فساد السلطات وعدم كفاءتها وإهمالها قتل أكثر من 200 شخص وجرح أكثر من 6 آلاف وترك 300 ألف بلا مأوى. حوّل الانفجار أحياء كاملة إلى ركام، ودمر مناطق التجارة والتسوق في بيروت، وحطم نصف المطاعم والحانات في منطقة بيروت الكبرى والتي هي جزء أساسي من الاقتصاد. لكن التحقيق المحلي في أسباب الانفجار ليس مستقلا أو شفافا أو ذي مصداقية.

 

قالت آية مجذوب، باحثة لبنان في هيومن رايتس ووتش: “مع كل يوم يمر، تصبح حياة اللبنانيين والمهاجرين واللاجئين لا تطاق. لكن النخبة السياسية لا تزال تساوم على تقسيم الغنائم المتناقصة لإثراء أنفسهم وإفقار البلد.”

 

في التقرير العالمي 2021 الصادر في 761 صفحة، بنسخته الـ31، تستعرض هيومن رايتس ووتش الممارسات الحقوقية في أكثر من 100 دولة. في مقالته الافتتاحية، كتب المدير التنفيذي كينيث روث أن الإدارة الأمريكية المقبلة ينبغي أن تُدمِج احترام الحقوق في سياساتها الداخلية والخارجية بطريقة تكون أكثر قابلية لأن تستمر في الإدارات الأمريكية المقبلة التي قد تكون أقل التزاما بحقوق الإنسان. شدّد روث على أنه حتى لو تخلت إدارة ترامب عن حماية حقوق الإنسان، فقد هبّت حكومات أخرى لمناصرة الحقوق. ينبغي لإدارة بايدن أن تسعى إلى الانضمام إلى هذا الجهد الجماعي الجديد، وليس استبداله.

 

مع فقدان العملة اللبنانية قيمتها، ترتفع أسعار السلع الأساسية بسرعة كبيرة، مما يقوّض قدرة الأفراد على تحمل تكلفة الغذاء والمأوى والرعاية الصحية. أدى تفشي كورونا إلى تفاقم الفقر والمحنة الاقتصادية وأثّر بشكل غير متناسب على الفئات المهمشة، من ضمنها العائلات ذات الدخل المنخفض، والأفراد ذوي الإعاقة، والمهاجرين، واللاجئين، والمثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي، وعابري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم). 80% من اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون في فقر مدقع. لم تضع الحكومة أي خطة مناسبة ومتينة ومنسقة للمساعدة.

 

عدم تسديد الحكومة للمبالغ التي تدين بها إلى المستشفيات، أدى إلى تأزم وضع القطاع الصحي وأثر سلبا على قدرة المستشفيات على تأمين الرعاية الصحية الضرورية والمنقذة للحياة والاستجابة لتفشي كورونا.

 

رغم الأزمة الاقتصادية، صعّدت السلطات هجماتها على حرية التعبير والتجمع في أعقاب احتجاجات 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019 التي عمّت البلاد. استخدمت القوات الأمنية – الجيش وشرطة مكافحة الشغب وشرطة مجلس النواب ضمنا – القوة المفرطة والقاتلة في بعض الأوقات لا سيما ضد متظاهرين سلميين بمعظمهم. لكن بدلا من محاسبة المسؤولين عن تطبيق الأمن، تبادلت الأجهزة الأمنية اللوم على الانتهاكات.

 

لم تفِ السلطات اللبنانية بالتزاماتها بحماية النساء والفتيات من العنف، وبإنهاء التمييز ضدهن. في لبنان، يوجد حوالي 250 ألف عامل منزلي مهاجر، معظمهم من النساء. علق “مجلس شورى الدولة”، أعلى سلطة قضائية إدارية في البلاد، تطبيق عقد العمل الموحّد الجديد، موجها ضربة قاسية لهؤلاء العمال. يتضمن عقد العمل الموحد تدابير حماية جديدة وكان سيشكل خطوة أولى مهمة لإلغاء نظام الكفالة المجحف.