رغم الترحيب الفلسطيني، لم يجد المراقبون في دعوة البرلمان الأوروبي بشأن عقد مؤتمر دولي لاستئناف مفاوضات حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية طريقًا لإنهاء الصراع، معتبرين إياها مجرد تصريحات لـ”الاستهلاك الإعلامي”.
وأكد المراقبون أن إسرائيل تحظى برعاية أممية ودولية، وهذه الدول تكيل بمكيالين، ولا يوجد أي أفق سياسي في ظل تشكيل حكومة أكثر تطرفًا برئاسة بنيامين نتنياهو، مشددين على ضرورة توفير حماية دولية للفلسطينيين، ووقف الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.
ورحب وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، بدعوة برلمان الاتحاد الأوروبي، مؤكدا ضرورة وأهمية ترجمتها إلى خطوات عملية من شأنها حماية حل الدولتين وفرصة إحياء عملية السلام والمفاوضات، وفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”.
وطالب المالكي المجتمع الدولي بضرورة العمل على إلزام الاحتلال بتنفيذ القرارات الدولية وضمان حق الشعب الفلسطيني في موارده الطبيعية، وحقه في التعويض وجبر الضرر جراء استغلالها أو إتلافها أو ضياعها أو استنفادها أو تعريضها للخطر بأي شكل من الأشكال، ووضع حد لكافة أعمال الاستغلال والانتهاك والسرقة لمواردنا الطبيعية.
ومنذ أبريل/ نيسان 2014، توقفت محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، على خلفية تملص تل أبيب من خيار حل الدولتين، ورفضها وقف الاستيطان والإفراج عن قدامى الأسرى.
يمين متطرف
اعتبر الدكتور واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن دعوة البرلمان الأوروبي لعقد مؤتمر دولي لبحث القضية الفلسطينية وحل الدولتين، مجرد “دعوة علاقات عامة”، في ظل حكومة يتم تشكيلها برئاسة نتنياهو هي الأكثر فاشية في حكومات الاحتلال، حيث تغلق الطريق أمام أي طوق لعملية سياسية.
وبحسب حديثه لـ”سبوتنيك“، تحدثت فلسطين منذ فترة طويلة عن أهمية عقد مؤتمر دولي يضمن تنفيذ قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، خاصة القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تضمن إنهاء الاحتلال وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وحق العودة للاجئين.
وتابع: “الإدارة الأمريكية دائما ما تقف بجانب إسرائيل وتدعمها بكل الإمكانيات المتاحة للحيلولة دون تطبيق أي من قرارات الشرعية الدولية، لذلك هناك ما يقارب الألف قرار دولي صادر من جهات أممية ودولية مختلفة، لم يتم تنفيذ أي منها، ولم تحاول هذه الدول الضغط على الاحتلال لتنفيذ هذه القرارات، ورغم الدعوة يعرض الاتحاد الأوروبي كيف تغلق إسرائيل الأفق السياسي”.
ولفت إلى أن “الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية مستمرة، حيث هناك 220 شهيدًا منذ بداية العام، وتزايد رقعة الاستيطان الاستعماري، وكذلك تكثيف الهجمات على المسجد الأقصى وغير ذلك من محاولة فرض وقائع على الأرض”، مشيرًا إلى أن الأولوية تكمن في كيفية الضغط على إسرائيل من أجل فرض ما يمكن أن يدفع لتنفيذ القرارات الدولية، ولا بد من أن يؤمن المجتمع الدولي أولا حماية للشعب الفلسطيني ضد هذه الجرائم المتكررة والمتصاعدة.
ومضى أبو يوسف بالقول: “لا نحتاج لمؤتمر دولي من دون مضمون، نحتاج لمؤتمر يضمن تنفيذ القرارات الأممية، وهذا غير متوفر في ظل الحماية والدعم الأمريكي للاحتلال الذي يظن أنه بعيدًا عن أي مساءلة قانونية”، معتبرًا أن من دون فرض عقوبات وضغوط جادة على إسرائيل، ومحاكمة قادتها أمام المحكمة الجنائية الدولية، ستضرب بعرض الحائط بكل هذه التحركات.
استهلاك إعلامي
بدوره، اعتبر زيد الأيوبي، عضو المجلس الثوري لحركة “فتح”، أن دعوة البرلمان الأوروبي لعقد مؤتمر دولي للسلام للوصول إلى تسوية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مرحب بها فلسطينيا وفرصة عظيمة لتحقيق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط برمتها.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، المشكلة تكمن هنا في تعنت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في التعاطي مع الدعوات الدولية للعودة لطاولة المفاوضات، واليوم صعد إلى سدة الحكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يتنكر لكل الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بل ويدعو إلى قتل وطرد الفلسطينيين.
ولفت إلى أن هناك ضرورة ملحة لتحرك الاتحاد الأوروبي للضغط على حكومة إسرائيل للتراجع عن مشاريعها الاستيطانية، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، خاصة قراري مجلس الأمن رقم 242 و338.
ودعا الأيوبي الاتحاد الأوروبي إلى ترجمة أقواله ونواياه التي يعلن عنها لتحقيق السلام إلى أفعال من خلال اتخاذ إجراءات عقابية بحق كيان الاحتلال الإسرائيلي وتبني مواقف جدية صارمة على غرار مواقف الدول الأوروبية من صراعات أخرى في العالم وعدم الميل بمكيالين ووقف كل أشكال الدعم لكيان الاحتلال لحين انسحابه من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويرى القيادي في حركة “فتح”، أن هذه الدعوات تبقى مجرد تصريحات للاستهلاك الإعلامي ولا قيمة لها، إذا لم يقم الاتحاد الأوروبي ودوله بإجراءات عملية وملموسة لدعم الحق الفلسطيني، ومعاقبة قيادات إسرائيل على جرائمها التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني.
وفي وقت سابق، ذكر البرلمان الأوروبي، في بيان “ندعو الدول الأوروبية وشركائها لعقد مؤتمر دولي لاستئناف مفاوضات حل الدولتين لإسرائيل وفلسطين وإنهاء الصراع الحالي”.
وأضاف البيان أنه “يجب إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية فلسطينية وندعو إسرائيل للسماح بإجراء الانتخابات في القدس الشرقية ونؤكد استعدادنا لمراقبة العملية الانتخابية”.
ودعا البرلمان الأوروبي تل أبيب “لإنهاء بناء المستوطنات غير القانونية باعتبارها تقوض حل الدولتين”، مدينا في الوقت ذاته “الإرهاب المستمر ضد إسرائيل”، ومؤكدا اعترافه “بشرعية المخاوف الأمنية لتل أبيب وحقها في محاربة العنف وحماية المدنيين”.
وتشهد إسرائيل حاليا، تشكيل حكومة بقيادة بنيامين نتنياهو، تضم وجوها من أقصى اليمين، بما في ذلك أحزاب سبق ودعا قاداتها إلى تهجير “ترانسفير” الفلسطينيين من أراضيهم، وتكثيف الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.
وخلال الآونة الأخيرة، تزايدت الانتقادات الدولية والأوروبية لإسرائيل، على خلفية عملياتها العسكرية المتواصلة في الضفة والتي أسفرت بما في ذلك عن مقتل أطفال وقصر.