*وصفة الحكيم*
تروى حكاية صينيّة
أن سيدة عاشت مع إبنها الوحيد، في سعادة ورضا..
حتّى جاء الموت واختطف روح الإبن…
حزنت السيدة حزناً شديداً، لموت ولدها..
ذهبت من فرط حزنها إلى حكيم القرية..
وطلبت منه أن يخبرها الوصفة الضرورية لاستعادة ابنها إلى الحياة..
مهما كانت أو صعبت تلك الوصفة…!
أخذ الشّيخ الحكيم نفساً عميقاً..
ـ وهو يعلم إستحالة طلبها ـ
ثمّ قال :
أنت تطلبين وصفة..
حسناً..
أحضري لي حبّة خردل واحدة.. بشرط أن تكون من بيت لم يعرف الحزن مطلقاً…
وبكل همة أخذت السيدة تدور على بيوت القرية كلها..
وتبحث عن هدفها
“حبة خردل”..
من بيت لم يعرف الحزن مطلقاً…!
طرقت السيدة باباً ففتحت لها إمرأةً شابة
فسألتها السيدة :
هل عرف هذا البيت حزناً من قبل…؟
إبتسمت المرأة بمرارة وأجابت :
وهل عرف بيتي هذا إلا كل حزن…؟!
وأخذت تحكي للسيدة..
أن زوجها توفي منذ سنة..
وترك لها أربعة من البنات والبنين ،..
ولإعالتهم قامت ببيع أثاث الدار الذي لم يتبق منه إلا القليل…
تأثرت السيدة جداً..
وحاولت أن تخفف عنها ،..
وقبل الغروب..
دخلت السيدة بيتاً آخر..
ولها نفس المطلب ،..
وعلمت من سيدة الدار أن زوجها مريض جداً..
وليس عندها طعام كاف لأطفالها منذ فترة…
ذهبت السيدة إلى السوق وأشترت بكل ما معها من نقود
طعام ،.. وبقول.. ودقيق ،.. وزيت..
ورجعت إلى سيدة الدار وساعدتها في طبخ وجبة سريعة للأولاد..
وأشتركت معها في إطعامهم ثم ودعتها…
وفي الصباح أخذت السيدة تطوف من بيت إلى بيت..
تبحث عن
“حبة الخردل”
وطال بحثها..
لكنها للأسف لم تجد ذلك البيت الذي لم يعرف الحزن مطلقاً..
لكي تأخذ من أهله حبة الخردل…
وبمرورالأيام ،..
أصبحت السيدة صديقة لكل بيت في القرية..
نسيت تماماً أنها كانت تبحث في الأصل عن حبة خردل من بيت لم يعرف الحزن…
ذابت في مشاكل ومشاعر الآخرين..
ولم تدرك قط أن حكيم القرية قد منحها أفضل وصفة للقضاء على الحزن…
– – – – – – – – – –
إذا كنت حزيناً.. ومهموماً..
فلست وحدك..
ومهما أصابك..
فتذكر أن غيرك قد يكون في وضع أسوأ بكثير…
وصفة الحكيم ليست مجرد وصفة إجتماعية لخلق جو من الإلفة والاندماج بين الناس ، إنما هي دعوة لكي يخرج كل واحد من عالمه الخاص ليحاول أن يهب لمن حوله بعض المشاركة التي تزيد من البهجة في وقت الفرح ،..
والتعازي في وقت الحرن..