تتلالأ الزينة على أشجار الميلاد وتضيء الشوارع والساحات وشرفات المنازل، وتعم المظاهر الاحتفالية مدن وقرى لبنان، فيما ينتظر الناس في زحمة السير الخانقة لساعات على مداخل المدن وضمن شوارع بيروت وهم في طريقهم لشراء الهدايا وتحضير الولائم، تمهيداً للاحتفال بميلاد المسيح واستقبال عام جديد يحمّلونه آمالا كثيرة.
ويبدو العيد وكأنه فسحة للروح ونسيان الواقع السياسي والاقتصادي ومساحة يهرب إليها الكثيرون، ليخصّوا ذواتهم ببعض الترفيه الذي يختلف بين فئة اجتماعية وأخرى.
وعلى الرغم من كون عيد الميلاد أهم مناسبة دينية لدى المسيحين إلا أن تقاليد الاحتفال به تخطتهم، وتحولت من طقوس دينية إلى عادات اجتماعية يمارسها المسلمون أيضا، من خلال رفع شجرة الميلاد في بيوتهم.
وتظهر عادات وتقاليد العيد لبنانياً في تزيين المكاتب والبيوت، حتى لا يكاد يخلو مكتب في بيروت من شجرة مضاءة، كما يتم إرسال بطاقات المعايدة والهدايا إلى الأقارب والأصدقاء، وتوزيع الهدايا من قبل “بابا نويل”، الذي يطوف المناطق والقرى بزيّه التقليدي الغربي تسبقه أجراس الفرح إلى قلوب الأطفال بشكل خاص.
ويأتي هذا التحول في العادات الميلادية من عادات دينية إلى عادات اجتماعية بحكم تنوع الانتماءات الدينية في غالبية القرى والمدن اللبنانية.
وتتلألأ شجرة الميلاد بالأنوار، وتتزين بكرات من كل الألوان وبخاصة الأحمر والذهبي والفضي، فتشكل أحد المظاهر المبهجة التي تغمر احتفالات عيد الميلاد، أما الضيافة الخاصة بهذا العيد فتضم الشوكولا والملبّس و”البوش” و”الليكور”.
ويجسد الميلاد قيمة العطاء المجاني والفرح والسلام والبهجة، وفيه يتجدّد الإنسان ويتمسك بالقيم الروحية السامية، وتوزع الهدايا في هذه المناسبة على الجميع وبشكل خاص الأطفال والمحتاجين.
ويحمل الميلاد أيضا معنى التضامن وتجدد العلاقات الأسرية والاجتماعية ويرمز اللون الأحمر إلى المحبة، والأخضر إلى التجدد والرجاء والأبيض إلى النقاء والسلام والذهبي إلى النور والفضي إلى التألق.
ويحتفل المسيحيون في لبنان بذكرى مولد المسيح، فيذهبون إلى الكنائس ويقيمون الصلوات الخاصة، ويستبقون يوم العيد بإقامة الولائم في البيوت حيث لا يخرج أغلبهم ليلة العيد من بيوتهم، ويتركون السهر خارج المنزل إلى ليلة رأس السنة.
وبعد الصلاة يعيدون بعضهم ويقيمون مآدب عائلية تختلف في غناها بين فئة اجتماعية وأخرى، ويتبادل الناس صبيحة العيد الزيارات للتهنئة فتكون مناسبة لتجديد العلاقات الاجتماعية وتثبيتها.
هكذا يبدو الميلاد في لبنان موعدا يجدد فيه الإنسان تشبثه بالقيم الدينية والاجتماعية ويحقق التواصل الأسري ويجدد الروابط الاجتماعية بين مكونات الوطن.