ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الأحد ورأس السنة في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وانطوان عوكر، أمين سر البطريرك الاب هادي ضو، رئيس مزار سيدة لبنان – حريصا الأب فادي تابت، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات، في حضور رئيس الرابطة المارونية السفير الدكتور خليل كرم، الوزيرة السابقة أليس شبطيني، النائب السابق نعمة الله ابي نصر، نقيب الصيادلة الدكتور جو سلوم، رئيس اللجنة الأولمبية بيار الجلخ، وفد من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، الدكتور ألكسي الجلخ، الرئيس السابق للشؤون العقارية في لبنان بشارة القرقفي، عائلة قلب يسوع، رئيس مؤسسة البطريرك صفير الاجتماعية الدكتور الياس صفير، نجل الشهيدين صبحي ونديمة الفخري باتريك الفخري، الأستاذ نبيه الأعور، وحشد من الفاعليات والمؤمنين.
وتابع: “نحن نرفع الصوت معهم عاليا ونطالب السياسيين الذين يعرقلون التحقيق: إرفعوا أيديكم عن القضاء ولا تعطلوا دوره، فإن فشل في الوصول الى الحقيقة في هذه القضية سقطت العدالة وسقطت معها العدلية برمتها وكرامتها وفعاليتها ودورها، ولا تتواطؤوا في تعديل القوانين وابتداع حلول تلائم مطالبكم وأخصها تنحية المحقق العدلي قسرا ودفن التحقيق، بهدف التهرب من المسؤولية والمساءلة. فارفعوا أيديكم عن القضاء، واتركوه يقوم بدوره. فكلما وجد حلا قانونيا قضائيا، تعمدون فورا إلى نسفه تعسفا، بتقديم دعاوى اعتباطية وتعسفية أمام محكمة غير مكتمل عدد أعضائها، بعد أن عطلتم سياسيا إمكانية اكتمالها برفض توقيع مرسوم التشكيلات القضائية الجزئية. تودع بالألم الكنيسة الجامعة قداسة البابا السابق بندكتوس السادس عشر، حامي الإيمان والمعلم واللاهوتي الكبير.تودعه بيقين الرجاء بأنه ينتقل إلى مجد السماء، ويكون للكنيسة وللبنان الذي كان آخر زياراته الرسولية وأحبه، خير شفيع أمام العرش الإلهي. فإنا نرافق عبوره بهذه الذبيحة المقدسة سائلين الله أن يعوض على الكنيسة بأحبار قديسين.
وأردف: “في هذا السياق يؤلمنا ويؤسفنا أن المسؤولين السياسيين في لبنان يجهدون في تهديم السلام السياسي والأمني والإقتصادي والمعيشي والإجتماعي، فيما دول العالم تأتي وتعرض كل أنواع المساعدات لنهضة لبنان بدءا من مشاريع الطاقة إلى المياه، مرورا بالمشاريع الإنشائية من طرقات ومرافئ ومطارات وصولا إلى قروض وتنظيم مؤتمرات خاصة بلبنان، فلا تلقى آذانا صاغية ولا تجاوبا. لا يتجاوبون مع المؤتمرات ولا مع صندوق النقد الدولي، ولا مع بيانات الدول الشقيقة والصديقة، ولا مع توصيات الأمم المتحدة ولا مع دعوات قداسة البابا فرنسيس. ماذا ينتظرون لرفع المعاناة عن الشعب، ولتقرير إنقاذ لبنان؟ فليقتنع الجميع بأن باب الحل والخروج من أزماتنا يمر عبر إنتخاب رئيس جديد للجمهورية. فأين ما بقي من سلطات؟ وأين ما بقي من صلاحيات للمؤسسات؟ وزير يقاطع مجلس الوزراء يوما ويشارك فيه يوما آخر. وزير يمتنع عن تواقيع مراسيم تفتقر إلى التوافق بشأنها، ويوقع في اليوم التالي غير عابئ بموقفه السابق بغض النظر عن أهمية المرسوم. مع رغبتنا في استمرار عمل الدولة، نرفض تمرير مراسيم لا تنسجم مع الدستور ولا تأخذ بالاعتبار الصلاحيات اللصيقة برئيس الجمهورية، ولو كان المنصب شاغرا، كما فعل بعض الوزراء. عبثا تحاول المؤسسات الدستورية والخبراء المحيطون بها ابتداع تفسيرات دستورية لتسيير أعمالها وتحليل صلاحياتها. المطلوب واحد، انتخاب رئيس للدولة، وهو رئيس نزيه، شجاع، مهاب ولا يهاب، جامع المكونات الوطنية، يعيد الأمور إلى نصابها، يضع جميع الأطراف تحت كنف الدولة، يعمل على إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وعلى إيجاد حل للاجئين الفلسطينيين، ويأخذ المبادرات على الصعيدين العربي والدولي ليعيد لبنان إلى مكانته التاريخية، وليصوغ دورا خلاقا جديدا لهذا الوطن التاريخي. لكن إنتخاب الرئيس لا يتم ببدعة الإتفاق المسبق عليه – فهذا نقيض نظامنا الديمقراطي – بل بالإقتراع المقترن بالتشاور والحوار، يوما بعد يوم، لا مرة كل أسبوع. فيتوقف عندئذ المجلس النيابي عن تلك المسرحية الهزلية التي مارسها عشر مرات. نتمنى من صميم القلب أن لا يكون هناك من يتقصد تعطيل بتر رأس الجمهورية، وتعطيل المؤسسات ليظهر لبنان دولة فاشلة غير مؤهلة للوجود أو للبقاء كما هي، ولا بد، بالتالي، من تغييرها وبناء دولة أخرى على نسق الدويلات التي تتفشى في منطقة الشرق الأوسط، فلا تأخذ بالاعتبار الديمقراطية والتركيبة التعددية. ونقول: إنها لمفخرة للنواب أن تسجل أسماؤهم في سجل الذين عملوا على إنقاذ لبنان من خلال انتخاب رئيس مميز. فلا تخيبوا آمال الشعب الذي انتخبكم. وهلموا إلى هذا الإنجاز العظيم في مطلع السنة الجديدة”.