هل يعود التضخم أخيراً إلى مستوياته الطبيعية، ومعه أسعار الغاز والغذاء والسلع الأخرى؟ هل ينبغي لنا أن نتوقع ارتفاع أسعار الرّهن العقاري؟ ماذا عن حسابات التقاعد؟ هل يستطيع المستثمرون أن يعتمدوا على تعويض الخسائر التي شهدها عام 2022؟ هل نحن في حالة ركود، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فهل الركود قادم لا محالة؟
العديد من المستهلكين والمستثمرين يطرحون هذه التساؤلات وغيرها حول الوجهة التي سيسلكها الاقتصاد العالمي في عام 2023، ولتسهيل الأمر، جمعت “واشنطن بوست” أجوبة من خبراء اقتصاد عدة ليشاركون وجهات نظرهم المختلفة عما يخبئه لنا المستقبل القريب.
سُئِل رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول عما ينتظر الاقتصاد بعد رفع أسعار الفائدة مرة أخرى بهدف ترويض التضخم، فأجاب: “لا أعتقد أن أحدا يعرف ما إذا كنا سنشهد ركودا أم لا، وإذا حدث ذلك، فهل سيكون ركودا عميقاً أم لا.. إنه أمر مجهول”.
وتقول الصحيفة إنه من المستحيل أن نجزم بدقة ما يخبئه المستقبل للاقتصاد عندما يتعلق الأمر بأسعار المستهلك أو التضخم أو أسعار الفائدة أو سوق الأسهم.
عام التداعيات
يشير كبير المحللين الماليين في “بنك ريت” غريغ ماكبرايد، إلى استمرار بنك الاحتياطي الفيدرالي في استخدام نهج رفع أسعار الفائدة لخفض التضخم إلى 2%، إذ كان معدل التضخم السنوي 7.1% لمدة 12 شهرا التي انتهت في تشرين الثاني.
وقال ماكبرايد عن حملة البنك المركزي التي شملت 7 ارتفاعات تتراوح بين 0.25 و0.75 نقطة مئوية: “سيكون عام 2023 هو العام الذي يشعر فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي بتداعيات جميع إجراءاته عام 2022″، مضيفاً: “للأسف، سنشعر بالألم الاقتصادي قبل أن نحصل على المكسب من انخفاض التضخم”.
وقدم ماكبرايد نصيحة للشعب بأن يستعدوا لتباطؤ اقتصادي أو ركود محتمل من خلال تنظيم الأموال وتتبع الإنفاق.
أما كارولين ماكلاناهان، وهي مخططة مالية معتمدة ومؤسسة شركة “شركاء تخطيط الحياة” ومقرها في جاكسونفيل، فلا ترى أن عام 2023 هو عام التوفير، فقد ارتفعت أسعار حسابات الإيداع، ويتعين على العملاء أن يفكروا في التسوق للحصول على فائدة أعلى لحساباتهم المصرفية أو الادخارية.
وقالت: “في عام 2023، يجب على الناس تحقيق هدف الحصول على صندوق طوارئ جيد.. إن أسعار الفائدة عظيمة الآن”.
“العائد المعكوس”
وأشارت إلى أنه “قد يكون هناك المزيد من الحديث عن منحنى العائد المعكوس، وهو ما يحدث عندما تتجاوز أسعار الفائدة على السندات قصيرة الأجل أسعار الفائدة على السندات طويلة الأجل”.
وتضيف: “في بيئة اقتصادية طبيعية، تنخفض أسعار الفائدة قصيرة الأجل عن أسعار الفائدة طويلة الأجل. لا يمكننا التنبؤ بالمستقبل، ولكن كل منحنى عائد معكوس تقريباً أدى إلى ركود في غضون عام.. لكنه أمر غير مضمون. لذلك فإن الحصول على صندوق طوارئ صحي سيكون وسيلة رائعة للتغلب على الركود”.
من جانبه، يوضح إرنست بيرلي، وهو مخطط مالي معتمد ومالك شركة “بيرلي للتأمين والخدمات المالية” ومقرها ماريلاند، تداعيات أحداث 2022 في سوق الأوراق المالية، التي اهتزت بسبب عوامل غدة من بينها فيروس كورونا، والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وارتفاع التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة وقضايا سلسلة التوريد العالمية.
آمال في الانتعاش
يقول بيرلي: “في ما يتعلق بوضع سوق الأسهم العام المقبل، لا أحد يعرف، لكنن آمل أن يرى المستثمرون بعض الانتعاش”، ويضيف: “استمر في المساهمة في خطة تقاعدك، ولكن تأكد من أن مخصصاتك وحافظتك المالية تتناسب مع عمرك وتشمل استثمارات جيدة، وتجنب الاستثمارات الهامشية والمتقلبة للغاية”.
بدورها، تقول كريستين بينز، مديرة الشؤون المالية الشخصية لشركة “مورنينغ ستار”، إنها خارج مجال التنبؤ على المدى القصير، موضحة: “تبدو الأسهم جذابة نسبياً، ولكن من المستحيل أن نجزم ما إذا كانت قد بلغت أدنى مستوياتها، وخاصة مع بروز المخاوف بشأن الركود في المقدمة”.
وتابعت: “أعتقد أن المستثمرين يمكن أن يشعروا بالرضا إلى حد ما بشأن آفاق الأسهم على المدى الطويل، ولكن لا يزال من المهم أن يكون لديك أفق لطيف على المدى الطويل إذا كنت تنوي الاحتفاظ بتلك الأسهم، في أفضل الأحوال 10 سنوات أو أكثر”.
نقطة انعطاف
ولفتت بينز إلى أن هناك أمر واحد مؤكد “ما شهده عام 2022 يشدد على ضرورة الاحتفاظ على الأقل ببعض الاستثمارات النقدية، وخاصة للمتقاعدين”، مشيرة إلى أن “الاحتفاظ باحتياطيات الطوارئ مهم بشكل خاص إذا واجهنا بيئة انكماشية”.
أما دان إيغان، المدير الإداري للتمويل السلوكي والاستثمار من أجل التحسين، وهي شركة استشارية للاستثمار الرقمي، فقد حث المستثمرين على النظر إلى عام 2023 باعتباره “بوابة إلى أوقات أفضل”.
يقول إيغان: “إذا كانت الأسواق المالية تلقن درساً ثابتاً، فهو أن استخدام ما حدث مؤخراً كدليل لتحديد ما قد يأتي لا ينتهي إلى خير أبدا.. ستختلف هموم الغد عن هموم اليوم. صحيح أن الأمر ليس جيداً الآن، لكن ربما تكون هذه هي نقطة الانعطاف في فترة الازدهار التالية”. (24.ae)