دوّامة الفيول ترجمة ثابتة لسياسة وزراء الطاقة!

لم تكن بداية السنة الجديدة سوى استكمالاً لذيول العام الذي سبق، من نكد سياسي وتجاذبات ومناكفات بهدف فرض كل طرف “أمر واقع سياسي” للهيمنة على الساحة الداخلية في ظل فراغ رئاسي مفتوح الأفق…
وليس آخر تلك السجالات سوى التجاذب الذي استعر بين وزراء “التيار الوطني الحرّ” ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي حول ملف الكهرباء… وتحديداً استقدام بواخر الفيول أويل لزوم معامل إنتاج مؤسسة كهرباء لبنان.

فالموضوع شكّل مادة سياسية دسمة لكل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب في آن، للضغط على وزراء “التيار” بهدف إلزامهم المشاركة في جلسات مجلس الوزراء، ليدخل السجال بازار الابتزاز… فيما المواطنون “يَضرسون” برفع التعرفة من دون تأمين ساعات التغذية الموعودة لعدم توفّر التمويل…

تسرّعت وزارة الطاقة وتعهّدت للشركة المولجة شحن بواخر الفيول والمازوت وفق المناقصة التي أطلقتها، بتسديد المبلغ بعد 180 يوماً، فاصطدمت الوزارة بشروط مصرف لبنان ومعارضة رئيس حكومة تصريف الأعمال، فأدخلت البلاد بحالة من التشتت أنذرت بالعودة إلى الوراء مع توقف معمل الزهراني عن العمل بما يهدّد بالعودة إلى العتمة شبه الكاملة، ووضع رقاب اللبنانيين تحت سيف فواتير المولدات الخاصة “المدولرة”.

ad

المدير العام السابق لوزارة الطاقة غسان بيضون يشير عبر “المركزية” إلى أن “هذا الخطأ يتحمّل مسؤوليته وزير الطاقة الذي أطلق المناقصة قبل التأكّد من توفّر التمويل، إذ هكذا فعل النائب جبران باسيل في ملف معمل دير عمار… لقد اعتادوا على التلزيم وعقد الاتفاقات فيما التمويل غير متوفر، فيكبّدون الدولة غرامات طائلة”.

ويوضح أن “القانون يمنع إجراء مناقصة قبل توفّر الاعتمادات المالية”، ويذكّر بأن النمط المعتمد اليوم في تأمين الفيول لزوم “كهرباء لبنان”، يدخل “في صلب السياسة التي انتهجها ولا يزال حتى اليوم، وزراء الطاقة المحسوبين على “التيار الوطني الحرّ”. فلطالما عمدوا إلى إطلاق المناقصات قبل تأمين الاعتمادات فتتأخّر البواخر في البحر الأمر الذي يلزم “كهرباء” لبنان” وعبر الخزينة العامة أو مصرف لبنان، بتسديد غرامات تأخّر التفريغ بما يوازي 18 و20 ألف دولار يومياً”.

ويأسف لكونهم ” لم يتوصّلوا حتى اليوم إلى معالجة هذه المشكلة على نحو تكون وزارة الطاقة أمّنت التمويل وأصبحت جاهزة لتسديد كلفة الفيول، قبل إطلاق صفارة شحن البواخر”، ويعتبر أن “خطة وزير الطاقة لإصلاح قطاع الكهرباء ليست عملية على الإطلاق وغير قابلة للتنفيذ وشروط نجاحها غير متوفرة”.

حتى أن “مصرف لبنان لا يثق بأن “مؤسسة كهرباء لبنان” قادرة على ردّ الأموال له”، يقول بيضون “بدليل أنه طلب منها التعهّد بمكتوب خطّي يوثّق جهوزيّتها لردّ الأموال، لكنها لم تفعل لاعتبار أنها غير قادرة على ذلك”.

ويكشف أن “قانون المحاسبة العمومية ينصّ على أن “وزير الطاقة مسؤول بأمواله الشخصيّة عن تجاوزه الاعتمادات عند إطلاق أي مناقصة، مع علمه بذلك، وعن عقد نفقة شراء المحروقات من الشركة المولجة بدون أن يوفّر الاعتماد المالي لها”. ويُضيف: هناك جهة وحيدة مسؤولة اتجاه المتعهّد هو وزير الطاقة، فالقانون المذكور بمادتيه 203 و204 ينصّ على أنه “إذا أراد أحد الحصول على سلفة خزينة من الدولة، يجب على المستلِف تقديم تعهّد بردّ الأموال”. فوزير المال يجب أن يتأكد من قدرة المؤسسة على السداد قبل أن يتقدّم بطلب سلفة خزينة. فمن حق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة طلب تعهّد كونه هو صاحب المال وهو الذي سيُقرض.