تَشَكَّى انحِلالَ النَّاسِ، وانتَقَدَ الدَّهرا، وعاتَبَ مَن يَلقَى، وحَمَّلَهُ الوِزْرا
وراحَ يَدِينُ القَومَ في كُلِّ سَقطَةٍ دَهَت وَطَنًا كَم سامَهُ أَهلُهُ النُّكْرا
فَأَغفَلَ أَن كُلٌّ أَثِيمٌ بِفِعلِهِ، وأَنَّ لَهُ مِ الذَّنْبِ ما حَقَّقَ الأَمرا
وأَنَّ بَلايا النَّاسِ جَهلٌ يَلُفُّهُم، فَيُسدِلُ دُونَ الأُفقِ، في لُبِّهِم، سِترا
فَيَغدُو الَّذي اختارُوا، بِفَرْطِ ضَلالِهِم، وَلِيَّا وَلَو زادَ التَّفَسُّخَ والضَّرَّا
فَمالَ عَلَيهِم، ناكِثًا عَهدَهُ لَهُم، وغالَى فَداسَ العَهدَ والرَّأسَ والظَّهرا
أَلَيسَ إِذا كُنَّا خِرافًا يَصِحُّ أَن تَعِيثَ ذِئابٌ في الحِمَى، ونَرَى القَهرا؟!
أَلَيسَ إِذا كُنَّا قِطاطًا أَذِلَّةً، فَإِنَّ كِلابَ الحَيِّ تَحتَرِفُ الزَّأْرا؟!
أَما نَحنُ في ما قَد بَلانا جَماعَةً رَأَى بَعضُهُم في البَعضِ ما يُضْمِرُ الغَدْرا؟!
فَباتَ التَّآخِي كِذْبَةً كُلُّنا بِها شَرِيكٌ، فَبِئْسَ العَيشُ قَد سامَنا الخُسْرا
فَيا مَن أَتَى لِلحَقلِ يَشكُو هَشِيمَهُ، أَما كانَ أَجدَى لَو رَعَيتَ لَهُ البَذْرا؟!