يعيش مرضى السرطان في لبنان معاناة في توفير أدويتهم، في ظل اشتداد الأزمة الاقتصادية، التي ضاعفت آلامهم الجسدية والنفسية، إذ بدأت أنواع عديدة من الأدوية بالنفاذ من الصيدليات.
وعلى وقع الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ نحو عامين وصنفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، لم يبق قطاع بمنأى عن تداعيات الانهيار وبينها قطاع الاستشفاء والأدوية المستوردة بمعظمها من الخارج.
وبعد قرار الحكومة اللبنانية تقليص الدعم عن الدواء ارتفعت أسعارها ما بين 10 و12 ضعفا، بالإضافة إلى فقدانها من السوق.
وتعد أدوية الأمراض المزمنة حاجة ضرورية للمرضى الذين يعانون من أمراض تستوجب تناول الأدوية بشكل دائم ومنتظم.
واقع مأساوي
وصف رئيس “الجمعية اللبنانية لأطباء التورم الخبيث” في لبنان، الدكتور نزار بيطار، “الواقع الذي يعيشه مريض السرطان في لبنان بالمأساوي”.
وقال للأناضول، إن “هناك شح كبير في الأدوية وعلاج مريض السرطان يتطلب دقة في العلاج وانتظام في المواعيد كما أن الشح الحاصل يهدد حياة المريض ويقلل نسبة الشفاء”.
ودعا الوزارات إلى “ضرورة تأمين علاجات لإنقاذ المرضى لأن الجهود المبذولة مؤقتة وغير مثمرة”.
وأرجع “النزيف الخارجي للجسم الطبي اللبناني لتراجع المردود المالي للأطباء جراء الأزمة الاقتصادية مما يهدد القطاع الاستشفائي”.
** حلول مؤقتة
الأزمة بالنسبة لثريا الحلبي (40 عاما) والتي تعاني من سرطان الثدي، “لم تحل جذريا وكل حلول الحكومة هي مؤقتة وغير مجدية”.
رحلة علاج ثريا بدأت منذ أغسطس/ آب الماضي، حيث تمكنت وزارة الصحة منذ ذاك من تأمين الدواء لها مرة واحدة فقط، حسب قولها.
وأوضحت ثريا للأناضول، أن “الجمعيات في لبنان تلعب دور الدولة في تأمين الأدوية”، متسائلة عن “مدى قدرة هذه الجمعيات بالاستمرار في إنقاذ حياة المرضى؟”.
وأضافت أن “مريض السرطان في لبنان لا أحد يشعر به ولا أحد يعلم وجعه ولا يوجد شيء يعطيه الدعم المعنوي الذي يجب أن يتكأ عليه ليحارب مرضه”.
وبحسب تقرير نشره “المرصد العالمي للسرطان” المنبثق عن منظمة الصحة العالمية، في مارس/آذار 2021، سجل لبنان 28 ألفا و764 إصابة بمرض السرطان خلال السنوات الخمس الأخيرة، بينهم 11 ألفا و600 حالة عام 2020.
إلا أن أطباء لبنانيين، يقولون إن عدد من يتلقون العلاج يتجاوز هذا الرقم باعتبار أن مدة علاج بعض المرضى قد تمتد لسنوات.
ومنذ مطلع العام الجاري، يجد اللبنانيون صعوبة في العثور على الدواء بالصيدليات، حيث ينشر المرضى بمنصات التواصل الاجتماعي يومياً أسماء أدوية يحتاجونها من مسكنات الألم العادية مروراً بأدوية الأمراض العادية والمزمنة.
وبات كثر يعتمدون على أصدقائهم وأفراد عائلاتهم في الخارج لتأمين أدويتهم، بأسعار مرتفعة جدا مقارنة مع السعر المحلي المدعوم، في وقت بات 78 بالمئة من اللبنانيين (من نحو 6 ملايين لبناني) يعيشون تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة.
ومنذ عامين، يعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، مع انهيار عملته المحلية (الليرة)، وشح في الأدوية والوقود وسلع أساسية أخرى، وتراجع حاد في قدرة مواطنيه الشرائية.