حتى الآن لم ينجح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في استمالة غالبية النواب السنّة الذين يقفون على مسافة منه، باستثناء بعض النواب الذين يتودّدون له ويقصدونه في معراب لغايات واضحة، علّه يمنحهم أصوات نواب تكتل “الجمهورية القوية” في استحقاق رئاسة الحكومة.
بعض النواب السنّة يقاطعون جعجع، على خلفية ما قام به مع الرئيس سعد الحريري، والتحريض عليه سعودياً خلال تولّيه رئاسة الحكومة، وبعضهم ينظر إلى جعجع على أنه جزء لا يتجزأ من المنظومة الحاكمة، وقد كان له دوراً كبيراً في إيصال الرئيس ميشال عون إلى قصر بعبدا.
يشعر بعض النواب السنّة بالقلق من جعجع وقراراته، وقد خيّب رئيس “القوات” ظنّ بعضهم عندما صرّح أنه لن يساهم بتعطيل جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، حتى لو كانت ستنتج رئيساً من قوى الثامن من 8 آذار.
قرار جعجع لم يعجب غالبية النواب السنّة. ليس ذلك فقط، هكذا موقف تتبنّاه “القوات اللبنانية” ورئيسها، يدفع النواب إلى الإبتعاد عن جعجع، وعدم التلاقي معه على مرشح واحد، تماماً كما حصل مع رئيس حركة “الإستقلال” النائب ميشال معوض، الذي رُفض من الغالبية السنيّة.
وقد مرّر أحد النواب السنّة رسالةً إلى جعجع بعنوان “خوّفتنا منك”، وذلك لأن جعجع، وإن لم يساهم بتعطيل جلسات انتخاب الرئيس، فإنه يساهم بطريقة غير مباشرة بانتخاب رئيس من محور الثامن من 8 آذار، وبالتالي، الثقة بين النواب السنّة وجعجع مفقودة، والتلاقي بينهم على مرشّح واحد مرهون بالتزام رئيس “القوات” عدم حضور جلسات الإنتخاب إلاّ عندما تضمن قوى المعارضة فوز مرشحها.
يحقّ للبعض الإستغراب من قرار “القوات” بعدم مقاطعة الجلسات، وهي التي كانت رأس حربة بوجه محور “الممانعة” و”حزب الله”، ومن الطبيعي أن ينتاب بعض النواب الخوف من الإصطفاف بجانب جعجع، ثم أن يقوم الأخير بالإنقلاب على المعارضة وتأمين نصاب الجلسة التي تأتي برئيسٍ لصالح الحزب الله وحلفائه.
بعد كل ما ذُكر، أكدت مصادر “القوات”، أنه في حال نجح فريق الممانعة بتوحيد صفوفه حول مرشّح واحد، وأن ينال هذا المرشح أكثرية 65 صوتاً، سنسعى مع قوى المعارضة إلى إفراغ هذه الأكثرية وتشتيتها قدر المستطاع.
وأضافت أنه “وفي حال لم نتمكن بعد جلسة أو جلستين إنتخابيتين من تفكيك أكثرية محور الممانعة، نسلّم بنتيجة أن فريق الممانعة نجح بإيصال رئيس الجمهورية، ونكون قد قاطعنا جلسة أو جلستين أو ثلاث جلسات. وبالتالي، نخضع لشروط اللعبة الديمقراطية، فينتخب رئيس ممانِع، لكن القوات ستبقى في موقع المعارضة، ولن تمنح العهد الممانِع الجديد أي فرصة سماح، بل ستكون رأس حربة ضد هذا الفريق، وما يشكّله من استمرار للواقع المأساوي الحالي”.