صِيَغ رئاسية وحكومية لِتَجنُّب الإرتطام الكبير

يُنقل عن مرجعية سياسية بارزة، وتُعتبر من المقرّبين لبعض كبار مستشاري الرئيس الفرنسي ماكرون السفير السابق في لبنان إيمانويل بون، أن لبنان ليس أولويةً في المطلق لدى المهتمين بملفه، وبالتالي، فإن موعد “اللقاء الرباعي” في باريس لم يُحدَّد بعد، في ضوء ما تردّد عن اعتراض سعودي على الدور القطري، واحتمال عدم مشاركة ممثل عن الدوحة فيه، أو انضمام مصر، الأمر الذي تبدّل، ولكن من دون أن يتم تحديد موعد زمني لهذا اللقاء، والذي قد ينعقد في وقت ليس ببعيد، مع العلم أن الإجتماع المذكور، لن يكون مدخلاً للتسوية كما يعتقد البعض، بل هو اجتماع تشاوري يهدف إلى وضع اللبنانيين أمام مسؤولياتهم لانتخاب رئيسٍ للجمهورية، وذلك من دون أي دخول في لعبة الأسماء.

ويردّد المرجع المذكور أمام الحلقة الضيقة المقرّبة منه، أنه يتوقع أن ينتخب الرئيس في الربيع المقبل في حال لم تحصل تطوّرات دراماتيكية على خطّ الحرب الروسية ـ الأوكرانية، بحيث عندها ستكون هناك حرب سياسية دولية واقتصاد عالمي منهار، وفي هذه الحال من الصعوبة أن ينتخب رئيس للجمهورية، أو أن تكون هناك تسوية لحل الأزمة اللبنانية، ولهذه الغاية، يجري التداول، وفق المعلومات بين الفرنسيين وبعض الدول الخليجية والإقليمية، للتوصل إلى صيغة تقضي بانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان بتوافق دولي ـ إقليمي، لأن ذلك سيشكل نوعاً من الإستقرار، وهذا يعود إلى القلق والمخاوف من أن تتفاعل التطورات في لبنان إلى فتن واضطرابات واهتزازات أمنية.

وفي هذا الإطار، تتركز المساعي حول إمكانية تمرير انتخاب الرئيس في أقرب وقت ممكن، إذا تلاقت المساعي الجارية اليوم لإيجاد نوع من التوافق والإستقرار في المنطقة كمقدمة للتسويات المرتقبة، وإلا، فإن المسألة في غاية الخطورة، الأمر الذي تعبّر عنه المرجعية المذكورة أمام المقرّبين ونوابها، وحيث تتوقع الأسوأ بفعل ما يجري اليوم في أكثر من ساحة عربية وغربية.

وإزاء هذه الهواجس، فإن الإتصالات التي تجري راهناً بين المكوّنات الداخلية، تحمل اقتراحات كثيرة لتجنّب أي انهيارات إضافية، وتحديداً إقتصادياً ومعيشياً، وصولاً إلى كلّ ما يحيط بقضايا الناس بصلة، وذلك، من خلال التوافق بين المكوّنات السياسية على إيجاد حلولٍ، ولو مؤقتة، تقضي بانعقاد مجلس الوزراء أسبوعياً، على أن يكون على جدول أعماله بند أساسي كما كانت الحال حول الجلستين السابقتين، أي موضوع أدوية السرطان وتوفيرها للمرضى، ومن ثم موضوع الكهرباء، إلاّ أن المشكلة تكمن في إقناع “التيار الوطني الحر” السير في هذه الصيغة بعيداً عن أي مسّ بصلاحيات الرئيس، أو بما يرتبط بالأمور السياسية، وهذا ما ستتابعه بعض القوى التي قد “تَمون” على “التيار” ورئيسه النائب جبران باسيل، لأن هناك ظروفاً تستدعي متابعة ومواكبة هذه العناوين الإقتصادية والإجتماعية، لتجاوز الإرتطام الكبير، لا سيما وأن انعقاد مجلس الوزراء في هذا النطاق المحدود لا يشكل أي خلل ميثاقي أو سياسي.

ومن هنا، فإن معظم السفراء العرب والغربيين المعتمدين في لبنان، يحبّذون ويرغبون في استمرار العمل الحكومي وفق ما ترتأيه حكوماتهم، وبالتالي، من شأن ذلك أن يؤدي إلى تلقي لبنان المساعدات الإجتماعية والصحية والتربوية حيث هذه القطاعات هي الأكثر معاناة، لأن انتظام المؤسسات، وضمن الآلية الراهنة التي يقوم بها مجلس الوزراء، تبقى أفضل بكثير من الفراغ الحكومي.