بعيدا عن الاستعراضات الاعلامية التي دأب عليها المحقق العدلي في ملف انفجار بيروت القاضي طارق البيطار وبعيدا عن استغلال وجع اهالي الشهداء والجرحى يجب العودة الى النصوص القانونية والمؤسسات الدستورية التي تكفل وحدها حقوق الناس، ومن هنا يجب العودة الى النصوص القانونية التي يجب ان يحتكم اليها الجميع وهي قانون اصول المحاكمات المدنية والجزائية.
نبدأ في هذا الاطار من عدم احقية قاضي مكفوفة يده من متابعة الدعوى حتى صدور قرار بطلب رده، فاستناد المحقق العدلي الى اجتهاد السابق الصادر عن محكمة الاستئناف المدنية في بيروت في موضوع طلب رد القاضي الياس عيد في ملف انفجار الرئيس الشيهد رفيق الحريري هو في غير محله القانوني اطلاقا. فالقرار خلص الى اعتبار جواز رد المحقق العدلي فقط وفقا للاصول القانونية اي المواد 120 الى النادة 130 من اصول المحاكمات المدنية التي تفند اصول طلب الرد والتنحي، وهي في الحالات الثمانية المنصوص عنها في المادة 120 أ.م وهي التي تطبق في هذه الحالة.
ولم يذكر الاجتهاد عدم جواز الرد المطلق للمحقق العدلي، فماذا لو كان المحقق العدلي شقيقا لاحد المحامين في الدعوى امامه، فحينها تطبق الفقرة 2 من المادة 121 ويرد القاضي كما عليه التنحي من تلقاء نفسه اي فعليا المحقق العدلي ليس فرعونا خارجا عن الاصول القانونية.
كما ان المادة 125 من القانون نفسه تؤكد انه فور تبلغه طلب الرد عليه ان يتوقف عن النظر في القضية حتى الفصل في الطلب، فأين هذا التوقف؟ وإن تحجج البيطار بعدم وجود هيئة للبت بطلب رده هو في غير محله، فأين كان القاضي من 13 شهرا من هذا الاجتهاد وهل اكتشفه حديثا؟ بخاصة انه صادر في العام 2007؟ ام ان السفارة الاميركية ارفقت الاجتهاد مستندا في وشوشاتها وجعلت البيطار يستفيق من نومه العميق؟
من هنا، يكون كل قرار يصدره البيطار بحكم منعدم الوجود وفقا لما يؤكده النائب العام التمييزي غسان عويدات، ومن ناحية اخرى وكون جميع قراراته منعدمة يكون ادعاء البيطار على النائب العام التمييزي وعلى القضاة الاخرين باطلا اصولا.
فالاول اي النائب العام التمييزي بحاجة الى مرسوم في مجلس الوزراء بطلب من وزير العدل. اما القضاة الاخرون فإن من يدعي عليهم هو النائب العام التمييزي بعد احالة الملف امامه مرفقا بالادلة والبراهين. وذلك استنادا للمواد 354 بشكل خاص التي تفند اصول ملاحقة النائب العام التمييزي و المواد 344 حتى 355 من قانون اصول المحاكمات الجزائية الذي لا يزال ساريا ولم يعدله مجلس النواب، بل فقط تم تعديله في مخيلة القاضي طارق البيطار.
اما بالنسبة لقرار اطلاق سراح جميع الموقوفين فكان وفقا للاتفاقيات الدولية ومعاهدات حقوق الانسان التي تعتبر اعلى مرتبة من القانون الداخلي خاصة ان هؤلاء يتحملون اعلاميا وشعبيا وزر تدمير العاصمة ومئات الشهداء والجرحى، وبالتالي محاكمتهم العادلة حق شرعي لهم، ولكن الواقع حول التحقيق معهم الى الاعتقال التعسفي، فأطلق سراحهم القاضي عوديات خشية من هرطقات قانونية اخرى للبيطار بعد ان اخلى سبيل البعض وترك آخرين. وقد جعل القاضي عويدات جميع الموقوفين بتصرف المجلس العدلي ومنعهم من السفر حرصا على حقوق الضحايا وحقوق الدولة بمعرفة من فجر العاصمة، فنكون في هذه الحالة امام تطبيق المعاهدات الدولية وحفظ حقوق الانسان من القاضي عويدات واستغلال لدماء الشهداء لتحقيق بطولات دونكيشوتية من البيطار.
ما فعله عويدات اذا هو انه سحب ورقة من يد البيطار التي كان يحملها ويتصرف بها بضغط اميركي واوروبي لتحريك الملف للافراج عن المواطن الاميركي محمد زياد العوف، والقاضي البيطار استفاق باتصال من السفيرة الاميركية دوروثي شيا، كما ان البيطار يكمل اليوم مخالفة القانون ويعتبر نفسه فرعونا على القانون اللبناني ويسطر البطولات الوهمية.