هل يتبدّل المشهد المالي بعد صدور القرار السياسي في الساعات ال48 الماضية بملاحقة الصرافين المتلاعبين بسعر صرف الدولار وتوقيف المضاربين؟ سؤال يتردد بقوة بعد دخول الملاحقة، إلاّ أن الكاتب والخبير الإقتصادي أنطوان فرح، يقلِّل من فاعلية هذا القرار، معتبراً أن المطلوب لوقف تدهور الليرة يتطلب خطوات إصلاحية بمستوى الأزمة المالية والإقتصادية الخطيرة.
ولذا، وفي الوقت الذي يستمر فيه العمل على احتواء سعر الدولار، رأى الخبير فرح، أنه إذا كان المقصود بالإجراءات التي سوف يتّخذها مصرف لبنان من أجل لجم ارتفاع سعر الدولار هي فقط عبر توجيه الإتهام للمضاربين والصرافين وملاحقتهم، فإن هذا الإجراء لن يجدي نفعاً، إذ قال فرح لـ “ليبانون ديبايت”، إن “الصورة ستبدو وكأننا نحاول التستّر على المشكلة الحقيقية، وهي الوضع الإقتصادي والمالي المهترىء السيء في البلاد، حيث لا علاقة للصرافين أو المضاربين، أو حتى منصات التسعير أو التهريب إلى سوريا، لأن كل هذه العوامل تساهم سلباً، ولكن بنسبة محدودة، لأن المشكلة الأساسية هي الإنهيار المالي والإقتصادي، خصوصاً وأن الأمور متروكة أو تُدار بطريقة عشوائية، وبالتالي، فإن الدولة مفلسة منذ 3 سنوات، ومن الطبيعي أن تنهار عملتها”.
وعلى صعيد تداعيات تعديل سعر صرف دولار المصارف اليوم من 8000 إلى 15000، توقع الخبير الإقتصادي فرح، أن تكون “خفيفة جداً “على اللبنانيين، لأن التأثير الأساسي قد حصل عندما تمّ تعديل الدولار الجمركي، ومن خلال الرسوم التي أعيد تحديدها على سعر صيرفة أو أل 15000 ، لكنه استدرك بالإشارة إلى أن مسألة دفع القروض لم تُحلّ بعد، لأن الإتجاه كان لأن تكون القروض السكنية مستثناة من رفع سعر الدولار، ولكن الأمور ما زالت على حالها بما يعني أنها ستدفع وفق ال15000 وليس ال1500 أو 8000 وهذه ستؤدي إلى إشكالية إجتماعية.
وأمّا لجهة رفع سعر سحب الودائع الدولارية من 8 آلاف إلى 15 ألفاً، وجد فرح أنه “من الناحية النظرية، فإن المودع سيستفيد منه لأنه يخفِّف خسائره، ولكن عملياً، وبالمقارنة مع الواقع منذ شهرين، من الواضح أن النسبة المئوية لقيمة دولار الودائع هي نفسها، لأن الدولار كان 8000 بينما الدولار الأسود 35000، بينما اليوم أصبح الأول 15000 والثاني ستين ألفاً، بمعنى أن المكسب بسيط، ومع الوقت سوف يتآكل لأن الدولار سيرتفع مجدداً”.
وأكد فرح أن “ما من إجراءات ممكن أن تخفّف من الأزمة، ولكن هناك إجراءات من الممكن أن تنظم الفوضى ويحاول مصرف لبنان المركزي اتخاذها، وبعضها ينجح، والبعض الآخر لا يحقّق الهدف المنشود منه مثل إجراء صيرفة الأخير الذي لم ينجح بلجم الدولار”، وشدّد على أنه “لا بد من هذه الاجراءات، ولكن على الأقل، فإن حاكم المركزي يسعى إلى إجراءت لتنظيم الفوضى، بينما القيادات السياسية الأخرى تترك البلد لمصيره، ولا تحاول العمل على إدارة الفوضى ووقف الإنهيار وهذه هي الكارثة الحقيقية”.
وانطلاقاً ممّا تقدم، إستنتج فرح بأن سعر الدولار في السوق السوداء “سيستقر إلى حدّ ما عند السقف الذي وصل إليه وهو 60 أو 62، وذلك بعدما استقطب كل الكتلة النقدية بالليرة وأخذ مداه وأصبح سعر الصرف في السوق السوداء هو السعر الحقيقي، ولكن من دون تحديد موعد زمني لاحتمال ارتفاعه لأنه لاحقاً، ومع الحاجة إلى زيادة الكتلة النقدية بالليرة، سوف يعاود السعر الإرتفاع”.