عقبات أمام سيد بكركي وأمر صعب المنال

عادت بكركي إلى الواجهة من جديد، من خلال إستقبالات البطريرك الماروني بشارة الراعي لمرجعيات سياسية وحزبية، إضافة إلى القمة الروحية التي استضافها الصرح البطريركي أمس الأول، والبيان اللافت الذي صدر عنه، ما يوحي بأنها عادت كما كانت خلال المحطات السابقة في الثمانينات والتسعينات كمرجعية مسيحية ووطنية، خصوصاً في ظل الإنقسام بين المكوّنات المسيحية الأساسية، وتحديداً بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”.

وتكشف المعلومات، بأن لقاء النواب المسيحيين الذي دعا إليه البطريرك الراعي في بكركي، إنما ليس بالجديد، باعتبار أنه ومنذ أسابيع فاتح كل من “القوات” و”التيار” بهذه المسألة، ولا سيما أن هناك لجنة تضم العونيين والقواتيين والكتائب وسواهم من الأحزاب المسيحية، وسبق وأن التقت أكثر من مرة، إلا أن تنامي الخلافات على خط معراب ـ ميرنا الشالوحي، أدى إلى فرملة هذه الإجتماعات، والتي توقفت كلياً.

وينقل في هذا الصدد، أن معراب ليست بصدد إعادة تعويم رئيس “التيار البرتقالي” النائب جبران باسيل، الذي حرق كل المراكب مع “القوات اللبنانية” وهاجمها بعنف، وانقلب على التفاهم بين الطرفين، والآن، وبعدما استنفد كل المحاولات الهادفة لدعم ترشيحه لرئاسة الجمهورية في الداخل والخارج، فإنه يحاول أن “يحشر” معراب بأنه احترم رغبة سيد الصرح، ومستعدّ للمشاركة في أي اجتماع تدعو إليه بكركي، لا بل أنه، ومنذ أيام، وبشكل مستمر، يكيل المديح للكاردينال الراعي على مستوى عظاته، إلى البيان الأخير الذي صدر عن القمة الروحية، وبحسب باسيل، فإن هذا البيان يتماهى مع خطاب وتطلّعات ومسلّمات “التيار الوطني الحر”، الذي سبق له أن تطرّق إلى هذه العناوين التي صدرت في ختام القمة الروحية المسيحية.

وفي السياق، تشير مصادر مواكبة للأجواء المسيحية، إلى أن البطريرك الراعي، وخلال استقباله وفد “اللقاء الديمقراطي” برئاسة النائب تيمور جنبلاط، أكد لهم، وبحزم، أنه سيباشر بإجراء اتصالات وتوجيه دعوات للقوى المسيحية على اختلافها، ومَن لا يستجيب مع ما يطالب به من أجل انتخاب رئيس الجمهورية العتيد، فلن يرحمه سيد بكركي أو يسكت عمن يعطّلون حصول الإستحقاق الرئاسي، لأن الأمور كما قال البطريرك الراعي، باتت تنذر بعواقب وخيمة، وربما الوصول إلى المجاعة في حال استمر هذا التَرَف السياسي، وتقديم المصالح الشخصية على المصلحة الوطنية، وخصوصاً الإنتخابات الرئاسية، وقال للنائب تيمور جنبلاط، “لقد طرحتم أسماء نباركها وندعمها، وهي جديرة بأن تخدم وطنها، وهناك أيضاً أسماء أخرى من ذات النوعية، ولكن المهم أن يتلاقى الجميع وينتخبوا الرئيس”.

وأخيراً السؤال المطروح، وفق المصادر المواكبة للحراك الذي تقوم به بكركي، هل هناك من استجابة لدعوة البطريرك وبالتالي، عقد لقاء للنواب المسيحيين؟ هنا، لا ترى المصادر نفسها أن رغبة سيد بكركي ستلقى آذاناً صاغية، لا سيما في ظل الإنقسام والخلاف الكبيرين بين “القوات” و”التيار البرتقالي”، وصولاً إلى أن “القوات” أكدت للبطريرك الراعي، بأنها شاركت وتشارك في كل جلسات انتخاب الرئيس، فيما “التيار البرتقالي” يقترع بالورقة البيضاء ويُعطِّل الإستحقاق، وعليه، ليس هناك من أي جدوى لهذا الإجتماع، بمعنى أن النائب باسيل لديه معادلة واضحة، فإما أن ينتخب هو رئيساً للجمهورية، أو أنه يعطِّل الإستحقاق الإنتخابي ويناور ويساوم على مرشّح ينفِّذ رغباته وشروطه، وبالتالي، أن معراب لم تخرج يوماً عن ثوابت ومسلّمات بكركي، إنما يجب على كل النواب دون استثناء، أن يمارسوا واجباتهم الدستورية، لذا، فإن لقاء النواب المسيحيين يعتبر صعب المنال حتى الآن، في خضم هذه الأجواء والمعطيات الراهنة، وبالمحصلة لكل مكوّن أجندته وتحالفاته وارتباطاته.