أطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله محذّراً، في خطابه الأخير، الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها من المضي قدماً في مخطط انهيار لبنان وإشعال فتيل الفوضى التدميرية. في الوقت عينه، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن صور أقمار صناعية تظهر وصول مقاتلات روسية متطورة إلى قاعدة جوية ايرانية. ومنذ أيام أعلنت القيادة المركزية الأميركية إسقاط طائرة مسيّرة إيرانية الصنع في سوريا كانت تحاول عمل استطلاع لقاعدة دوريات في شمال شرق سوريا. ربما ليس الحادث الأول من نوعه، لكنه يتسم بأهمية كونه يأتي في وقت يتعاظم فيه كثيراً الحديث عن تطوُّرِ صناعة المسيرات في إيران والخطر الذي تشكله، مع سعي مجلس الشيوخ الأميركي لإصدار قانون يطالب بالتصدي لهذا السلاح. فإلامَ تؤشر هذه التطورات وهل المنطقة قادمة على مواجهة عسكرية؟
العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر يؤكد لـ”المركزية” ان “كل هذا نوع من الدعاية الاعلامية لإمكانية حدوث تطورات، لكن كلما زادت من هذا الكلام عن طائرات ومسيّرات، كلما ابتعدنا عن الحرب، والسبب ان كل الأطراف تُدرك ان الحرب خسارة كبيرة لكل منهم. فتهديدات السيد نصرالله تعني أنه أبعد ما يكون عن الاشتباك مع اسرائيل، لأن لا تل أبيب تريد الحرب ولا هو كذلك”، مشيراً إلى ان “عندما يبدأ أحد الطرفين بالتحدث بكلام تصعيدي، فهو يوجّه للطرف الآخر تنبيهاً بأنه لا يعني هذا الكلام ولا يرغب بنشوب حرب، فيلجأ الطرف الآخر الى تخفيف الضغط عنه”.
ويضيف: “لهذا، حتى الطائرات الروسية التي وصلت الى ايران لا تعني شيئا بالنسبة للغرب لأن اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية تملك طائرات متفوقة على هذه الطائرات، الـF35 والـF22 متطورة أكثر من الطائرة الروسية التي يتحدثون عنها. بالنتيجة، نحن أبعد ما يكون عن الحرب”، مؤكدا ان “اسرائيل، ومنذ أكثر من ست سنوات، تتحدث بأن كل الخيارات متاحة على الطاولة في موضوع النووي الايراني، لكن حتى الساعة لم نرَ أكثر من عمليات تجسس أو تخريب أو اغتيال شخص واحد من قبل الموساد داخل ايران أو خارجها. لذلك، كل ما يجري يدخل ضمن إطار التهويل وليس هناك من حرب في المنطقة”.
أما عن الفوضى الأمنية في لبنان، فيجيب: “علينا أن نبحث عمن يقف خلفها، هي عبارة عن عراضة مفتعلة لتغطية فشل كل الأطراف، سواء المجلس النيابي الذي لا يستطيع عقد جلساته او الحكومة التي لا تستطيع القيام بأي انجازات وسواء حزب الله المتهم ولا يعرف القيام بأي شيء، جميعهم لهم يد بالتصعيد”، معتبراً “أننا في لبنان ما زلنا في البداية، ومن المبكر التحدث عن حلّ قريب. فمؤتمر باريس مثلا لم يتعامل بجدية مع الأزمة اللبنانية، وكأنه ما زال يستطلع الأجواء. أما في ما خصّ الأطراف الداخلية فينطبق عليهم مثل “يلي عند أهلو عامهلو” كل منهم لم يحقق بعد الغايات التي يرمي إليها من خلال التصعيد ودوره في الأزمة. لذلك، ما زلنا نسير على الهويدة باتجاه البحث عن حلّ وليس باتجاه الحلّ”.
وعمّا إذا كانت الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الى سوريا تحمل الحلّ للمنطقة، يقول: “حصلت اجتماعات كثيرة ومنذ سنوات باتجاه البحث عن حلّ للحرب في اليمن، ولم يتمّ التوصل إلى أكثر من هدنة، وهي منتهكة في معظم الأحيان. فهل ستحلّ هذه الزيارة الأزمة السورية التي تحتاج الى مليارات الدولارات للإعمار ومصالحة وطنية وإعادة أكثر من 7 ملايين لاجئ سوري موزعين بين لبنان والاردن وتركيا، وتعويم بشار الأسد؟ كل هذا يرتبط الى حد كبير بحجم الفاجعة التي تسبّب بها الزلزال، وأقل الأمور ان يزور وزير الخارجية السعودي سوريا تضامناً مع الشعب السوري في هذا الظرف بالذات”.
ويختم عبد القادر: “لا أرى تغييرات في المنطقة، ما زلنا بعيدين عن الحلول. يجب انتظار ما ستؤول إليه، ألا وهي التطورات في الداخل الايراني، وهل بالفعل سيكون هناك إصلاح للنظام الايراني، هل سيتغير النظام؟ ما هي مفاعيل التظاهرات والاحتجاجات؟ ومتى تنتهي الأزمة الداخلية التي تعيشها ايران؟ لأن طهران هي الدينامو الاساسي لكل التقلبات والتهديدات الأمنية في المنطقة. كانت في السابق اسرائيل اليوم تحولت ايران الى دينامو الأزمات والمشاكل في المنطقة. بانتظار ما سيؤول إليه هذا الحراك الكبير والمستمر على ما يبدو في ايران لنرى نحو اي اتجاه تجنح الامور في المنطقة”.