لا يزال الترقّب للخطة الموضوعة لمصرف لبنان المركزي من أجل الحدّ من الإنهيار الدراماتيكي لليرة، عنوان المشهد المالي، في الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف من أن يكون هذا الإنهيار من دون قعر، كما ارتفاع سعر صرف الدولار من دون سقف، ما يعزِّز الإنطباع بأن الإرتطام قد حصل، وبالتالي، لم تعد هناك من حلول سحرية لوقف الإنهيار، طالما أن الواقع على حاله من المراوحة القاتلة منذ بدء الأزمة المالية حتى اليوم. ومن هنا، تكشف أوساط إقتصادية مواكبة للواقع المالي، عن أن الدولار، وعلى ارتفاعه السريع خلال شهر شباط الماضي، يعيد تموضعه بشكلٍ حقيقي وغير إصطناعي اليوم، موضحةً أن تخطّيه عتبة ال88 ألفاً، يعود لسبب واضح وهو طباعة الليرة من أجل تمويل الإنفاق العام.
وتشير الأوساط الإقتصادية المواكبة ل”ليبانون ديبايت”، إلى أنه، ومنذ صيف 2022 حتى مطلع العام، تتضاعف كمية الليرات بشكلٍ مستمر، ومنذ أسابيع، ومن أجل تأمين سلفة الخزينة للكهرباء، زادت عملية الطباعة، بحيث أن تمويل الدولة بات يحصل، وبشكلٍ شبه كامل من خلال طبع الليرات.
وانطلاقاً من هذا الواقع، فإن تراجع سعر الدولار لا يستلزم سوى خطوة واحدة وفورية، وفق هذه الأوساط، وهي وقف طباعة الليرة، لأن المشكلة اليوم، هي انهيار الليرة، وليس ارتفاع سعر صرف الدولار، خصوصاً وأن انتظار الإجراءات الأخرى كإعادة الإنتظام المالي أو الإصلاحات أو الحدّ من عجز الخزينة والتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد، يعني من الناحية العملية، المزيد من الإنهيار المالي في المرحلة المقبلة.
ورداً على سؤال عن تأثير وقف المضاربات غير الشرعية على تقلبات سعر الدولار وارتفاعه السريع، لم ترَ الأوساط الإقتصادية، أية انعكاسات إيجابية، لذلك كون هذه الخطوة ساهمت في شحّ كميات الدولارات في السوق السوداء. وعليه، فإن المعادلة هي على الشكل الآتي: الحكومة عندها عجز ونفقاتها مرتفعة وتطلب من المركزي طبع الليرة، وهذا الطبع يرفع من سعر الدولار ما يضعنا أمام معادلة واضحة طبع الليرة مقابل ارتفاع الدولار والتوقف عن الطبع، يقابله انخفاض سعر الدولار في السوق السوداء.
ومن ضمن هذا السياق، فإن الأوساط نفسها، تتوقع تفاقم الأزمة المالية وارتفاعاً في سعر الدولار، مع استمرار الحكومة باتخاذ قرارات عشوائية لجهة الإنفاق غير المدروس، إضافةً إلى خطوات تؤثر سلباً على الإقتصاد وعلى القدرة الشرائية للمواطن، كقرار رفع قيمة الدولار الجمركي إلى 45 ألف ليرة في حال تم اتخاذه بشكل نهائي، ما يعني عملياً استمرار المسار الإنهياري.
أمّا بالنسبة للدولرة، فتعتبر الأوساط الإقتصادية أنها تؤكد وبشكلٍ قاطع أن الليرة لم تعد صالحة كوسيلة للدفع.