باسيل يقود معركة “القوات” والكتائب!

نسف الرئيس نبيه برّي، ما عمل عليه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، بأنه مرشّح توافقي غير مرتبط بفريقٍ على حساب آخر. وبعدما “صام” فرنجية عن إعلان ترشّحه طوال الأشهر الماضية، ضرب برّي مدفع الإفطار وأنهى صوم فرنجية، معلناً ترشيح زعيم “المردة” لرئاسة الجمهورية من على منبر جريدة “الأخبار”.

كان الأجدى بفرنجية الحريص على صورته “التوافقية” التي روّج لها مراراً وتكراراً أن يتصرّف عكس ذلك كلياً. كان الأصحّ لو أنه عقد مؤتمراً صحفياً أعلن فيه الترشّح للرئاسة، أو كان بإمكانه الإعلان عن ذلك من بكركي. لكن “ذاب الثلج وبان المرج”، وبات فرنجية رسمياً مرشّح “الثنائي الشيعي”.

ولأن الحقيقة يجب أن تُقال، فإن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، هو من يمنع وصول فرنجية إلى قصر بعبدا، ولو أن باسيل وافق على تبنّي ترشيح “البَيك”، لكان الأخير رئيساً للبلاد منذ ما قبل نهاية العام 2022.

لمرة واحدة على الأقل، يجب على قوى المعارضة توجيه الشكر والتقدير والإمتنان لباسيل، الذي رفض السير بفرنجية رغم كل العروض المُغرية التي انهالت عليه. وللأمانة، باسيل هو الوحيد بين رؤساء الكتل النيابية الذي “كسر الجرّة” مع فرنجية، عكس كل الباقين الذين يُحيِّدون شخص فرنجية عن معاركهم، ويتذرّعون بأنهم ليسوا ضد شخص زعيم “المردة”، بل ضد الخطّ السياسي الذي يمثّله.

أمّا باسيل، وحده من تناول فرنجية “بالشخصي”، وساق بحقه جملة من الإتهامات المؤذية. وذلك، سببه أن باسيل لا يمكنه التصويب على فرنجية “بالسياسة”، لأن الرجلين ينتميان للخطّ نفسه، وكلاهما من أتباع حارة حريك.

صحيحٌ أن فرنجية يتقدّم على منافسيه “رئاسياً”، لكن ما شهده الأسبوع الماضي من صراعات سياسية وبيانات إعلامية عالية السقف، قد لا يخدم مشروع رئيس “المردة”، بل العكس. وما حصل من إساءاتٍ متبادلة بين الرئيس برّي من جهة وحزبي “القوات” و”الكتائب” والنائب ميشال معوض من جهةٍ أخرى، يؤكد أن فرنجية ليس مرشّح حلّ ولا توافق، ولا هو مشروع رئيس يُرسي الإستقرار السياسي، ويمهّد للتعافي الإقتصادي ثم النهوض.

إضافةً إلى ذلك، إتخذت معركة فرنجية الرئاسية، طابعاً طائفياً بغيضاً، إذ باتت بين الشيعة من جهة، والموارنة من جهة أخرى، وهذا بحدّ ذاته، يبشّر بأن القادم أسوأ. حتى لو تمّ انتخاب فرنجية، فإن عهده سيخلو من أي غطاء ماروني سياسي، فكيف له أن يحكم، وأي شرعية يكتسبها، في ظل رفض الكتل المسيحية الكبرى منحه أصوات نوابها؟