(لِمُناسَبَةِ عِيدِ المُعَلِّمِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ 9 آذار مِن كُلِّ عام)
تَخُبُّ بِكَ الجِيادُ، ولا تُبالِي، وأَنتَ تَسِيرُ في طَلَبِ الكَمالِ
وَوَجهُكَ، كُلَّ فَجْرٍ، فَأْلُ يُمْنٍ، ورَأسُكَ ما ارتَضَى إِلَّا العَوالِي
تُوالِفُها المَصاعِبَ، في ثَباتٍ، وتَبقَى في رَحاها في سِجالِ
إِلى الأَجيالِ تُقبِلُ في اندِفاعٍ، تُرَصِّعُ فِكرَهُم بِسَنا اللَّآلِي
تُهَذِّبُ سَيرَهُم، وتَشِيدُ فِيهِم صُرُوحًا تَستَحِيلُ على الزَّوالِ
صُرُوحَ العِلْمِ، تَرصُفُها بِحُبٍّ، وفي لَبِناتِها عَرَقُ النِّضالِ
تُشَذِّبُ ما تَعَكَّرَ مِن خِصالٍ بِهِم، وَرَجاكَ في أَبهَى الخِصالِ
وتَستَجلِي خَفاياهُم بِعَطفٍ، وتَمسَحُ عن رُؤَاهُم كُلَّ بالِي
حُقُولُكَ قد حَرَثتَ فَها نَراها تَمُوجُ بِها السَّنابِلُ في اختِيالِ
حُقُولُ ثَقافَةٍ بِالقَلبِ تَرعَى، ودُونَكَ ذِي الحُقُولُ بِلا غِلالِ
وفِيكَ المُرتَجَى المَأمُولُ تَصبُو إِلَيهِ شَبِيبَةٌ، وَبِلَا مَلالِ
تَجِيءُ إِلَيكَ في نَهَمٍ لِقَطْفٍ، فَتَرتَقِصُ السِّلالُ على السِّلالِ
وتَسرَحُ في كُرُومِكَ، كُلُّ ساعٍ يُعَبِّئُ ما يَلَذُّ مِنَ الجَمالِ!
***
رَسُولٌ قِيلَ أَنتَ، فَهَل تَجَنٍّ، وأَنتَ مع الرِّسالَةِ في وِصالِ
حَمَلتَ صَلِيبَها حَتَّى تَراءَت، بِوَهْجِ فِداكَ، أَنصَعَ مِن خَيالِ
سَفَحتَ لَها اللُّهاثَ على وَفاءٍ، نَذَرتَ لَها العَزِيزَ وكُلَّ غالِي
وتَحياها على وَرَعِ المُصَلِّي، وفي مِحرابِها تَقضِي اللَّيالِي
وتَبرُزُ في النَّقاوَةِ حُلْمَ آتٍ، كَوَعْدِ الخَمْرِ في بالِ الدَّوالِي
رِسالَتُكَ العَظِيمَةُ أُسُّ بِرٍّ لِفِلْذاتٍ بِهِم شِيَمُ العِيالِ
وأَنتَ مَنارَةٌ، كَم مِنْ شُعُوبٍ تَهاوَت، في انحِسارِكَ، لانحِلالِ!
***
حَمَلتَ على الجَهالَةِ في عِنادٍ، تَدُكُّ حُصُونَها، وحِمَى الضَّلالِ
تُباشِرُها الصِّراعَ بِكُلِّ عَزْمٍ، ورائِدُكَ القِتالُ بِلا قِتالِ
فَسَيفُكَ، في مَواقِعِها، يَراعٌ، يَقُضُّ بِوَقعِهِ صُمَّ الجِبالِ
حَضاراتُ الدُّنَى، والبَدْعُ فِيها، نِتاجُ صَرِيرِهِ السَّامِي المَآلِ!
***
لقد أُبخِسْتَ حَقَّكَ مِن رَعاعٍ، يَرُوقُ لِغَيِّهِم رَمْيُ النِّبالِ
فَقالوا: مَنْ يَكُونُ، وذا وَضِيعٌ، يَبِيعُ مِنَ الكَلامِ لِقاءَ مالِ؟!
وكم شَمَتُوا فَكُنتَ بِهِم حَلِيمًا، وكم ظَلَمُوا ولَستَ بِهِم تُبالِي
أَلَا خَسِئُوا، فَأَنتَ شَهِيدُ عُمْرِ، وحالُكَ في الشَّهادَةِ خَيْرُ حالِ
وأَنتَ كَما النَّسِيمُ على تِلالٍ، تَفُوحُ بِكَ الزُّهُورُ على التِّلالِ
فَيا مَن كُنتَ طَوْدًا يَومَ كانُوا بِسَفحِكَ في دَبِيبٍ كَالنِّمالِ
أَلَا سِرْ غَيرَ هَيَّابٍ بِجَحْدٍ، وحَسبُكَ ما اكتَنَزتَ مِنَ الجَلالِ
أَنتَ، وإِن تَدَمَّت فِيكَ نَفْسٌ، أَشَفُّ مِنَ الأَثِيرِ(1)، ولا نُغالِي
أَلَا ابْقَ في العَطاءِ بِلا تَباهٍ، كَما كانَ «المُعَلِّمُ» في الخَوالِي(2)
وكُنْ، في كُلِّ مِضمارٍ مَنارًا، وفي عِبَرِ الدُّنَى أَرقَى مِثالِ!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الأَثِير: وَسَطٌ افتِراضِيٌّ يَعُمُّ الكَونَ، ويَتَخَلَّلُ جَمِيعَ أَجزائِهِ، وُضِعَ لِتَعلِيلِ انتِقالِ الضَّوءِ في الفَراغ
(2): «المُعَلِّمُ»: السَّيِّدُ المَسِيح / خَوالِي: جَمْعُ خالٍ وهو مَصْدَرُ خَلَا / خَلَتِ القَريَةُ مِنْ ساكِنِيها: رَحَلُوا عَنها /
خَلَا الَوقتُ وغَيرُهُ: مَضَى، ذَهَبَ وتَقَدَّمَ