إستنفار سياسي في سويسرا… وغياب عن الوعي في لبنان

يشعر المواطن في هذه المرحلة، بخطورة تسارع الإنهيار وبواقع أن الليرة بدأت تفقد قيمتها بسرعة قياسية، وذلك على الرغم من تدخل مصرف لبنان المركزي والذي ساهم بتراجع الدولار في السوق السوداء، مع العلم أن أوساطاً اقتصادية مطلعة، تتوقع أن يكون التدخل مجرد “إبرة بَنج” مؤقتة، قد تحدّ من خطورة انهيار الليرة لأيام معدودة ليس أكثر، في غياب الإصلاحات المالية، وبالتالي، فإن التضخم سيلتهم ما تبقّى من القوة الشرائية عند المواطنين.

 

وأكثر ما يثير القلق، كما تكشف الأوساط الإقتصادية لـ”ليبانون ديبايت”، أن الأمور متروكة وكأن لا وجود لأي سلطة مسؤولة من واجبها اتخاذ إجراءات تخفيفية لمواجهة الكارثة، كما على سبيل المثال، تعاطيها مع إضراب المصارف، والذي انتهى اليوم، وكأن الأمر لا يعنيها، وكأنه ليس من واجبها معالجة الأسباب التي دفعت إليه، وبدت غائبة بالكامل عن القيام بواجبها من أجل تأمين الحدّ الأدنى من الإنتظام المالي والمصرفي بانتظار المعالجات الجذرية الموعودة.

 

في الموازاة، تقول الأوساط إن من يراقب ما يحصل في الأسواق العالمية، أي الخضّات المصرفية التي بدأت في الولايات المتحدة الأميركية، وانتقلت إلى سويسرا وإلى الأسواق الأوروبية أيضاً، يطرح علامات استفهام حول تداعياتها المحتملة على القطاع المصرفي العالمي وأيضاً اللبناني، لكنها تجزم أن ما جرى في الأسواق العالمية لن يؤثر على الوضع اللبناني بشكل مباشر، ولكنه فضح السلطة السياسية في لبنان أكثر مما هي مفضوحة حتى الآن.

 

وفي هذا السياق، تتحدث هذه الأوساط عن نقطتين بارزتين: أولاً سرعة وفاعلية الإجراءات التي قامت بها السلطات السياسية والنقدية في كل من الولايات المتحدة وأوروبا لمعالجة الأزمات التي برزت، ولمحاولة منع انتقال عدوى الخضّات إلى القطاع المصرفي ككل، إذ قامت السلطات بطمأنة المودعين، كما عمدت إلى دعم وطمأنة المصارف ومساعدتها على تحاشي الوصول إلى ما وصلت اليه مصارف أخرى أصيبت بالإفلاس مثل مصرف “سيليكون فالي”SVB، كما أن السلطات عمدت، وعلى سبيل المثال السلطات السويسرية، إلى الرعاية والإشراف المباشر على عملية استحواذ مصرف UBS على مصرف “كريدي سويس” خلال عطلة الأسبوع، أي عندما تكون الأسواق المالية مغلقة، بمعنى أن المسؤولين والمفاوضين قد سهروا ليلتين من أجل الوصول إلى اتفاق قبل بزوغ شمس يوم الإثنين حتى تفتح الأسواق المالية، وتكون الأمور هادئة وتحت السيطرة

 

وأمّا النقطة الثانية، تتابع المصدر، فقد ظهرت في طريقة التعاطي مع المصارف التي كانت تتمّ على أساس أن المصارف هي النواة الصلبة في الوضع المالي والإقتصادي في أي اقتصاد، وبالتالي السلطات السياسية تعرف أنه من مسؤوليتها ومن واجبها حماية هذا القطاع من أجل حماية الإقتصاد، ومن دون أن يعني هذا الأمر حماية أي مرتكب من المحاسبة في حال تبيّن وجود خرق للقوانين.

 

وفي خلاصة هذه المعطيات، تشير الأوساط، إلى فرقٍ شاسعٍ بين ما تقوم به حكومات العالم، وبين ما تفعله السلطات اللبنانية الغائبة عن السمع والوعي منذ ثلاث سنوات ونصف ولا تزال.