فرنسا بين نارين: أين الأم الحنون؟

قد يكون السؤال الأول المطروح في لبنان اليوم، يتمحور حول ما بعد زيارة رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وقدرة فرنسا “الأم الحنون” للبنان، على إحداث خرق في الإستحقاق الرئاسي، وملء الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية.

في المقابل، فإن شريحةً من اللبنانيين تسأل أيضاً: “هل ما زالت فرنسا الأم الحنون لكل اللبنانيين”؟

في مصالح الدول وسياساتها وخياراتها، لا يوجد شيء إسمه “الأم الحنون”، إذ يصف المحلِّل السياسي علي حماده هذا التعبير بأنه “قديم وفولكلوري، كون فرنسا دولة كبرى ولديها مصالح في منطقة الشرق الأوسط ومن ضمنها لبنان، حيث لديها اهتمام عاطفي بلبنان على مستوى فرنسي شعبي، كما على مستوى المؤسّسات، إذ يعتبر الفرنسيون في مكانٍ ما، أن “لبنان فيه شيء من فرنسا والخصائص الفرنسية، إضافةً إلى اهتمامٍ ثقافي مرتبط بالإشعاع الثقافي التاريخي”.

في المقابل، يؤكد المحلِّل حماده لـ”ليبانون ديبايت”، أن فرنسا بسياستها اللبنانية “لا تلعب لحساب فريقٍ دون آخر”، لكنه يكشف أنها في بعض المحطات، يمكن أن تميل لفريق دون آخر، كما على سبيل المثال اليوم، ميل فرنسا لتأييد ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وهو مرشّح “حزب الله” ، وبالتالي، من الناحية العملية، إنه ميل لفريق دون سواه، وهذا له علاقة بالقراءة الفرنسية للمشهد اللبناني ولمصالح فرنسا داخل لبنان.

ولكن حول القدرة الفرنسية على تحقيق هذا الأمر، لا ينكر حماده، وهو الزائر الدائم لباريس، أن فرنسا تعتبر، وبهذا الموضوع بالتحديد، أنه “من دون تسوية مع الإيرانيين بموضوع رئاسة الجمهورية، لا يمكن وضع لبنان على سكة الحل، لأن الإيرانيين وذراعهم اللبنانية أي “حزب الله”، قادرون على العرقلة وسيعرقلون، وبالتالي، يعتبر الفرنسيون أنه لا بد من إعطاء الإيرانيين والحزب شيئاً”.

وبالتالي، يجزم حماده، وجود شعور في لبنان اليوم، بأن فرنسا “منحازة إلى الخيار الذي يريد حزب الله فرضه رئاسياً على كل اللبنانيين، لكنهم في المقابل يعرفون أن ثمة موانع أساسية تحول دون تحقيق هذا الخيار وهي:

1- هذا الترشيح لا يلقى موافقة من شرائح واسعة في لبنان بدءاً بالشريحة المسيحية، وهناك معارضة مسيحية شبه جامعة لترشيح سليمان فرنجية.

2- المحور العربي الذي تقوده السعودية غير موافق على هذا الخيار، وأي محاولة لوضع لبنان على سكة الحل، أي الإنقاذ الإقتصادي والمالي والسياسي، من دون دعم عربي أمر مستحيل”.

وعليه، يرى حماده، أن باريس “واقعة بين نارين، نار خيارات إيران والحزب، ونار الحقائق على الأرض التي تفيد بأن هناك استحالة لانتخاب فرنجية”.

ويخلص إلى الإشارة، إلى أن فرنسا “مهتمة بلبنان وبمصالحها، ولكن هناك أيضاً اهتمام فرنسي، وهناك عطف في مكان ما في المجتمع الفرنسي لكل ما هو لبناني، وهي حقيقة يلمسها كل اللبنانيين الذين يحملون الجنسية الفرنسية، كما يلاحظها المتنقّلون بشكلٍ مستدام بين بيروت وباريس في حياتهم اليومية