عوده: حتى إنتخاب رئيس للبلاد عصي عليهم

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس.

بعد قراءة الإنجيل المقدس ألقى عظة قال فيها: “هذا الأحد هو الأخير من الصوم الأربعيني، نلج بعده ميدان الأسبوع العظيم المقدس، الأحد المقبل، مع دخول الرب يسوع إلى أورشليم ليتألم ويصلب ويقوم في اليوم الثالث.

خصصت كنيستنا المقدسة هذا الأحد لتذكار القديسة البارة مريم المصرية، التي هجرت أهلها عندما كانت في الثانية عشرة من عمرها، قاصدة مدينة الإسكندرية حيث عاشت سبع عشرة سنة في الفجور والزنى هناك، علمت بأن سفينة ستبحر نحو أورشليم، للإحتفال بعيد رفع الصليب الكريم المحيي، فقررت أن تسافر على متنها، ليس بداعي التوبة والسجود للصليب، بل سيرا وراء شهواتها.

 

وأضاف عوده, “إلا أن الصليب، وإن لم يكن هدف زيارتها إلى أورشليم، قد أوصلها إلى القيامة المنشودة وأصبحت مثالا يحتذى للتوبة الحقيقية ولعدم اليأس من رحمة الله. فحين وصلت إلى أورشليم حاولت الدخول إلى كنيسة القيامة حيث الصليب المقدس، إلا أن قوة خفية منعتها من الدخول حاولت مرات عديدة ولم تنجح.

وتابع, أدركت أن ما جرى هو نتيجة خطاياها فجلست في زاوية قرب الكنيسة تبكي، مصلية إلى والدة الإله، معاهدة إياها بألا تعود إلى الخطيئة إن أهلتها للدخول إلى الكنيسة والسجود لصليب المسيح، وهكذا حصل إذ بعد دخولها إلى الكنيسة والسجود للصليب ذهبت إلى بادية الأردن وعاشت أربعين سنة في الصحراء وحيدة تصلي تائبة، وقد بلغت مرتبة نادرة في النقاوة حتى أصبحت مثالا للتوبة”.

وقال عوده: “ليس هناك إنسان منزه عن الخطأ، إنما هناك إنسان يخطئ وعندما يدرك عمق ما فعل يتوب، وهناك إنسان يخطئ ويمعن في الخطأ، غير آبه بنتائج أفعاله، غير سامع لصوت ضميره، غير مهتم بالأذى الذي يسببه للأسف، يعج بلدنا بالصنف الثاني”.

وأردف, “زعماء وسياسيون ونواب وحكام لا يرون إلا مصالحهم، ولا يعملون إلا وفق إنتماءاتهم لا يخجلون مما أوصلوا البلد إليه تطلق الإتهامات بالصفقات والتجاوزات ولا يهتمون يتراشقون بشتى التهم ويتصارعون، يتشاتمون ولا يخجلون من استعمال لغة لا تليق لا بمسؤول ولا بنائب ولا بأي إنسان لم يتخطوا بعد الصراعات الطائفية والمناطقية والحزبية، ولا الأنا والأحقاد”.

وشدّد عوده على أنهم, “يتلهون بالخطابات والمماحكات عوض الإنصراف إلى وقف التدهور وبدء عملية الإصلاح، وكأن لا نية لديهم للإصلاح حتى إنتخاب رئيس للبلاد عصي عليهم، وهو أبسط الواجبات، وأولى الخطوات الإنقاذية هل خلا لبنان من شخصية قادرة على قيادة مسيرة الإنقاذ، يجتمع حولها العدد الكافي من النواب؟ البلد كله معطل إداراته معطلة، الموظفون مضربون، مصالح الناس معطلة، مليارات الليرات تهدر ونستجدي المعونة. كيف لهم أن يعيشوا دون وخز ضمير وأن يناموا دون قلق؟؟ “.

واستكمل, “عوض بناء أمجادهم عليهم بناء دولة، وإنقاذ وطن، وإصلاح الإدارات والنفسيات نحن بحاجة إلى قادة لا إلى زعماء نحن بحاجة إلى مفكرين رؤيويين، إلى أصحاب قضية يدافعون عنها، لا إلى سياسيين يتسلون بالحكم وبالشعب”.

وختم: “دعوتنا اليوم هي إلى التواضع والتوبة والرجوع إلى الرب، حتى نستأهل المشاركة في المائدة الفصحية، فنصرخ: “حقا قام الرب، ونحن قمنا من موت خطايانا”.