تشدّد عربي لإنقاذ لبنان من الإنهيار

ليس سهلاً على أي جهة داخلية، الحديث عن أية أسباب موجبة للواقع الحالي أمام موفدي عواصم القرار العربية والدولية وسفرائها الناشطين في بيروت، عرض الأسباب أو المبرّرات للواقع الحالي الذي تشهده الساحة الداخلية، ومؤسسات الدولة المتّجهة نحو التحلّل، بفعل العجز عن إنتخاب رئيس الجمهورية وإطلاق إنتظام الأعمال في كل هذه المؤسسات.

كذلك، لن يكون من السهل على أي مسؤول الحصول من الدول المعنية، وتحديداً من الدول المانحة، على مساعدات مالية سريعة ومباشرة على غرار مؤتمرات باريس الأول والثاني ومؤتمر “سيدر”، من أجل تأمين إنقاذ الليرة ولجم الإنهيار المالي السريع.


وقبل القراءة النهائية لمستقبل الساحة الداخلية، تتحدث أوساط زوار العاصمة الفرنسية، عن رسالة مفادها أنه ينبغي على اللبنانيين الإنتباه إلى أن التفاهم اللبناني – اللبناني هو المطلوب قبل أي تفاهم آخر إقليمي أو دولي، وهو ما أثبتته مختلف التحركات الداعمة للبنان، وبشكلٍ خاص الحراك الفرنسي.

وتؤكد الأوساط لـ”ليبانون ديبايت”، أن لبنان ليس بحاجة إلى مؤتمر جديد، ولا إلى نقاش حول التسوية خارج لبنان، طالما أن كل الأطراف أعلنت تمسّكها باتفاق الطائف، وبأن ما يحتاجه لبنان هو رعاية ومتابعة لتطبيق الدستور، أو الطائف بشكل كامل وليس استنسابياً كما كان يحصل خلال الوصاية السورية وما بعدها عندما انفلتت الأمور وبدأت الإنهيارات.

ورداً على سؤال حول الموقف العربي والدولي من الحراك الفرنسي، يكشف زوار العاصمة الفرنسية، عن دعمٍ مشروط بلائحة من الإصلاحات المالية والسياسية والإقتصادية، والتي تبدأ بالطبع من البوابة السياسية، وفي المقابل، على الجانب اللبناني، عرض رؤيته أولاً، وما يحتاجه من مشاريع ثانياً، لدرسها من قبل الدول المانحة، على أن تنفّذ هذه المشاريع بالشراكة بين المؤسّسات الدولية والمؤسّسات اللبنانية.

وعن الإصلاحات السياسية والإقتصادية، تتحدث الأوساط، عن أفكار تبدأ في الدرجة الأولى بوضع استراتيجية دفاعية وسياسة دفاعية تراعي الوضع اللبناني، وتنفيذ إصلاحات حقيقية، خصوصاً وأن لبنان لم يعد يملك ترف الوقت، وبالتالي، لن تقوم الدول المانحة، وبشكلٍ خاص الدول الخليجية، بإعطائه الأموال والإتكال على وعود المسؤولين اللاحقة، وذلك، بعدما بات مؤكداً أن أي دعم مالي أو قرضٍ قُدِّم في السابق، قد ذهب إلى حسابات وجيوب المسؤولين، لذلك فإن المساعدات لن تأتي بشكل مباشر، ولا سيما المساعدات المالية، كما كان يحصل سابقاً من خلال وديعة مالية سعودية أو خليجية في المصرف المركزي، مقابل تعهد من كل الأطراف بتنفيذ إصلاحات حقيقية متابعة مباشرة لتنفيذ الطائف.

ومن هنا، يبرز تشدّد عربي، وخصوصاً سعودي، على أن الدعم العربي سيكون مشروطاً بمتابعة شبه مباشرة، ومن دون أن يعني هذا تدخلاً بشؤون لبنان، بقدر ما هو حرص على تنفيذ الإصلاحات وإنقاذ لبنان من واقع الإنهيار.