طرحت زيارة مفوّض الأزمات في الإتحاد الأوروبي يانيز لينارتشيتش إلى لبنان، علامات استفهام كثيرة حول ما أعلنه بالنسبة للنازحين السوريين، وذلك، لجهة مغزى استمرار الإتحاد الأوروبي في السياسة الإغاثية لهم في الدول المضيفة، ومن بينها لبنان، وذلك بدل الإنكباب على حل سياسي يمهِّد لإطلاق عودة النازحين إلى سوريا، وبالتالي، التخفيف عن الشعب اللبناني، خصوصاً مع ما يشهده من انهيار مالي واقتصادي واجتماعي.
وإذا كان مفوّض الأزمات الأوروبي، الذي تفقّد مخيماتٍ للنازحين السوريين في البقاع، وأعلن عن رزمة مساعدات إنسانية جديدة للمجتمعات اللبنانية المضيفة، ومجتمع النازحين، بقيمة 60 مليون يورو، وذلك، لرفع مساعدات الإتحاد الأوروبي الإنسانية للبنان لدعم الصمود جراء النزوح، فإن سؤالاً بديهياً يطرح نفسه، يتمحور حول وجود أفق لعودة النازحين السوريين، أم أن لبنان أمام توطين مقنّع؟
“لبنان يدفع ثمن ارتكابات منظومة تحالف الفساد والسلاح غير الشرعي، في عدم إقرار سياسة عامة تنظّم الوفود والوجود، وترتكز إلى ديبلوماسية عودة النازحين منذ العام 2011، وما نشهده هو عوارض كارثية للفشل المتعمّد للسلطة المركزية، ولتأخّر السلطات المحلية، وأيضاً انسداد أفق الحل السياسي في سوريا، بما يمهِّد لعودة النازحين إلى بلادهم”، بهذه العبارات بدأ المدير التنفيذي لملتقى التأثير المدني زياد الصائغ حديثه لـ “ليبانون ديبايت”، حول واقع النزوح الحالي، بحيث وجد أن الإتحاد الأوروبي، كما الأمم المتحدة، “معنيون باستمرار تقديم الدعم للمجتمعات المضيفة اللبنانية، وكذلك لمجتمع النازحين من سوريا، كون هذا يسدّ بالحدّ الأدنى حاجةً، لكنه يُسهِم أيضاً في التخفيف من التوتر بين المجتمعين”.
ويشير الصائغ، إلى أن الأعباء الناجمة عن الإنهيار المالي والإقتصادي والإجتماعي قد باتت “كارثية”، وهي تقتضي معالجةً جذرية، مؤكداً أن لبنان اليوم “أمام محاذير كيانية وجودية، ليس حصراً على لبنان وهويته، بل على النازحين أنفسهم، إذ أننا أمام تشتيت لمجتمعين معاً، وتفريغ لجغرافيا وتحوّل في الديمغرافيا، ما يحتّم عدم الإنسياق إلى أي صدام، بل فهماً لطبيعة التحدّي، ومنع المنظومة من استغلال المأساة للتعمية عن ارتكاباتها”.
ورداً على سؤال عن مؤتمر بروكسيل لدعم سوريا والمنطقة، الذي يعقده الإتحاد الأوروبي في حزيران المقبل، وتأثيره على عودة النازحين، يوضح الصائغ أنه “تقليدي، ويسترسل في الإنساني، وهذا يعتبر قصوراً لسياسة الجوار الأوروبية، وعلى لبنان أن ينتهج ديبلوماسية علمية للعودة، بدل التسوّل والتهويل بمؤامرات هنا وهناك”.
أمّا عن عودة النازحين وإمكانية وتوقيت هذه العودة، فيجيب الصائغ:” مَن يمنع عودة 600 ألف نازحاً سورياً إلى القلمون والزبداني والقصير؟ الإجابة على من ولماذا، تثبت من هي الجهة التي تعرقل هذه العودة”، وبالتالي، يؤكد أن التعقيدات مستمرة في هذه القضية الكيانية والوجودية، مشدّداً على ضرورة وقف الإرتجال والشعبوية والتسييس فيه.