مراوغة حكومية… والشارع يغلي

دخلت حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي، في مدار عطلة عيد الفصح المجيد، ورحّل رئيسها الجلسة التي كانت متوقّعة هذا الأسبوع، إلى موعدٍ يحدّد لاحقاً، ومن دون أن يكون هذا الموعد في الأسبوع المقبل، وفق ما كشفت أوساط سياسية مطلعة، بحيث جزمت بأن البند الوحيد الذي كان سيبحثه مجلس الوزراء، والمتعلِّق بزيادة الرواتب والأجور في القطاعين العام والخاص، وللمتقاعدين والعسكريين في الأجهزة الأمنية، قد تمّ تعليقه، على الأقلّ في الوقت الحالي، بانتظار جهوزية الحكومة للبتّ في ملفات أخرى على القدر نفسه من الأهمية، كإضراب موظفي هيئة “أوجيرو”، وذلك، مع العلم أن أي عودة إلى الإضراب في الهيئة، سوف يُدخل البلاد مرةً أخرى في واقع التهديد بانقطاع الإتصالات والإنترنت في مناطق عدة، بسبب الأعطال التي قد تطرأ على السنترالات، والتي لن يتمكن الموظفون المضربون من إصلاحها.

وفيما ترفض الأوساط الوزارية نفسها، الدخول في تفاصيل إرجاء جلسة الحكومة، والتي كانت مقرّرة يوم الإثنين الماضي، فهي تلفت إلى أن “ازدحام” التطورات على الساحة الداخلية في الأيام الأخيرة، لا سيما ما يحصل على الجبهة الجنوبية بالأمس، قد رسم واقعاً حكومياً جديداً، وبالتالي، فإن هذا الواقع قد يحول دون أي بحث حكومي في الملف الأساسي المطروح وهو الرواتب.

وتعزو هذه الأوساط، الأسباب التي دفعت نحو تجميد البحث بشكلٍ جدي وحاسم، إلى الأوضاع المالية، وبالتالي، ما يتمّ بحثه في الإدارات المعنية من عجزٍ في المالية العامة، والذي ينبىء بعجزٍ واضح عن توفير أية تقديمات جديدة للعاملين في القطاع العام والمتقاعدين، الذين ينتظرون الجلسة الحكومية الموعودة، ومن دون أن يجمّدوا أية تحرّكات أو خطوات على مستوى اللقاءات مع الوزراء المعنيين ومع النقابات، من أجل اتخاذ الموقف المناسب، في حال لم تُعقد الحكومة جلسةً في المدى المنظور من أجل النظر في رواتبهم وأوضاعهم الصعبة، وذلك، بعدما فقدت هذه الرواتب قدرتها على تأمين مقوّمات العيش الكريم لكل موظف أو متقاعد، سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص.

وعليه، فإن الأوساط السياسية، تعتبر أن ما استُجدّ على جبهة الدولار في السوق الموازية، والذي تراجع بشكلٍ ملحوظ في الأيام القليلة الماضية، ما ساهم في تقليص الفارق ما بين سعره في السوق السوداء وسعر منصّة “صيرفة”، تزامناً مع استمرار المشاورات على خطّ وزارة الإتصالات مع الموظفين الذين علقوا إضرابهم حتى انعقاد الجلسة الحكومية، قد شكّل عوامل مؤثرة في التوجّه الحكومي، ولا سيما في ضوء ما يتمّ التداول به بين وزراء معنيين، عن اتصالات تجري وراء الكواليس، وبعيداً عن الأضواء، من أجل ترتيب بعض الملفات التي تتطلّب موافقة الحكومة، وذلك، من دون إسقاط العامل السياسي المتمثّل باحتمال المعارضة أو المقاطعة من قبل بعض الوزراء لهذه الجلسة.

لكن الأوساط المطلعة، تستدرك بأنه سيكون من الصعب على أي فريق سياسي أن يتّخذ أي خطوة من جلسة الحكومة قد تضعه في مواجهة مئات الآلاف من الموظفين والعسكريين الذي نزلوا مرتين إلى الشارع، وربما يلجأون مجدداً إلى التحرّك من أجل المطالبة بتصحيح أوضاعهم.