يتجاوز ما سيحصل يوم غد الثلاثاء، كلّ الخطوط الحمراء في المفهوم الإداري، كما الأمني، إذ يثبت أن مفهوم “المزرعة”، ما زال يتحكّم بالإدارة، حتى في إدارة الأجهزة الأمنية، ولكن بالطبع، بالنسبة لهذا الجهاز، لطالما فاحت من إدارته روائح الفساد والرشوة.
وبتاريخ 11/4/2023 سيُمرّر المجلس الأعلى للجمارك قرار تعيين 398 رتيباً من عناصر الضابطة الجمركية في الجهاز الإداري للجمارك، ووفق مهزلةٍ لا يتناولها القانون بأي مادة من مواده.
فقد خضع هؤلاء العناصر إلى مباراةٍ صدرت نتائجها في اليوم نفسه، والمفارقة أنهم نجحوا جميعاً، وهم بغالبيتهم من لونٍ طائفيٍ معيّن، حيث أن ما يقارب 90% منهم مسلمون، وذلك، في إقصاءٍ واضحٍ للمسيحيين، وبعلم ورضى مدراء مسيحيين في هذا الجهاز، على الرغم من أن المواد القانونية تقول بانتقاء عناصر، وليس إجراء مباراةٍ صورية، الهدف منها التغطية على هذا الإرتكاب الفاضح.
ووفق مصادر مواكبة لهذه العملية، فإنّ “بعض هؤلاء العناصر تحوم حولهم شبهة فسادٍ إداري، عندما كانوا ضمن وظيفتهم العسكرية، وأن التمديد لهم بالسلك الإداري للجمارك، سيكون تمديداً لخمس سنوات إضافية من الفساد في هذه الإدارة”.
والهدف من التمديد لهؤلاء، هو تمديد استفادتهم إلى الحدود القصوى من الوظيفة، وأمّا هدف التمديد لهم إلى عمر الـ 59، فهو تمكينهم من الإستفادة من ارتفاع حجم تعويضاتهم، لا سيّما بعد تصحيح الرواتب، لأن خروجهم من الخدمة اليوم، يعني أنهم سيتقاضون رواتب تقاعدية وفق الرواتب الحالية، وتعويضاتٍ لن ترقى إلى مستوى ما كانوا يحظون به لو كانوا في الوظيفة.
تمديد الفساد لخمس سنواتٍ أخرى في الجمارك، يتناقض اليوم مع المساعي الدولية لمكافحته، وعلى أعلى المستويات الدولية، ويعرقل الإصلاحات التي يُطالب بها صندوق النقد الدولي، وبالتالي، يُهدِّد الإتفاق معه، فهل تقبل حكومة تصريف الأعمال بنسف الإتفاق كرمىً لعيون بعض أزلامها؟