في ظل الأزمات الإقتصادية والإجتماعية الخانقة التي يعيشها اللبنانيون, يبدو أن البلد على مشارف الدولرة الكاملة وأن لم يعلن ذلك بشكل رسمي, فالتداول بالدولار أصبح رائجاً بين الأفراد وداخل المؤسسات التجارية وحتى داخل مؤسسات الدولة. فهل الدولرة هي الحل الأنسب لمشاكل لبنان النقدية والمالية؟
رأى الخبير الإقتصادي انطوان فرح, أن “هناك مفهومين للدولرة الكاملة, الأول هو أن تتخلى الدولة عن عملتها الوطنية وتعتمد الدولار كعملة رسمية وللتبادل التجاري وإبرام العقود, والثاني إلى جانب العملة الوطنية إعتماد الدولار كعملة رسمية يمكن إبرام العقود الداخلية بواسطتها وإبرام العقود الخارجية والتجارية, ويتم تسديد العقود بالدولار إذا أُبرمت في الدولار ويتم الدفع بالعملة الوطنية في حال أبرمت العقود بالعملة الوطنية”.
وفي حديث إلى “ليبانون ديبايت”, قال فرح: “في لبنان هناك مفهوم ثالث مختلف, الدولرة موجودة لكن لا ينطبق عليها المفهوم الأول ولا الثاني, حيث الدولة لم ولن تتخلّى عن الليرة, ولا ينبطق على المفهوم الثاني لأن هناك ثغرات ومنافذ في القوانين تسمح بأن يتم إبرام عقود بالدولار ويعود أي طرف أبرم هذا العقد يدفع بالليرة ويلزم الطرف الآخر بالقبول لأن القانون يسمح بذلك”.
وأضاف, “لا يمكن للدولة ان تأخذ قرار التخلّي عن الليرة, فالعملة الوطنية هي ليست مجرّد أداة للتبادل التجاري فهي أداة إقتصادية لإدارة الإقتصاد من خلال دعم العملة او تخفيف قيمتها فكل هذه عوامل تساعد على إدارة الإقتصاد”.
وتابع, “الدولة ليس لديها عملية إنتاج للدولار وليس لديها القدرة على التحكّم بهذه العملة, وبالتالي يصبح الوضع خطيراً”.
واعتبر أن “ما يجب تطبيقه اليوم في لبنان هو المفهوم الثاني للدولرة والإستغناء عن المفهوم الثالث, بإعادة وضع تشريعات تلزم العقود التي تعقد بالدولار أن تدفع بالدولار, وفي حال قامت الدولة بهذه التشريعات وقبل الوصول إلى خطة التعافي، يتحرّك ولو بشكل ضئيل القطاع المصرفي”.
وختم فرح, بالقول: “هناك مصارف لديها الإمكانية على لعب دور بسيط بإقراض بعض الزبائن لديها لتوسيع الأعمال, لكن لا تتجرأ اليوم على القيام بهذه الخطوة لأن لا تشريع يحميها, في حال أعطت القروض بالدولار فمن الممكن أن تسترجعها باللولار, وبالتالي يجب أن تقوم الدولة بهذه التشريعات لكي ندخل على الدولرة في المفهوم الثاني بما معناه أن يصبح الدولار عملة معتمدة رسمياً إلى جانب العملة الوطنية الأولى المعتمدة رسمياً”