سباق بين التسوية السياسية والتطورات الإقليمية

لا زالت باريس المحطة الأبرز للإستحقاق الرئاسي من خلال الزيارات التي قامت وتقوم بها قيادات لبنانية إلى العاصمة الفرنسية، في الآونة الأخيرة. وفي هذا السياق، تشير معلومات أحد المراجع السياسية، أن كل اللقاءات التي حصلت وتحصل مع مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل، هي للإستماع إلى كل من يلتقيه، دون أن يكون له أي طلب كدعم لرئيس تيار “المردة”، ولكن هناك أسئلة يطرحها دوريل حول فرنجية كمرشّح رئاسي بشكل عام، متطرِّقاً إلى علاقاته الداخلية والعربية، ما يعني في المحصّلة، أن باريس تدعم هذا الخيار، ولكن في الوقت عينه، وعبر الإجتماعات التي تحصل مع القيادات اللبنانية، هي عملية استكشاف للأجواء، وما لدى هذه المرجعيات السياسية من تصوّر حول شخصية الرئيس العتيد للجمهورية، وكل ما يحيط بالإستحقاق الرئاسي بصلة.

لذلك، ليس في الأفق ما يؤكد بأن زيارات البعض من الأطراف اللبنانية إلى العاصمة الفرنسية، قد يؤدي إلى حلحلة العقد وانتخاب الرئيس، لأن ما يجري لا يعدو كونه محاولات “جسّ نبض”، وذلك في إطار تحضير دوريل، لملفٍ متكامل حول ما لدى المسؤولين اللبنانيين حيال المرشح الذي يرونه مناسباً، على أن تنقل وجهات النظرهذه، مع ما حملته زيارة الموفد القطري وزير الدولة في وزارة الخارجية محمد عبد العزيز الخليفي، من تصوّرات، لتكون هناك جلسة تقييمية للقاء الخماسي الذي سيعقد في وقت قريب، ومن ثم تحصل جوجلة لكل المواقف التي أفضت بها المرجعيات السياسية المحلية، قبل تحديد ما لدى هذه الدول من خيارات في ما بينها، على اعتبار أنه، وفي اللقاء الأخير، حصلت تباينات كبيرة حول تبنّي باريس لفرنجية، الأمر الذي رفضته الدول الأخرى.


ولكن وفق الأجواء والمعطيات التي يتناقلها البعض، ليس هناك من حسم نهائي لرفض فرنجية أو “فيتوات” من هذه الدولة وتلك، وإنما تمنٍّ على اعتماد الخيار الثالث بعيداً عن الإصطفافات من هذا الفريق وذاك، مما يرضي الجميع دون استثناء. وبناءً عليه، فإن المعلومات، تشير إلى عقد لقاء ثلاثي في القاهرة بين السعوديين والأميركيين والمصريين قبل اللقاء الخماسي، بهدف وضع تصوّر موحّد، في سياق معلومات أخرى حول تبنّي ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون، وحيث قطر بدورها داعمة لهذا الخيار، وهي التي رشّحته من قِبَل ممثلها في اللقاء الخماسي الوزير الخليفي.

لذلك، ينقل بأن التباين الحاصل مع فرنسا من قبل هذه الدول، لن يُحَلّ في المدى القريب قبل التوافقات على ملفات أخرى، بمعنى أن هناك تقاطعاً في الملفات الإقليمية والعربية من لبنان إلى شمال سوريا، ومسائل أخرى تشكل بدورها خلافاً بين واشنطن وباريس، ما يستوجب إجماعاً خماسياً حول شخص الرئيس العتيد في لبنان، ليكون الغطاء الدولي والإقليمي عاملاً أساسياً لدعمه ولانتخابه.

وأخيراً، وأمام هذه الوقائع والأجواء، فإن المخاوف من تعطيل الإستحقاق أو التشويش على المساعي الجارية من قبل الدول الخمس، إنما هو في إمكان خلق إرباكات أمنية على الساحة الداخلية، ولا سيما أن التوتر السياسي والعسكري لا زال قائماً من لبنان إلى سوريا في إطار حرب الصواريخ المتبادلة، وخصوصاً ما جرى مؤخراً في الجنوب والجولان، ولبنان ليس بمنأى عن أي تصعيد أو تطورات عسكرية، لذلك، هناك إصرار من المعنيين بالملف اللبناني للإسراع في التوصل إلى تسوية شاملة قبل أي أحداث أو تطورات ما، قد تتعرّض لها الساحة الداخلية.