بعد إجتماع باريس الخماسي في السادس من شباط الماضي، تم الإتفاق بين الدول المشاركة على مواصفات معينة لرئيس الجمهورية اللبنانية، إلاّ أن الطرف الفرنسي خرج عن مجريات الإجتماع ولجأ إلى تسويق مقايضة بين النائب السابق سليمان فرنجية في رئاسة الجمهورية والسفير السابق نواف سلام في رئاسة الحكومة، الأمر الذي ترفضه المملكة العربية السعودية بشدة. والخلاف الفرنسي السعودي آخذ بالإتساع أكثر فأكثر، من خلال تمسك باريس علانية وبشكل رسمي بتبني خيار المقايضة.
في هذا الإطار أكد المحلل السياسي وجدي العريضي, أن “المملكة العربية السعودية تتعاطى مع الملفات العربية والدولية كل على حدى، وبإطار إستراتيجي تعمل من خلاله على سلامة الشعوب العربية وعلى إرساء الإستقرار السياسي والأمني والإقتصادي فيها وهي تتعاطى مع لبنان في إطار العلاقات التاريخية بين البلدين”.
وأوضح في حديث لـ”ليبانون ديبايت”, أن “المملكة تتعاطى مع فرنسا في إطار علاقة دولة مع دولة أخرى فالسعودية موقعها وحضورها على المستويين العربي والإقليمي، كذلك باريس هي من عواصم الدول الكبرى، وتعمل أيضاً في لبنان، ولها خصوصيتها التاريخية”.
وتابع “لكن يمكنني القول والتأكيد وفق ما أملك من معلومات ومعطيات، أن الدول الخمس ستعمل للملف اللبناني مجتمعة دون أي خلافات، عندما تصل الأمور إلى اللمسات الأخيرة، وحتى الآن هناك تباين بين هذه الدول خاصة بين المملكة والفرنسيين على ضوء ترشيحهم للنائب السابق سليمان فرنجية، ولكن فعلياً لا يمكن لفرنسا الدخول في خلاف مع السعودية في الملف الرئاسي اللبناني، فلن ينتخب أي رئيس للبنان، وهذه مسالة واضحة ومؤكدة، خارج الإرادة السعودية. لأن للمملكة دور تاريخي في لبنان وهي الداعم الأساسي له منذ الستينات والسبعينات وحتى اليوم، وفي كافة المحن التي مرت بها الساحة اللبنانية”.
وأكمل العريضي “فرنسا تدرك هذه الخصوصية، وتعلم أيضاً أنه لا يمكن إنتخاب رئيس بمعزل عن الأطراف اللبنانية كافة، لهذه الغاية سيتم تسوية الخلاف بين الطرفين، ومعطياتي تشير إلى أنه خلال زيارة مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دورال إلى السعودية حاملاً ضمانات من فرنجية، قوبل برفض شديد، وقالت المملكة أنها لن تدخل في التسميات ولكنها ليست مع أي رئيس يرشحه هذا الحزب أو ذاك، تحديداً حزب الله، أي تريد رئيساً بعيداً عن الإصطفافات ويكون لبنانياً وعربياً”.
وأردف, “حتى الآن لا يمكننا القول أن السعودية تقبل أو ترفض فرنجية فهي لم تقل كلمتها بعد، حددت المواصفات وتتعاطى على هذه الخلفية، لذا يجب إنتظار عودة الموفد القطري محمد عبد العزيز الخليفي القريبة إلى بيروت، الذي ستكون له سلسلة لقاءات مع الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري وكذلك، وهنا الأهم، مع كل من رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، لأنهما حتى الآن يرفضان وبشدة ترشيح فرنجية”.
وأستدرك بالقول: “في حال جاءت التسوية بشكل توافقي بين الدول الخمس لأي مرشح رئاسي، بإعتقادي، وهذه مسألة واضحة منذ الإستقلال إلى اليوم، سيقبل بها جميع الأطراف وسينتخب الرئيس”.
وأكمل, “الأجواء تنحو يإتجاه إنتخاب الرئيس في الشهرين المقبلين، ذلك لأنه إذا لم ينتخب رئيس وإنتهت مدة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على الدنيا السلام إقتصادياً ومالياً فنحن أمام أسابيع مفصلية”. مؤكداً أن الخلاف الفرنسي السعودي بشأن الملف الرئاسي ستتم تسويته في اللقاء الخماسي القريب وينتظر في هذا الشأن ما يحمله معه السفير السعودي وليد البخاري بعد لقاءاته في المملكة، وعندها يبنى على الشيئ مقتضاه”.
وختم العريضي: “التسوية وحدها تؤدي إلى إنتخاب رئيس للجمهورية والبعض في لبنان سيبصم على أي تسوية لأن الخلافات اللبنانية للأسف هي على الحصص والحسابات الداخلية فلم يعد هناك من لبنان ولم يعد هناك من دولة ولا من مؤسسات، كل شيئ تفكك وتحلّلت الدولة والتسوية هي الوحيدة التي ستنقذ لبنان وبمعزلٍ عن ذلك ليس هناك من إنتخاب رئيس”.