لا يمكن لـ”واشنطن” أن تخسر هذين الموقعين!

لا يمكن أن ينسحب الشغور في موقع رئاسة الجمهورية على موقع حاكمية مصرف لبنان المركزي، وهو ما يجمع أكثر من مسؤول ومرجعية سياسية ودستورية ومالية على التأكيد عليه، ولكن مع تقدم المهلة الفاصلة عن موعد نهاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، يتنامى هاجس الفراغ أو العجز أو الإنقسام داخل حكومة تصريف الأعمال عن القيام بهذه المهمة، نتيجة التعقيدات السياسية، مع العلم أنه لو حصلت الإنتخابات الرئاسية، ليس من المؤكد أن يتمّ تشكيل حكومة جديدة قبل تموز المقبل.

فهل تعيين الحاكم في المركزي أكثر صعوبةً من انتخاب رئيس الجمهورية؟ عن هذا السؤال تقول أوساط إقتصادية متابعة، إن المهام المنوطة بحاكم المركزي، دقيقة ومتشعّبة كون الحاكم الجديد سيجد نفسه أمام تحدي إنقاذ العملة الوطنية وتوحيد سعر الصرف، ولجم الإنهيار واكتساب ثقة اللبنانيين.

وتحدّد هذه الأوساط الإقتصادية لـ”ليبانون ديبايت”، مواصفات من الواجب توافرها في حاكم المركزي الجديد، كما تكشف عن “فيتو” أميركي واضح يتعلق بالشخصية التي سيتم ترشيحها لهذا المنصب، مشيرةً إلى أن الولايات المتحدة الأميركية، لا تتدخل في هذا التعيين ولكنها تملك حق الإعتراض على أي شخصية قد لا تعتبرها مناسبة، كما أنه لديها “كلمة” في تعيين قائد الجيش.

وبحسب هذه الأوساط، إن واشنطن لا تملك القرار لجهة الموافقة على تولّي شخصيتين المسؤولية في مصرف لبنان وقيادة الجيش، ولكن في الوقت نفسه، لا يمكن أن تخسر هذين الموقعين، وإن كانت لا تتدخل في التسميات بالنسبة للشخصيات التي يتم التداول بها حالياً.

وتوضح الأوساط، أن واشنطن لن توافق على الفراغ في موقع حاكم المركزي تحت أي عنوان، ولن توافق على أن تكون الشخصية التي ستتولى الحاكمية، قريبة من خطّ فريق 8 آذار، لافتة إلى أن الإدارة الأميركية لم تتدخل يوماً في مسألة ملاحقة سلامة، ولكنها تشدّد على عدم تسليم السياسة النقدية والمالية في لبنان إلى “محور الممانعة”.

وعن مواصفات الحاكم “المقبولة” من واشنطن، تشير الأوساط إلى أنها لا تهتم بالشخص، بل بالتوجّه الإقتصادي الذي يجب أن يكون قريباً من توجّهات الحاكم الحالي رياض سلامة، وأن يلتزم تطبيق القوانين والقرارات الدولية، وخصوصاً بالنسبة لتطبيق أية إجراءات مالية أو عقوبات بحق لبنانيين أو أجانب في لبنان.

أمّا بالنسبة للدور الفرنسي على هذا الصعيد، فإن الأوساط نفسها، ترى وجوب الفصل بين ملاحقة حاكم مصرف لبنان في فرنسا ودعم قيادتها لتعيين المصرفي سمير عساف في المركزي، بينما الأولوية الأميركية، تتركّز في ” منع وقوع حاكمية المصرف المركزي في أيادٍ غير أمينة”.

وبالنسبة للشخصيات المطروحة، تعترف هذه الأوساط، أن “البعض منها لا يتمتع بالكفاءة المطلوبة، وإن كان يعمل في الأسواق المالية ومتخصص في سندات الخزينة، كونه يعمل بالشق القانوني وليس النقدي، كما أن البعض الآخر قد يكون مؤهلاً من ناحية الخبرة في السياسة النقدية، مع العلم أنه من الممكن أن تكون الأسماء المطروحة لتعبئة الشاشات فقط، بينما التعيين في مكانٍ آخر، وربما يكون الحاكم الجديد شخصية غير معروفة كما كان سلامة عندما تمّ تعيينه.

لكن الأوساط، تساءلت عن أسباب مطالبة رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع، الحكومة، بتعيين حاكم مصرف لبنان الآن وليس في حزيران، موضحةً أن الحكومة اليوم أمام اختبار تعيين الحاكم الجديد للمركزي، والذي بدأ العدّ العكسي له، بينما تتزايد “الفيتوات” في الداخل كما في الخارج على الشخصية التي ستتولى هذه المهمة، كما على المشروع الذي ستحمله.