يكتسب الموقف الفرنسي المؤيد لانتخاب رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، أكثر من دلالة على هذا الخيار من قبل عواصم عدة معنية ومواكبة للملف الرئاسي، ويتزامن مع اهتمامٍ روسي برز من خلال التواصل مع المملكة العربية السعودية، كما مع قيادات لبنانية، وتصبّ في إطار دعم هذا الترشيح من جهة، والتركيز على إجراء الإنتخابات الرئاسية من جهةٍ أخرى.
وتعزو مصادر ديبلوماسية هذا التوجّه الروسي، إلى المتابعة الدائمة للملف اللبناني والتي تنسحب على كل الملفات والعناوين الداخلية سواء كانت سياسية أو إقتصادية أو حتى نفطية، بدلالة المواكبة خلال السنوات الماضية لتطورات الواقع الداخلي، وعلى وجه الخصوص ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، كما ملف النزوح السوري.
وتؤكد هذه المصادر لـ”ليبانون ديبايت”، أنه يجب عدم إغفال الدعوات الموجّهة من قبل القيادة الروسية إلى قيادات لبنانية ومسؤولين على مدى الأشهر، حيث أن نقاشاً متعدِّد الإتجاهات والمواضيع قد سُجِّل على هذا الصعيد، حيث أن ما تحقّق على مستوى الإتفاق حول استئناف العلاقات الديبلوماسية بين السعودية وإيران برعاية بكين، قد وجد تأييداً لافتاً من قبل القيادة الروسية، ولو أن الأولوية لدى موسكو اليوم، تبقى للحرب في أوكرانيا.
وبالتالي، لم ترَ المصادر الديبلوماسية، في التسويات التي تتكرّس في المنطقة، إلاّ مؤشراً إيجابياً على المرحلة المقبلة، وما ينتظر لبنان بالنسبة لخطة الإنقاذ التي تبدأ من الملف المالي لتصل إلى الدعم من خلال التنسيق مع أصدقاء موسكو في لبنان، من أجل مقاربة كل العناوين المطروحة على الساحة الداخلية بدءاً من انتخابات رئاسة الجمهورية إلى تشكيل الحكومة والنهوض بالإقتصاد، توازياً مع استحقاقات عدة ومهمة على المستوى الخارجي وتحديداً لجهة الإنفتاح على دول المنطقة بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى العلاقات اللبنانية السورية ومن ضمنها ملف النزوح السوري.
وفي سياق متصل، تشدِّد هذه المصادر على أن المرحلة السابقة من العلاقات الديبلوماسية بين بيروت وموسكو، مستمرة على واقعها السابق من حيث التفاهمات، ولكن ما يطرح إشكالات وعناوين خلافية بالنسبة لبعض الأطراف الداخلية، يرتبط بواقع التخبّط والإرباك والإنقسام السياسي بين القوى السياسية والحزبية اللبنانية، وفق ما تكشف المصادر الديبلوماسية نفسها، والتي تؤكد أن لبنان بكل مؤسّساته الرسمية حريص على العلاقات مع موسكو، وهو ما تكرّس مع كل الحكومات اللبنانية، بدلالة الإهتمام اللبناني بالموقف الروسي من الإستحقاقات اللبنانية، وعلى وجه الخصوص اليوم، الإستحقاق الرئاسي، بالإضافة إلى الزيارات الديبلوماسية التي يقوم بها مسؤولون روس إلى بيروت، حيث يبرز الدور الروسي الأساسي في كل من لبنان وسوريا، ولو تراجع هذا الدور على المستوى النفطي بعد انسحاب شركة التنقيب الروسية من “كونسورتيوم” الشركات المنقّبة عن النفط في لبنان خلال الأشهر الماضية.
ومن هنا، فإن الدعم الروسي والمساعدات التي قدّمتها موسكو إلى لبنان خلال الأزمة الإقتصادية والإجتماعية، كما الموقف الرسمي الروسي الداعي إلى إجراء انتخابات رئاسية وتكوين السلطة، ومعالجة ولجم الإنهيار المالي، هي بمثابة الثوابت لدى موسكو، على حد قول المصادر الديبلوماسية، التي تتوقّع تنامي هذا الدور في المستقبل، وذلك انطلاقاً من هذه الإتجاهات.